عندما يُجبر فنان كبير على الاعتزال، خاصةً إن كانت الأسباب صحية، يكون الأولى والأحق بالتكريم، وفي المقدمة من هؤلاء النجمان القديران محمود ياسين، وصلاح السعدني. خلال الأيام المقبلة نستقبل الحدث المصري الفني الأهم، والمحفل الوحيد في المنطقة العربية، الذي يحمل الصفة الدولية، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأربعين، المقرر انطلاقها في الفترة من 20 حتى 29 من شهر نوفمبر الجاري، برئاسة المنتج محمد حفظي، بمشاركة 160 فيلمًا من أهم وأحدث أفلام العام قادمة من 59 دولة، وبحضور نجوم مصر والوطن العربي والعالم، ومن بينهم أسماء كبيرة تُكرّم، ويشهد المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية الذي احتضن أغلب حفلات افتتاح وختام المهرجان، لحظات احتفائية لا تُنسى من ذاكرة أي فنان يلقى تكريمًا. هي بالفعل لحظات لا تُنسى حينما يتم تكريم فنان في حياته، خاصةً إذا ما كان من مهرجان كبير بحجم القاهرة السينمائي الدولي، المهرجان الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي وصل لهذا العدد من الدورات، بتاريخ طويل امتد منذ التأسيس عام 1976. وكعادته يُكرم المهرجان في كل عام عددًا من رموز صناعة السينما هي بالفعل لحظات لا تُنسى حينما يتم تكريم فنان في حياته، خاصةً إذا ما كان من مهرجان كبير بحجم القاهرة السينمائي الدولي، المهرجان الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي وصل لهذا العدد من الدورات، بتاريخ طويل امتد منذ التأسيس عام 1976. وكعادته يُكرم المهرجان في كل عام عددًا من رموز صناعة السينما في العالم، بمنحهم جائزة تحمل اسم سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، تقديرًا لهم على مسيرة حركوا فيها مشاعر وعقول الملايين، وأثروا الفن السابع بأعمال قيمة يذكرها الجميع. وفي الدورة الأربعين، يمنح مهرجان القاهرة جائزة فاتن حمامة التقديرية للنجم البريطاني ريف فاينز المرشح للأوسكار مرتين، أما جائزة فاتن حمامة للتميز، والتي تمنح لفنانين في منتصف مسيرتهم الفنية حققوا إنجازًا إبداعيًا متميزًا، فيستلمها للأول مرة موسيقار هو الفنان هشام نزيه. بينما تذهب جائزة فاتن حمامة التقديرية الثانية للفنان حسن حسني، صاحب المسيرة الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن، قدّم خلالها مئات الأعمال التي لا تُنسى للسينما والمسرح والتليفزيون، وكان حضوره قاسمًا مشتركًا بين أفلام جيل من النجوم الشباب الذي أعادوا بريق وجماهيرية السينما المصرية، وسيتم التكريم في افتتاح المهرجان، ويُصدر كتاب عن أعماله من إعداد الناقد طارق الشناوي. ومن باب أنه عندما يُجبر فنان كبير على الاعتزال، خاصةً إن كانت الأسباب صحية، يكون الأولى أن يكون له السبق في التكريم، وفي المقدمة من هؤلاء النجمان القديران محمود ياسين، وصلاح السعدني، فإذا ما كان لدينا فنانون بحجم الثنائي وأُجبرا لظروف مرضية خلال السنوات الأخيرة على الاعتزال، فلماذا لم يتم تكريمهما؟ ألا ترى إدارة المهرجان أنه لزامًا علينا تكريمهما وهما بين أيدينا، أطال الله في عمرهما، بدلًا من المشهد المعتاد الحزين ببداية كل دورة حينما نفقد فنانًا كبيرًا كما حدث مع الفنان محمود عبد العزيز؟ محمود ياسين هو رمز حقيقي لسنوات إبداع وإشعاع ووهج عاشتها السينما المصرية، فتى وجان الشاشة الأول الذي بحثت عنه القلوب وتوحدت عليه المشاعر واختاره الجمهور معبرًا عنه بنجومية لا تخفى على أحد، تميز بالصوت الرخيم وسلامة النطق ونظراته الحادة وملامحه المؤثرة والقدرة على التقمص والإقناع بكل حواسه، وقدّم الأفلام الرومانسية والاجتماعية، وهو أكثر الفنانين المصريين الذين قدّموا أفلامًا عن نصر أكتوبر. محمود ياسين، حصل على أكثر من خمسين جائزة في مختلف المهرجانات في مصر وخارجها، منها جائزة الدولة عن أفلامه الحربية عام 1975، وجائزة التمثيل من مهرجان طشقند 1980، ومهرجان عنابة بالجزائر عام 1988، وجائزة أحسن ممثل في مهرجان التليفزيون لعامين متتالين 2001، 2002، واُختير رئيس تحكيم لجان مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون 1998، واختارته الأممالمتحدة في 2005 سفيرًا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع. آخر تكريم حافل لياسين كان في مهرجان الإسكندرية، سبتمبر 2015، وحينها قال إن تكريم الفنان في حياته أفضل هدية يمكن أن يتلقاها المبدع على الإطلاق، معربا عن سعادته بأن الكثير من المهرجانات بدأت تنتبه إلى هذه الحقيقة وتقدم على تكريم الفنانين في حياتهم وليس بعد رحيلهم كما كانوا يفعلون في السابق.. أليست هذه الجمل هي أقوى داع لتكريمه من قِبل مهرجان القاهرة في نهاية مشواره حتى وإن كان نال في السابق تكريمًا منه؟ آخر ظهور للنجم محمود ياسين كان في مراسيم تشييع زميله الراحل نور الشريف، 11 أغسطس 2015، حيث بدت عليه علامات التعب والوهن أو بعض أمراض الشيخوخة، وفي وقت سرت إشاعات نفتها ابنته الممثلة رانيا محمود ياسين عن معاناته من مرض الزهايمر، وأعلنت الفنانة شهيرة في لقاء مؤخرًا مع المذيعة بسمة وهبة أنه لا يستطيع العمل وطلبت الدعاء له بالشفاء، معاتبةً على الفنان عادل إمام أنه لم يُكلّف نفسه عناء مجرد الاتصال للاطمئنان عليه منذ اعتذار ياسين عن عدم المشاركة معه في مسلسل "صاحب السعادة" رمضان 2014، مثلما يفعل أكثر زملاء جيله من الفنانين. طالع هذا التقرير للمزيد حول مشوار النجم الكبير| محمود ياسين.. جان الشاشة الأول الذي خلع بالطو المحاماة لأجل الفن بينما القدير صلاح السعدني، عمدة الدراما المصرية، أمتع الجماهير طوال عقود فنية بأعماله المتميزة تليفزيونيًا ومسرحيًا وسينمائيًا، ولطالما تميز بين أبناء جيله بملامح مصرية ريفية خالصة، وثقافة فنية وسياسية ظهرت على أعماله، بأسلوب بسيط مميز، وببراعة في تجسيد نوعيات متنوعة من الشخصيات، التي تعبر عن حال الشعب المصري، ويظل "حسن أرابيسك" شاهد عيان على هذه النوعية من الشخصيات التي يصعب تكرارها، مثلما يصعب نسجها إلا عن طريق كاتب مثل الراحل أسامة أنور عكاشة. السعدني حصل في السابق على العديد من التكريمات، ومنها جائزة المركز الكاثوليكي للسينما عن مجمل أعماله، وجائزة التميز الفني من مهرجان الإسكندرية السينمائي، وفي مونديال القاهرة نوفمبر 2014، وفي احتفالية الإنتاج الثقافى بنصر أكتوبر عام 2015، وغيرها، ولكن أين تكريم المهرجان الأهم.. مهرجان القاهرة؟ خاصةً مع تقدُّمه في العمر (23 أكتوبر 1943)، وتوقفه عن مزاولة المهنة منذ آخر أعماله مسلسل "القاصرات" (2013). آخر ظهور للنجم صلاح السعدني كان في سبتمبر الماضي، بعدما نشر نجله الفنان أحمد السعدني، صورة له عبر "إنستجرام" ليُطمئن جمهوره على صحته، ويظل الفنان الكبير أحد أيقونات الدراما التليفزيونية على مدار سنوات عديدة مضت، وإن كان غائبًا بسبب مرضه، إلا أنه سيظل حاضرًا بفضل أعماله الحاضرة بيننا حتى الآن والتي أثرت الحياة الفنية لسنوات عديدة مضت. View this post on Instagram ابويا من كتر ما اتصور في حياته مبقاش يكره قد التصوير بس انا صورته بالعافيه قلتله انت واحش ناس كتير عايزين يتطمنو عليك صحيح انا اللي دفعت التمن بقفا معتبر ?? بس كله بيعدي صباح الفل ?? A post shared by Ahmed L Saadany (@ahmedlsaadany) on Sep 3, 2018 at 4:00am PDT لا نُنكر على إدارة المهرجان حقها في اختيار المكرمين، ولا نُقلل من شأن أحدهم، لكننا ندعو إلى تكريم نجمين كبيرين بحجم محمود ياسين وصلاح السعدني، وغيرهما من النجوم، كالقديرتين لبنى عبد العزيز وماجدة الصباحي، نعلم تمامًا أن تلك اللحظة ستكون فارقة بالنسبة لهم، وسيكون خير امتنان واحتفاء بعدما أنهوا مشوارهم لظروف صحية بعد عمر طويل من العمل الفني الدؤوب.