أثبت محمد رضا أن النجومية ليست بحجم الدور، ولكن بالأداء المتميز، واشتهر بخفة ظل وروح كوميدية في معظم أعماله، ولم تمنعه ضخامة جسده من التنوع في الأدوار في 21 ديسمبر 1921، ولد أشهر "معلِمين السينما المصرية"، الفنان محمد رضا، بقرية الحمرة أسيوط، لأب يعمل موظفًا بالسكة الحديد، وهو أخ بين شقيقين، واسمه محمد رضا، وهو اسم مركب، واسم والده أحمد عباس، انتقل والده إلى السويس، فأقامت الأسرة هناك فترة طويلة، وظهرت موهبة الابن التمثيلية مبكرًا، حتى إنه كوّن فريق تمثيل بالمدرسة، ثم تخرج الابن بدبلوم الهندسة التطبيقية العليا عام 1938، وبعد تخرجه عمل في شركة بترول، وارتبط وتزوج في أثناء دراسته بالقاهرة، واصطحب زوجته لتقيم معه بالسويس، وهناك أنجب ابنته الكبرى "أميمة". صارت حياته كمهندس بترول، إلا أن حبه للفن تمكن منه فغير مسار حياته، وفي أواخر الثلاثينيات نظمت مجلة "دنيا الفن" مسابقة لاختيار وجوه جديدة، وتقدم لها محمد رضا مع عدد كبير من المتسابقين، وكان المخرج صلاح أبو سيف أحد أعضاء لجنة التحكيم المكونة من عمالقة الفن، وبعد التصفيات حصل على المركز الثاني في المسابقة، صارت حياته كمهندس بترول، إلا أن حبه للفن تمكن منه فغير مسار حياته، وفي أواخر الثلاثينيات نظمت مجلة "دنيا الفن" مسابقة لاختيار وجوه جديدة، وتقدم لها محمد رضا مع عدد كبير من المتسابقين، وكان المخرج صلاح أبو سيف أحد أعضاء لجنة التحكيم المكونة من عمالقة الفن، وبعد التصفيات حصل على المركز الثاني في المسابقة، تخيل بعدها أن الفوز سيفتح له أبواب التمثيل، ولكن ذلك لم يحدث، وبعد فترة ذهب إلى أبو سيف ليُذكره بنفسه، فوعده بأن يعطيه دورًا في فيلم "عنتر وعبلة" ولكن ذلك لم يحدث أيضًا، ثم ذهب إلى بديع خيري في المسرح، واتفقا على أن يحضر كل يوم ويحفظ كل الأدوار، فإذا غاب أي ممثل يحل مكانه، وظل يتردد كل يوم على المسرح، وفي اليوم الذي ملّ فيه غاب استيفان روستي وبحثوا عنه فلم يجدوه وأخذ ممثل آخر الدور. ورغم أن الحظ عانده في بداية مشواره، فإنه استقال من شركته بالسويس حتى يستطيع أن يجد فرصة للتمثيل في القاهرة، وانتقل ليعيش في شبرا مع زوجته وابنته، وبعدما تعثر ولم يجد الفرصة فكر في العودة لشركته مرة أخرى، ولكن الشركة رفضت، ووقتها نصحه توفيق الدقن بالالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وبالفعل التحق به وتخرج عام 1953، وكان يقوم بأدوار صغيرة في المسرح الحر مع مجموعة من شباب جيله، كما قام ببعض الأدوار البسيطة في السينما في أفلام، منها "الفتوة، جعلوني مجرمًا"، وكان يقوم دائمًا بدور وكيل النيابة، أو الضابط، أو الطبيب، لكنه كان يحلم بدور "الجان" لشعوره بأنه وسيم وفيه مواصفات الفتى الأول، ولم يخطر بباله يومًا أن يغير مساره ويلعب دور "المعلِم". كان المخرج كمال ياسين يجهز مسرحية "زقاق المدق"، واختار محمد رضا لدور "المعلِم كرشة"، وأدى الدور باقتدار، وتحدث الجميع عن نجاحه، وبعدها طلبه الفنان فريد شوقي لأداء شخصية "المعلِم" في مسرحياته بالخمسينيات، وعندما تحولت "زقاق المدق" إلى فيلم أدى الدور نفسه، وقال الأديب نجيب محفوظ، المأخوذ العمل عن روايته الحاملة لنفس الاسم، إن رضا عمل الدور كما رسمه بنفس الشكل، ثم أصبح المخرجون يتهافتون عليه، حتى وصل الأمر إلى أنهم اتفقوا على التنسيق فيما بينهم في مواعيد التصوير حتى يستطيع أن يؤدي أكثر من دور في وقت واحد، ومع تعدد ونجاح أدواره في شخصية "المعلم"، توحد مع هذه الشخصية لدرجة أنه تعرف على مجموعة من "المعلِمين" الحقيقيين، ونشأت بينهم صداقة، ومنهم "إبراهيم نافع" أحد كبار "المعلِمين" بالجيزة، والذي صار أقرب أصدقائه وبمثابة شقيقه الذي لم يفارقه حتى آخر يوم في حياته. وفي أوائل الستينيات، أراد محمد رضا أن يخرج من عباءة "المعلم"، وقدّم أدوارًا متنوعة في مجموعة مسرحيات مسرح التليفزيون، ومنها "مطرب العواطف، نمرة 2 يكسب، المفتش العام"، وحققت هذه المسرحيات نجاحات كبيرة، وفي السينما قدّم دورا وحيدا يجسد فيه شخصية شريرة ويعتدي فيه على آثار الحكيم، ولم يحب هذا الدور، ولم يكرر التجربة، لأن الناس اعتادت أن تراه في شخصية "المعلم" ابن البلد الجدع، وقدّم عددا من البطولات المطلقة القليلة، ومنها أفلام "إمبراطورية المعلم، عماشة في الأدغال، رضا بوند". وكانت علاقة محمد رضا وثيقة بالكاتب محمود السعدني، وكان لهما مجموعة أصدقاء مشتركين من "المعلِمين"، ومنهم إبراهيم نافع، وفي أواخر الستينيات أسسوا معًا فرقة "المعلم" المسرحية، وكان محمد رضا بطلها، وكان إبراهيم نافع في الإدارة، وكتب له السعدني عددًا من المسرحيات الناجحة، ومنها "البولبيف، النصابين، بين النهدين"، وكتب عنه السعدني في كتابه "المضحكون" أنه لن يظهر بعد محمد رضا ممثل آخر في دور "ابن البلد" وأنه الأول والأخير. وقدّم محمد رضا للسينما، 60 فيلمًا، ولم يكن من نجوم الصف الأول، إلا أنه أثبت أن النجومية ليست بحجم الدور، ولكن بالأداء المتميز، واشتهر بخفة ظل وروح كوميدية في معظم أعماله، ولم تمنعه ضخامة جسده، من التنوع في الأدوار، في أفلام "بنت اسمها محمود، 30 يوم في السجن، ممنوع في ليلة الدخلة، الزواج على الطريقة الحديثة، العتبة جزاز، البحث عن فضيحة، البيه البواب، خان الخليلي"، وغيرها. وفي لقاء نادر بين رضا وزوجته وأولاده "أميمة، أحمد، مجدي، حسين"، خلال سهرة تليفزيونية، تبادلوا أطراف الحديث حول أن شراء ملابس العيد، عكست روح الفكاهة بين الأب وأسرته، ودار نقاش بينه وبين زوجته حول "الشيشة" التي أدمنها، ليرد عليها قائلًا: "يعني دلوقتي باشربها في البيت مش أحسن ما كنت باقعد على القهوة؟"، وقالت زوجته إن عمله بالتمثيل يسعدها إلا أن عمله مهندسًا كان يسعدها أكثر، ليرد عليها قائلًا: "مفيش حاجة في الدنيا من غير ثمن، بنتعب عشان دخل ومستوى أحسن". ومن أصعب المواقف في حياة محمد رضا، وفاة ابنته الكبرى "أميمة"، حيث كان مرتبطًا بها للغاية، خاصة أنها الوحيدة بين 3 أولاد، وبعد زواجها وإنجابها طفلين، أُصيبت بالسرطان وهي في منتصف الثلاثينيات، وظلت تعاني عامين، وفي أثناء سفر رضا للخارج عام 1989، ماتت ابنته وعاد وهو في حالة انهيار تام، والمفارقة أنه كان لديه عرض لمسرحية "طب بعدين" للمخرج السيد راضي في نفس اليوم، واقترح الأخير تأجيل العرض، إلا أنه رفض، وأدى دوره وأضحك الجمهور، ونفس الموقف حدث عندما توفى والده عام 1975، حيث وقف على المسرح مباشرة بعد دفنه. وفي 21 فبراير 1995، ذهب محمد رضا وهو في كامل صحته، لأداء دوره في مسلسل "ساكن قصادي"، وكان صائمًا، حيث كان التصوير في نهار رمضان، وبعدما انتهى من التصوير عاد إلى المنزل، وبعد الإفطار اتصل به صحفي من إذاعة القناة لإجراء حوار، وفي أثناء الحديث لفظ رضا أنفاسه وسقطت سماعة التليفون من يده، وفوجئ الجميع بوفاته، ليخبر نجله "حسين" الصحفي بأن والده توفى، فأُصيب هو الآخر بحالة ذهول، وهكذا انتهت حياة محمد رضا، ولكن بقيت أعماله التي ستظل محفورة في ذاكرة السينما المصرية.