هالة خليل.. وجدت في الفن وسيلتها للتمرد على حياتها العادية التي خططتها لها أسرتها المحافظة، لتبدأ في تحقيق طموحاتها خلف الكاميرا، وتتعاون مع كبار النجوم. المخرجة هالة خليل.. فتاة نشأت فى أسرة محافظة، التي شجعتها على دخول إحدى كليات القمة، وحققت رغبتهم بالفعل، والتحقت بكلية الهندسة، وكان مسرح الكلية النقطة الفاصلة فى حياتها، والشاهد على تغييرها من فتاة مسالمة إلى امراة حالمة بأن تتساوى مع الرجل، وأن تحصل على استقلاليتها، لتتجه إلى دراسة الفن، وتلتحق بالمعهد العالي للسينما، ولم تكن مبهورة بالفن، بقدر شعورها بأنه شيء عظيم من أجل التعبير عن الأفكار الاجتماعية والسياسية، ووسيلة للتمرد على الواقع فى بعض الأحيان وتغيره. وكان ل«التحرير» حوار معها لمعرفة كواليس تكريمها بمهرجان القاهرة، واكتشاف أسرار ابتعادها عن الدراما، كما تحدثت عن خلافها الأخير مع يحيى الفخراني، وأجدد مشاريعها السينمائية. * تواجدتِ ضمن برنامج المخرجات العربيات بمهرجان القاهرة السينمائي.. كيف تقيمين التجربة؟ فى الحقيقة، أنا سعيدة جدًا وكان ل«التحرير» حوار معها لمعرفة كواليس تكريمها بمهرجان القاهرة، واكتشاف أسرار ابتعادها عن الدراما، كما تحدثت عن خلافها الأخير مع يحيى الفخراني، وأجدد مشاريعها السينمائية. * تواجدتِ ضمن برنامج المخرجات العربيات بمهرجان القاهرة السينمائي.. كيف تقيمين التجربة؟ فى الحقيقة، أنا سعيدة جدًا بإنشاء مهرجان القاهرة برنامج لالمخرجات العربيات، لكن فى الوقت نفسه لا أتمنى أن يتكرر فى المستقبل، فحاليا، المرأة تحتاج إلى الدعم حاليًا، خاصة أنها لا تنال حظ الرجل فى التربية، وهذا النوع من المهن (الإخراج) يتطلب شخصية قوية وقيادية، وليس هناك تأهيل كاف للمرأة، لأن المجتمع المصري ينشئ البنت على أن تكون زوجة مطيعة لزوجها وأمًا فاضلة، ويخشون الشخصيات القوية والمستقلة، فكان ضروريا جدًا إلقاء الضوء على نماذج ناجحة فى مهنة الإخراج من أجل تشجيع الفتيات، وهذا مهم ليس للمخرجات ذاتهن لأنهن تخطين الحواجز بالفعل، لكن مهم لمن لم تكسرن هذه الحواجز حتى الآن. * لماذا تقولي.. إنك لا تتمنى رؤيته فى المستقبل؟ لأني أتمنى أن يحدث بالفعل تكافؤ فى التنشئة بين الولد والبنت، وفى هذه الحالة لن تحتاج الفتيات إلى الدعم الخاص، لأنها ستتساوى مع الرجل دون الحاجة إلى الدعم لكي تحصل على استقلاليتها، ومن وجهة نظرى ضروري جدًا تكون المرأة مستقلة ماديًا، وتنتهى فكرة "أنا عايزة أتجوز واحد غني عشان يعملي كذا وكذا"؛ لأن هذا عار على المرأة، فهي كائن كامل، وليس معاقًُا، وبحاجة إلى رجل يحقق لها أحلامها، لا بد أن تسعى هي لتحقيق حلمها. * عرض لك فيلم «نوارة» خلال القاهرة السينمائي.. هل هو أيضًا نابع عن تجربة شخصية؟ نعم، هو تجربة شخصية شاهدتها أثناء مشاركتي فى الثورة أنا وأسرتي فى الميدان، وأعتبرها من أبرز تجاربي الحياتية على المستوى الانفعالي والعاطفي، فكان صعبًا جدًا فى الفترة دى أكتب حاجة غير «نوارة»، وأيضًا كانت الكتابة نفسها صعبة، لأن موضوع الثورة متشعب وشائك، ويحمل مليون وجهة نظر، لكني اخترت أناقش الفيلم من زاوية لا خلاف عليها، وهي ما فعلته الثورة فى فقراء مصر، وأنا أصلا نزلت الميدان من أجل العدالة الاجتماعية، لأن يؤلمني الفروق بين الطبقات فى مصر، وهناك ظلم كبير واقع على الفقراء. قبل الثورة انتقلت لكمبوند، لكني مستاءة جدًا من فكرة الكمبوند والأسوار المحيطة بمساكن الأغنياء، وهذا ييعزز الفروق الاجتماعية، ويزيد الغضب عند الشعب، الأسوار تعبر عن خوف الأثرياء من الفقراء، وأنا وجدت في الخارج قصورًا بدون أسوار، وأيام الثورة كل الأغنياء تركوا بيوتهم ل"الشغالين"، وأنا شاهدت هذا بعيني، فقد كلفوهم بحراسة البيت وإطعام الحيوانات الأليفة، ومن هنا جاءت لي فكرة فيلم «نوارة»، والأسرة التى تركت المنزل لتلك الفتاة الفقيرة من أجل الاعتناء به وإطعام الكلب، وكانت هذه أفضل زاوية للتعامل مع فكرة العدالة الاجتماعية، ومسألة الحلم الذي لم يتحقق. * لماذا أعمالك قليلة وتنتظرين سنوات طويلة بين كل عمل وآخر؟ بالعكس أنا لست مقلة فى أعمالي، منذ بدايتي فى 1997 وحتى الآن كتبت 8 سيناريوهات، ما نفذ منها 3 أفلام فقط، أنا ببدأ الكتابة وبداخلي حماس كبير للفكرة وفور الانتهاء بسعى من أجل إيجاد منتج للعمل، وفى حالة الفشلِ أترك المشروع وأتجه لآخر، وعلى سبيل المثال كان هناك فيلم قبل «أحلى الأوقات» اسمه «صيد القمر»، ولم أجد منتجًا له، وبعدها قدمت «قص ولزق» وكان حظُه جيدًا، وخرج للنور، ثم كتبت فيلم عن صلاح جاهين مع السيناريست عبد الرحيم كمال، لكنه توقف لعدم وجود منتج أيضًا، وكتبت سيناريو آخر عن رواية «تغريدة البجعة» لكني لم أتحمس له، فقدمت «نوارة». * هل تفضلين السينما عن الدراما؟ نعم، لأن الطريقة التي تتم بها الدراما فى مصر ليست مشجعة فى الحقيقة، وأنا مؤخرًا دخلت تجربة «بالحجم العائلي» لحبي الشديد للأستاذ يحيى الفخراني، وكنت عرضت عليه أكثر من مرة أن نعمل معًا فى السينما لكنه كان مترددا، فعندما جاءتني فرصة العمل معه لم أفكر كثيرًا، وافقت على الفور دون أن اقرأ سيناريو المسلسل، لأني خفت ألا تتكرر الفرصة. *بماذا تقصدين «الدراما فى مصر ليست مشجعة»؟ لأن المسلسل الذي من المفترض أن يتم تنفيذه فى زمن معين، يتم إتمام 30% منه فقط خلال هذا الوقت، ما يتسبب فى كوارث! وهناك الكثير من الأشياء تغيرت فى أعراف الدراما التليفزيونية، وأصبحت مقبولة، فتجد أنك لأجل أن تقدم مسلسلًا فى رمضان، تفرض عليك ظروف لن تقبلها في الأوقات العادية، وأثناء تصوير مسلسل «بالحجم العائلي» تفاجأت أن فى وحدة تصوير ثانية ومخرج آخر، ولم أصدق ما يحدث، لكن كنت مضطرة إلى ذلك من أجل إنهاء التصوير في الموعد واللحاق بالعرض الرمضاني. * قيل إن هناك خلافات بين يحيى الفخراني وهالة خليل أثناء المسلسل.. هل حدث خلاف بالفعل؟ بالعكس إحنا طلعنا بصداقة كويسة جدًا، ولم يحدث أى نوع من الخلاف، وعندما قرأت هذا الكلام في عدة مواقع، استغربت جدًا، واتفقت أنا ويحيى الفخراني إننا نلتزم الصمت ولا نرد على الصحافة، لكن فى الحقيقة هو فنان رائع وجميل، وأرى أن حظى حلو لأنني عملت مع نجم لا يحمل عيوب "السوبر ستار"، فهو فنان ملتزم، لا يتدخل فى اختيار الممثلين، ويحترم المخرج، ولديه قدرة رهيبة على احتواء الممثلين الصغار، ويحاول دائما نقل خبراته إليهم، وأنا اتعلمت منه الكثير. * قولت إن يحيى الفخراني رافض يشتغل سينما.. لماذا؟ كل يوم أخبره بأمنيتي أن نعمل معا في سينما، وعندي موضوع بالفعل، لكنه متردد وخايف من المخاطرة، وعاوز ضمان كبير، وهذا لا يحدث لأن لا يوجد موضوع مضمون، ومن أجل ذلك أطالبه بأن يجمد قلبه ويدخل المغامرة، خاصة أن الجمهور يحبه كثيرًا، وأتمنى لو التجربة تتكرر معه في فيلم. *هل لديك مشروع حاليًا تعملين عليه؟ نعم، فيلم «شرط المحبة» هو بطولة جماعية لأجيال مختلفة من الفنانين، تم الاستقرار على الفنانة مني زكي، وجار ترشيح باقي الأبطال من أجل بدء التصوير فى يناير المقبل، والفيلم قائم على تجربة شخصية، لكن لا أفضل أن أكشف عنه فى الوقت الحالي، ويتناول قصة الحب، وأيضًا متداخل مع قضايا تخص المجتمع المصري كأغلب أفلامي، لأني منذ الصغر ويرهقني مكون الشخصية المصرية والعادات والتقاليد، «اللي نفسي أفورها كلها»، ولدي مشروع آخر مع المخرج عمر عبد العزيز وهو سيناريو «قرفة بالجنزبيل».