هذا اللغط حول تسلم نجيب محفوظ، أعلى جائزة أدبية في العالم، وهي نوبل، ليس وليد اللحظة، ولكنه دار منذ إعلان منحها إياه في أكتوبر 1988، وصرح يوسف إدريس حينها إنه الأحق بها. تصريحات جدلية أدلت بها السيدة رجاء عبد الرحمن الرفاعي، زوجة الأديب الكبير يوسف إدريس، حول أحقية زوجها الراحل بنيل جائزة نوبل للآداب، في أكتوبر عام 1988، بدلًا من الحاصل عليها الأديب نجيب محفوظ، مؤكدةً أن إدريس بالفعل كان المرشح الحقيقي للحصول على نوبل، وقالت إنه "قبل إعلان الجائزة، حضر إلى منزلهما صحفي من جريدة التايمز البريطانية، وقال ليوسف إنه مرشح لنوبل واسمه ضمن المرشحين، وأجرى معه لقاءً صحفيًا، فهيأ إدريس نفسه لها"، إلا أنها ذهبت لنجيب محفوظ. تُضيف زوجة يوسف إدريس: "زوجي كان مبدعًا كبيرًا، مفيش حد مبدع في العالم العربى زيّه، وكان يستحق جائزة نوبل بجدارة، وبعد إعلان فوز نجيب محفوظ بها، تأثر نفسيًا، وهذا لم يؤثر على علاقته بمحفوظ لأنهما كانا أصدقاء، ودي حاجة لا نجيب محفوظ له يد فيها، ولا يوسف إدريس له يد فيها، ونجيب أيضًا كان يستحقها، لكن تُضيف زوجة يوسف إدريس: "زوجي كان مبدعًا كبيرًا، مفيش حد مبدع في العالم العربى زيّه، وكان يستحق جائزة نوبل بجدارة، وبعد إعلان فوز نجيب محفوظ بها، تأثر نفسيًا، وهذا لم يؤثر على علاقته بمحفوظ لأنهما كانا أصدقاء، ودي حاجة لا نجيب محفوظ له يد فيها، ولا يوسف إدريس له يد فيها، ونجيب أيضًا كان يستحقها، لكن زوجي كان هيأ نفسه للفوز بها، فحزن حزنًا شديدًا عندما لم يحصل عليها، بعد كده عرفنا إن في اعتبارات سياسية وراء عدم حصوله على الجائزة، وأنه كان على خلاف دائمًا مع اليهود، واللي مقيم على الجائزة اليهود فكان صعب يحصل عليها". هذا اللغط حول تسلم نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911 - 30 أغسطس 2006)، أعلى جائزة أدبية في العالم، وهي نوبل، ليس وليد اللحظة، ولكنه دار منذ إعلان منحها إياه، حيث جاء في البيان الصحفي الصادر عن مكتب أمين السر الدائم للأكاديمية السويدية بتاريخ 13 أكتوبر 1988، معلنًا منح الأكاديمية جائزة نوبل للآداب للأديب نجيب محفوظ: "بموجب قرار الأكاديمية السويدية هذا العام منحت جائزة نوبل للآداب لأول مرة إلى مواطن مصري، نجيب محفوظ المولود في القاهرة، هو أيضًا أول فائز لغته الأدبية الأم هي العربية". وشكّك عدد كبير في نوبل نجيب محفوظ ورأوا أن وراءها يدًا خفية يهودية دعمته وساندته للحصول عليها وإلا لماذا هو دون سائر الأدباء العرب، وعزز ذلك ما زعمه البعض حول وجود علاقات قوية كانت تربط محفوظ بكتاب إسرائيليين، ومن بينهم الروائي سامسون سوميخ، حيث نشرت السفارة الإسرائيلة في الذكرى ال106 لميلاد محفوظ رسالة منه إلى سوميج، وفي صدرها تأكيد على أن الأديب المصري رحب باندماج ثقافي مع تل أبيب، وبدأت الرسالة، وفقًا للسفارة، بقول محفوظ: "الأستاذ سامسون سوميخ إليك صادق تحياتي وشكري وبعد.."، وبالإضافة لذلك موقف نجيب المؤيد لاتفاقية كامب ديفيد. بينما اتخذ يوسف إدريس (19 مايو 1927 - 1 أغسطس 1991) موقفًا معارضًا لها، ففي مقال للكاتب أسامة فوزي، أكتوبر 1988، قال: "في صيف عام 1985، سألت يوسف إدريس، عن دوره في معارضة كامب ديفيد، والسر في تهالك توفيق الحكيم ونجيب محفوظ على تأييد خطوات السادات الاستسلامية، فقال إدريس بالنص وتصريحاته منشورة في الصحف: (لعل هؤلاء بادروا إلى تأييد كامب ديفيد بدافع ذاتي طمعًا بالحصول على جائزة نوبل للآداب)". وفي "الحياة" اللندنية، كتب يوسف القعيد، أبريل 2001، إن نجيب محفوظ تُرجمت له تسع روايات إلى العبرية قبل نوبل، وبعدها رواية واحدة خلال 13 سنة، ومن يومها لم يُترجم له شيء إلى العبرية، ويُضيف: "لا شك في أن السلوك العبري الإسرائيلي تجاه نجيب محفوظ يحتاج إلى تفسيرات لا أملكها، ولا يملكها سوى الصهاينة وإن كانوا لم يعلنوا ذلك". وقديمًا تحدث نجيب محفوظ في حوار لمجلة "المجلة" عام 1978، عن علاقته ببعض الشخصيات الإسرائيلية، ويقول تحت عنوان "الرئاسة ورطتني في علاقات مع إسرائيل"، إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من مؤسسة الرئاسة آنذاك طلبت فيه من الأديب الكبير الحضور، حيث إن هناك وفدًا إسرائيليًا يزور القاهرة ويرغب بعض أفراده في مقابلته، وبالفعل استجاب، يُضيف: "أنا بشر لم أدع معرفة العصمة من الخطأ، ربما أخطأت في موقفي، لكن مجنون من يدعي أنني خنت لأن ما فعلته كان من منطلق خوفي على بلدي". أما عن الشخصيات الإسرائيلية التي كان يعرفها محفوظ، فقال إنها كانت جميعها شخصيات عملت عنه أبحاثًا ودراسات دكتوراه، منهم متتياهو بلد، وهو صديق ياسر عرفات، وميلبسون وهو حاكم الضفة الغربية الذي استقال احتجاجًا على سياسة إسرائيل، بالإضافة لساسون سوميخ أستاذ الأدب العربي بجامعة تل أبيب. وعندما تم الإعلان عن فوز محفوظ بالجائزة، تملك يوسف إدريس الغيظ لأنه كان يرى أنه أجدر بالجائزة عن غيره، كما وصف نجيب بأنه "أديب الحارة لا المدينة"، معتبرًا ذلك دليلًا على تأخره، كما أرجع فوز غريمه بالجائزة إلى آرائه الجانحة للسلام مع الكيان الصهيوني. وكان للأديب الكببر نجيب محفوظ ردًا واضحًا على اللغط حول نوبل، وقال في حديثه للناقد رجاء النقاش، نشر في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ": "هناك ملاحظة يجب الالتفات إليها، وهي أن بعض الناس يقعون في سوء فهم نتيجة لعدم معرفتهم بالفرق بين التزكية والترشيح لجائزة نوبل، فالتزكية تأتي بناء على توصية من الجامعات، فجامعة الإسكندرية مثلًا زكت الدكتور طه حسين، واللجنة السياسية زكت توفيق الحكيم، وهذه التزكية ليست سرًا، وهي أمر معلن ومعروف للجميع، وبناء على هذه التزكية فإن لجنة نوبل، تقوم بترشيح عدد من الأسماء بعد أن تسأل مجموعة من المتخصصين وتطلب من كل واحد كتابة تقرير علمي عن أديب معين، وهؤلاء المتخصصون أقسموا على عدم إفشاء أسرار الترشيح حفاظًا على كرامة الأدباء". يُضيف أديب نوبل: "هذا الخلط الذي وقع فيه يوسف إدريس، يبدو أنه علم أن جهة معينة زكته لنيل جائزة نوبل، فظن أنه مرشح للجائزة، فالتزكية كما قلت ليست سرًا، حتى إن هناك معيدًا يدرس الأدب في جامعة بأمريكا، زكاني لنيل الجائزة في السبعينيات وأرسل لي خطابًا بهذا المعنى، ورددت على خطابه وشكرته، هناك من يقول إن اسمي كان ضمن قائمة ضمت عشرة مرشحين، وأتعجب من أين يأتون بهذه المعلومات التي لا يعرفها إلا أعضاء لجنة نوبل، وأحيانا تُنشر أخبار بهذا المعنى في صحف لها وزنها مثل مجلة التايم، وكان البعض يصدقون التايم وكأنها مُنزلة من السماء، في حين إنها مجرد اجتهادات للقسم الأدبي في المجلة". وفي أغسطس 2017، كشفت ابنة نجيب محفوظ "أم كلثوم"، ببرنامج "معكم" للإعلامية منى الشاذلي، أن هناك دولة عربية عرضت على والدها نجيب محفوظ، التنازل عن جائزة نوبل، والإعلان عن ذلك، في مقابل منحه قيمتها المادية، في حال حاجته لتلك الأموال، وشدّدت على أن والدها كان لا يوجد في حياته ازدواجية وكذب، فكان كل ما يؤمن به يفعله دون تفكير، رافضة البوح باسم تلك الدولة، بينما قال أحد الأصدقاء المقربين لمحفوظ، رفض ذكر اسمه، في تصريحات صحفية، اسم تلك الدولة، وإنها ليبيا أو العراق، موضحًا أن كلا منهما في ذلك الوقت كان يرى أن نوبل هي جائزة تتحكم فيها إسرائيل، ولهذا سعت ليبيا أو العراق من خلال التواصل مع ناقد كبير حينذاك لإبلاغ الرسالة إلى نجيب محفوظ، الذي رفض العرض وأعلن قبول جائزة نوبل ليُشرف مصر كأول مواطن مصري عربي يحصل عليها. الدكتورة فوزية العشماوي أستاذة الأدب العربي والحضارة الإسلامية في جامعة جنيف بسويسرا، وصاحبة رسالة دكتوراه عن "المرأة في أدب نجيب محفوظ"، قالت إن الأكاديمية السويدية طلبت ترشيح أديب عربي للحصول على جائزة نوبل لأول مرة، وكان هناك إجماع على نجيب محفوظ، لأن أعماله كانت مترجمة إلى مختلف جامعات أوروبا، نافية ما تردد عن أن محفوظ حصل على نوبل بسبب انحيازه لإسرائيل وموافقته على التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو لأنه جسد الذات الإلهية في رواياته. وبدأ نجيب محفوظ مشواره الأدبي منذ عام 1930، وكان عمره وقتها 19 عامًا، ونشر أول قصة أدبية له في 3 أغسطس 1934 بعنوان "ثمن الضعف"، واستمر إنتاجه الأدبي حتى عام 1994، وأنتج أكثر من 50 كتابًا ما بين روايات طويلة ومجموعات قصصية ومسرحيات، وتُرجمت أعماله إلى أكثر من لغة.