لم تستطع مساعي إسرائيل لاحتواء أزمتها الجديدة مع روسيا بعد ضلوع إحدى طائراتها في إسقاط نظيرتها التابعة لموسكو فوق سواحل البحر المتوسط، في أثناء أداء مهام استطلاعية في سوريا، حيث بدت روسيا عازمة على الانتقام من هذا التصرف غير المدروس -على حد وصفها- من الجانب الإسرائيلي. وحسب ما ورد في صحيفة فويس أوف أمريكا، فإن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قبل عرض إسرائيل بمشاركة معلومات مفصلة حول الغارة الجوية التي نفذتها في سوريا، والتي أدت إلى استهداف الدفاع الجوي السوري طائرة استطلاع روسية من طراز إيل -20، مما أسفر عن مقتل 15 شخصا على متن الطائرة. وعلى الرغم من إبداء إسرائيل مرونة كبيرة في التعاون لاحتواء الأزمة مع روسيا، فإن وزارة الدفاع الروسية ألقت باللائمة في خسارة الطائرة على إسرائيل. من جانبه، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الروسي مساء الثلاثاء، للتعبير عن أسفه لوفاة طاقم الطائرة، غير أنه ألقى باللوم على وسائل الدفاع الجوي في سوريا بشأن هذه الكارثة. روسيا تحمل إسرائيل مسؤولية إسقاط طائرتها.. وتل أبيب: لا تعليق ومن المقرر أن يصل قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى موسكو اليوم الخميس، لتقديم تفاصيل أكثر حول الحادث، وهو الأمر الذي لم يكن مرضيًا بشكل كامل للجانب الروسي. وقال المتحدث باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف للصحفيين أمس الأربعاء: "الخبراء الروس سيدرسون بعناية البيانات التي سيقدمها قائد القوات الجوية الإسرائيلية". وذكرت صحيفة كوميرسانت الاقتصادية اليومية أن روسيا قد ترد أيضًا على إسقاط طائرتها بأن تصبح أكثر ضلوعًا في إشراك إيران وميليشيا حزب الله بالأمر، خاصة أن تل أبيب تبدو حساسة تجاه الدعم الروسي لطهران وميليشياتها العسكرية في لبنان. واعتادت موسكو الدخول في لعبة دبلوماسية دقيقة للحفاظ على العلاقات الودية مع كل من إسرائيل وإيران، وفي يوليو الماضي أبرمت موسكو اتفاقًا مع طهران لإبقاء مقاتليها على بعد 85 كيلومترًا من مرتفعات الجولان لاستيعاب المخاوف الأمنية الإسرائيلية. وفي حين اتخذ بوتين موقفًا حذرًا بشأن الحادث، أكد الرئيس الروسي أن بلاده سترد "باتخاذ خطوات إضافية لحماية جنودها وأصولها في سوريا". وقال نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف: "الإجراءات التي قصدها بوتين ستشمل نشر أنظمة الحماية الآلية في القواعد الجوية والبحرية الروسية في سوريا". روسيا: تحطم الطائرة لن يؤثر على اتفاق بوتين وأردوغان وصرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، بأن حادث إسقاط الطائرة "إيل-20" قبالة السواحل السورية لن يؤثر على اتفاقيات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان حول نزع السلاح في سوريا، قائلا: "لا، هذا الحادث لن يؤثر على الاتفاق، إنه اتفاق مهم، إنه اتفاق مصيري لمستقبل سوريا، وهو تأكيد على قدرة موسكو وأنقرة على التوصل إلى حلول وسط فعالة تصب في نهاية المطاف في صالح التسوية السورية". وقالت تل أبيب إن طائراتها المقاتلة كانت تستهدف منشأة عسكرية سورية تشارك في توفير أسلحة لميليشيا حزب الله الإيرانية وأصرت على أنها حذرت روسيا من الغارة القادمة وفقًا لاتفاقات نزع السلاح، مشيرة إلى أن الجيش السوري أطلق الصواريخ التي أصابت الطائرة الروسية عندما عادت الطائرات الإسرائيلية بالفعل إلى المجال الجوي الإسرائيلي. وبدت أحاديث تل أبيب عن الواقعة غير مقنعة لموسكو، حيث أكدت وزارة الدفاع الروسية أن التحذير الإسرائيلي جاء قبل أقل من دقيقة على الواقعة، تاركًا الطائرات الروسية على خط النار، متهمة المقاتلات الإسرائيلية بتعمد استخدام الطائرة الروسية كغطاء لتفادي الدفاعات السورية. وكشفت تقارير إعلامية في روسيا أن رد فعل بلادها على الواقعة لن يتوقف عند المحادثات الدبلوماسية أو البيانات العسكرية أو حتى مشاركة إسرائيل في تفاصيل أكثر عن سقوط الطائرة. روسيا تستدعي السفير الإسرائيلي بسبب الطائرة «إيل-20» ومن جانبها، تسعى إسرائيل لاحتواء الأزمة بالسبل الدبلوماسية المختلفة، وذلك على الرغم من تهديدات موسكو المستمرة بشأن إسقاط الطائرة، خاصة وأن روسيا لم تُعف إسرائيل من الضلوع غير المباشر بمقتل طاقمها بالكامل. روسيا على مدى سنوات طويلة بدت حريصة على اعتماد دبلوماسية متوازنة بين إسرائيل وإيران، لا سيما أن الأخيرة هي الحليفة الأولى لموسكو داخل منطقة الشرق الأوسط، كما أن موسكو تدين بالفضل إلى طهران في عودتها قوية على الساحة الدولية خلال السنوات الأخيرة.