الشاعر والمفكر الأردني موسى حوامدة: «العلمانية» قارب النجاة للقضاء على «الإرهاب».. والإيمان بالفكر سلاحنا للقضاء على الإرهاب.. لا توجد عوائق تمنع المفكرين العرب من التوحد فجر 5 يونيو 67، كان كل شىء يتغير أمام الفلسطينيين، عندما هجم جيش الاحتلال الإسرائيلى على الأردن وسوريا ومصر، مغيّرًا بذلك الحدود الفلسطينية، بعدما استولى على شبه جزيرة سيناء، قبل أن تستعيدها مصر عقب حرب أكتوبر 73، بينما ضمّت من الأراضى الفلسطينية الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة، وهضبة الجولان السورية. فى تلك الفترة، كان الطفل موسى حوامدة الذى لم يُكمل العاشرة من عمره شاهدًا على تدنيس الإسرائيليين أرضه، حيث كان يراقب مشاهد الدمار من بلدة السموع بمحافظة الخليل. نضج فكر حوامدة مبكرًا، فقد هربت منه طفولته جراء ما وقع من خراب على وطنه، وفى ذلك يقول: «الحجارة تأثرت بما حدث، فما بالكم بالبشر! كانت مأساتى الحقيقية غياب الوطن والأرض التى نقف عليها». لم يجد ذلك الفتى مفرًّا أمامه سوى مغادرة بلاده، متجهًا إلى الأردن، وهناك اكتسب ثقافة جديدة، امتزجت بما نضج فكر حوامدة مبكرًا، فقد هربت منه طفولته جراء ما وقع من خراب على وطنه، وفى ذلك يقول: «الحجارة تأثرت بما حدث، فما بالكم بالبشر! كانت مأساتى الحقيقية غياب الوطن والأرض التى نقف عليها». لم يجد ذلك الفتى مفرًّا أمامه سوى مغادرة بلاده، متجهًا إلى الأردن، وهناك اكتسب ثقافة جديدة، امتزجت بما تكون لديه فى أثناء نشأته الصعبة فى بلد الاحتلال. «التحرير» التقت الشاعر والمفكر الأردنى الفلسطيني الأصل موسى حوامدة، أحد الذين دفعوا ضريبة المواجهة الفكرية مع الجماعات المتطرفة التي أصدرت فتاوى تتهمه بالردة وأحلت دمه بعد إصدار مجموعته الشعرية الثالثة "شجري أعلى" لمعرفة رؤيته عن كيفية مواجهة الإرهاب بالفكر، خصوصًا أنه عاش حياته متأثرًا بما واجه دولته من إرهاب، ما يجعل فى خزانته الكثير ليقوله فى هذا الشأن. طرح الشاعر والمفكر الأردنى، صاحب الجذور الفلسطينية، فكرة أن يكون حجر الأساس هو أن يجد التنويريون العرب كيانًا يشبه المؤسسة أو الجمعية، يضعون خلالها آراء فكرية غير عنيفة، وطرح وجهة نظر لكيفية التعامل مع الحلقات الثلاث: (الدولة والمجتمع والتيارات السلفية). لكن كى ينتصر الفكر على السلاح، فإن على المجتمع أن يؤمن أولًا بأن ذلك لن يتحقق دون إيمان قوى بالفكرة، فمن وجهة نظره أن الفكرة تُسقط أى سلاح حتى إذا كان احتلالًا. ينتقل حوامدة إلى الحديث عن أن المتطرفين ظهروا فى بيئة خصبة، حيث كانت الأنظمة تساعد التيارات الدينية بشكل كبير حتى تكسبها لصالحها، العامل الذى أسهم فى اتساع رقعة التطرف. لا توجد عوائق تمنع المفكرين العرب من التوحد لوضع رؤية لمجابهة الإرهاب، هذه قناعة حوامدة، لكن لا بد أولًا من التوصل لجهة قادرة على التمويل والتنظيم، وتمتلك أدوات تضغط بها إعلاميًا لحث الدول على اتخاذ قرارات. الشىء المستغرب أن الرجل يجزم بأن التيارات السلفية فى الوطن العربى لديها آليات تستطيع من خلالها الضغط على الأنظمة لاتخاذ قرارات تخدم مصالحها، أما قوى اليسار فمتشرذمة، وليست متجذرة مثل الأحزاب الدينية. «نحن مثل الأيتام على موائد اللئام»، بتلك العبارة جسد حوامدة صورة المثقفين فى الدول العربية، لافتًا إلى أن الأزمة تكمن فى عدم وجود روابط وصلات بين المفكرين العرب، كما لا توجد مبادرة تأخذ على عاتقها مهمة التقارب بين التنويريين العرب. من ضمن الأفكار التى يقدمها الشاعر الأردنى ضرورة تدريس الفلسفة فى المدارس منذ البداية، إضافة إلى حتمية أن تعترف الدول بوجود تيارات علمانية وتنويرية وحضارية، وعلى الأنظمة أن تضع هامشًا لحرية التعبير للمتنورين، وتفعيل القوانين ضد العنف والقتل والتهديد. لا يمكن مناقشة أصحاب الفكر الظلامى، لكن الدور الذى يجب أن يلعبه المثقف هو أن يمنع هذه الآفة من الانتشار من خلال التركيز على النشء، ذلك ما يراه حوامدة، فالمتشددون لا يقتنعون بالآراء التى تختلف معهم، إذ يعتقدون أنهم أصحاب الحقيقة المطلقة. ويشير إلى أن الفرق بين المتطرف والمفكر أنهم يرون أن ما يقدمونه هو اليقين، أما نحن فلا نعترف باليقين، إنما نؤمن بالشك والتفكير وضرورة أن يتحول المجتمع إلى مدنى مع احترام للدين ودون أن يتم اضطهاد تجار الدين. لماذا لا يلجأ رجل الدولة للمفكرين؟ ذلك السؤال يرد عليه بأنه على القادة أن تعتمد على أصحاب الفكر فى الحرب ضد الإرهاب، وعلى الدولة أن تبدأ من الصفر بعدم ترك مساحات للجماعات الإسلامية بفرض منطقها، مثل فتح منابر التداوى بالرقية والعلاج بالقرآن الكريم، القرآن ليس تجارة يتم المتاجرة بها بهذا الشكل، فالإنسان عرضة للتدمير والتأثير عليه. ويرى موسى حوامدة أنه إذا كان الفكر أولوية لدى العرب فإن التيارات المتشددة ستختفى وتتلاشى، لكن للأسف نحن أعطينا الفرصة لبعض الجهلاء الذين لا يفهمون فى الدين بتكفير أساتذة جامعة ومفكرين، مشيرًا إلى أن هؤلاء استخدموا الدين فى التهديد بالقتل والموت، رغم أنه لا توجد حجة فى الأرض تسمح بالقتل. ومن وجهة نظر المفكر الأردنى أن العلمانية هى قارب النجاة للمجتمع العربى للقضاء على الإرهاب، وانتهاء سنوات من التخلف وتغول الأنظمة بين الاستبداد الذى يعقبه الفساد وسيطرة أتباع الدين فى فهمهم الخاطئ للإسلام وتطبيقه. ويواصل حديثه: «هناك أدوات يسيطر عليها المتطرفون فى العديد من الدول العربية مثل المنابر الخطابية والمساجد، بينما لا يمتلك التنويريون أشياء تمكنهم من المواجهة، فلا قنوات فضائية بحوزتهم، أو وسائل إعلام تسلط الضوء عليهم، كما لا تسمح لهم الدول بالتعبير عن آرائهم، ودائما ما يكون هناك تشكيك فيما يطرحه الكاتب من قبل الدولة التى تسمح للخطابات الدينية أن تجتاح الشارع». حوامدة يشير إلى أن المثقف التنويرى مضطهد من الدولة والمجتمع والتيارات الدينية المتشددة، وأن هذه الحلقات الثلاث تضغط عليه وتكمم أفواه المثقفين، موضحًا أنه يجب نقل الناس من مرحلة الشفاهية والمقولات الجاهزة إلى التفكير العلمى واستخدام العقل. يختتم المفكر الأردنى حديثه بالإشارة إلى أن خطاب المثقفين غير مقبول فى المجتمع، لكن تجار الدين يدخلون إلى الناس بآيات قرآنية، نحن نرفض الطرق التى يستعملونها، ولا نوافق عليها، لأنها غير أخلاقية، لا نحب استغلال مشكلة الناس لتوصيل أفكارنا لهم.
لقراءة باقي سلسلة الحوارات: «أفكار ضد الرصاص»| عبد المجيد: التعليم «مربط الفرس» «أفكار ضد الرصاص»| زيادة: «إصلاح المناهج هو الحل» «أفكار ضد الرصاص»| الحمادي: «نواجه التطرف بالتنوير»