لم تكن المعاناة السياسية هي الأكثر وضوحًا لبريطانيا عند النظر إلى مستقبلها بعد "بريكست"، فحال فشل لندن في التوصل إلى اتفاقات مرضية مع دول الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص فرنسا، قد تواجه متاعب اقتصادية لا حصر لها. صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية أشارت خلال تقرير لها إلى العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها فرنسا بعد البريكست "غير المُرضي" لتوجيه ضربات اقتصادية لبريطانيا بصورة قانونية، ولا تمثل أي اعتداء قانوني على لندن. اقرأ أيضًا: طائراتها لن تُحلق.. بريطانيا مُهددة بالعزل التام بعد البريكست وأكدت الصحيفة البريطانية أن فرنسا قادرة على تفتيش كل شاحنة مُبردة بريطانية تعبر حدودها بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، مما يؤدى إلى تأخير كبير وضرب القدرة التنافسية للبضائع البريطانية من هذا النوع، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل رئيسي على الاقتصاد البريطاني في المستقبل. "الصحيفة" التي تواصلت مع عدد من الشركات المعنية بمجالات النقل البحري، أفادت بأن هناك خوف من تعطل تلك الصناعة بشكل عام، مشيرة إلى أن الخسائر المباشرة قد تتمثل في فقدان 700 ألف من وحدات الشحن قدرتها على الوصول إلى القارة سنويًا. وبخلاف التأثير المباشر لإجراءات فرنسا التي تتوقعها الأوساط السياسية والاقتصادية في بريطانيا، فإن هناك احتمالية لفقدان فرص العمل والوظائف المتاحة في الوقت الحالي، وهو التحذير الذي أطلقته الشركات المعنية بتلك الصناعة في بريطانيا على مدى الأشهر الماضية. شركة عبَارات "بريتاني"، أطلقت تحذيرًا خلال خطاب إلى وزارة النقل البريطانية، وطلبت معلومات عن قدرتها على الشحن على الطرق غرب كاليه، وهو الميناء الفرنسي الذي يعد الممر الرئيسي للنقل البحري القادم عبر قناة إنجليزية تربط بين الميناء والمدينة، بحسب "ديلي إكسبريس". وقال كريستوف ماتيو، الرئيس التنفيذي للشركة: "في أسوأ الحالات، قد تواجه شاحنات النقل البري البريطانية التي تحمل بضائع مبردة السير لمسافات أطول بكثير - ربما مئات الأميال الإضافية - للعثور على ميناء فرنسي مُجهز للتعامل مع شحنتها". اقرأ أيضًا: فرنسا تُهدد بريطانيا بالعُزلة حال فشل مفاوضات «بريكست» وأضاف: "عندما يصلون إلى هناك قد يواجهون المزيد من التأخير في انتظار إجراء التفتيش، ولا شك أن النتائج المباشرة لذلك ستكون مُهددة للوظائف والاستثمار طويل الأجل في مناطق مثل جنوب غرب إنجلترا". وتعمل عبَارات "بريتاني" من ثلاثة موانئ في المملكة المتحدة وبورتسموث وبول وبليموث، وتخدم 5 في شمال فرنسا هم لوهافر، كاين، تشيربورج، سانت مالو وروسكوف. وفي حين أن تلك القناة يمكن أن توفر مساحة 200 وحدة إضافية في جميع الرحلات بين بولي وتشيربورج وبورتسموث إلى لوهافر في فرنسا، فإن فوائد القيام بذلك يمكن أن تُمحى من خلال عمليات التفتيش الصحية لباريس بمجرد مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. وحسب الصحيفة البريطانية، فإن ما يقرب من ثلث من 210 ألف وحدة، يتم مرورها عبر القناة الإنجليزية قد تتأثر كل عام، وهو ما يعني انهيار واضح في الصناعات والخدمات المعنية بالنقل البحري في بريطانيا. وبالنظر إلى الحلول المطروحة، فإن بريطانيا قد تطلب بناء مستودعات تخزين وتبريد ضخمة لإجراء عمليات التفتيش في موانئ مثل روسكوف وسانت مالو أو تشيربورج، غير أن تلك الخطوة لا يُمكن إنجازها بحلول 29 مارس 2019، وهو موعد إتمام عملية الخروج البريطاني بصفة رسمية من اليورو. اقرأ أيضًا: بريطانيا تجد ضالتها في الصين للاستعداد لما بعد الخروج الأوروبي "النقل البحري" لن يكون هو الأكثر تضررًا حال خروج بريطانيا بلا اتفاق مُرضٍ من الاتحاد الأوروبي، حيث تلقت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي خلال الشهر الماضي تحذيرات رسمية بشأن صعوبة الأوضاع لمجالات الطيران. ووفقًا لتلك التحذيرات الرسمية، فإن قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO) تمنع حقوق مراقبة الحركة الجوية في المملكة المتحدة للحكومة البريطانية، إذا ما تم تفعيل خروجها من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق شامل، وذلك بحسب تقرير صادر مركز أبحاث الشؤون الاقتصادية. وتعد بريطانيا واحدة من الدول صاحبة التاريخ الطويل في مجالات النقل بشكل عام، والطيران المدني على وجه الخصوص، حيث يستخدمها 430 مليون راكب سنويًا، بواقع 12 مليون راكب استخدموا مطار هيثرو في رحلاتهم الجوية خلال الربع الأول من عام 2018 فقط.