«الداخل مفقود والخارج مولود» عبارة دائمًا ما تتردد عن مستشفى الفيوم العام، نتيجة وقائع «الإهمال» المتكررة من قبل الأطباء، ومعاملة المرضى بشكل غير آدمي، وهو ما حدث قبل أيام مع مراسلة «التحرير» في قسم النساء والتوليد بالمستشفى حينما حرّضت طبيبة زملاءها على عدم التعامل معها لمجرد أنها رفضت الخضوع لتوقيع الكشف المهبلي خوفًا على جنينها، وفي النهاية فقدت طفليها التوأم، بعد أن كادت تفقد حياتها بسبب نزيف حاد. البداية عندما أُصيبت أسماء إبراهيم جابر، مراسلة «التحرير» بمحافظة الفيوم، بِطلق مُبكّر وهي حامل في توأم في الشهر الخامس، فاتصلت بمسئولة في مديرية الصحة بالفيوم، التي بدورها اتصلت برئيس قسم النساء والتوليد، لنقلها إلى مستشفى الفيوم العام وإجراء جراحة ربط طوارئ لعنق الرحم، إذ أكد أنّه سيحضر غرفة العمليات وينتظرها طالبًا من أسرتها إدخالها القسم الاقتصادي. وبالفعل، نقلتها الإسعاف في أسرع وقت ممكن، لكن لدى دخولها الاستقبال نقلها العمال بالمستشفى إلى قسم النساء والتوليد، فقابلتها طبيبة تُدعى «نورهان.ع» وسألت المريضة عن خلفية مرضها فأجابتها، ثم قامت بعمل سونار طبي، وعلمت أنهما ولدين توأم وأنهما بصحة جيدة ونبضهما منتظم، ثم طلبت الطبيبة توقيع الكشف المهبلي، فرفضت المريضة؛ خوفًا من النزيف والإجهاض، إذ أخبرتها أنّ كلا من «عباس.ا»، و«حنفي. م» وهما طبيبن بالمستشفى كانا في انتظارها بغرفة العمليات، لإجراء جراحة عاجلة وإنقاذ طفليها إلا أنّ الطبيبة أخبرتها أنها في مستشفى حكومي وليست في مستشفى خاص لتختار الطبيب الذي يُوقع الكشف الطبي عليها، وأنها هي من تُحدد هل تحتاج لعملية أم لا؟، وإما أن توقع الكشف المهبلي عليها أو تطردها خارج المستشفى، فأخبرتها المريضة أنها لا تستطيع طردها خارج المستشفى، وإذا فعلت ذلك ستتقدم بشكوى ضدها لدى وكيلة وزارة الصحة بالفيوم. وما كان من الطبيبة إلا أنّ طالبت الأمن بنقل المريضة خارج المستشفى، وعندما رفض التعليمات هددته بتحرير مذكرة ضده، فتركها ورحل، ومع ذلك رفضت الطبيبة إنزال المريضة إلى غرفة العمليات، فاستغاثت أسرة المريضة بطبيبة من خارج المستشفى تُدعى «خديجة.ا»، والتي جاءت فأخبرتها الممرضة أنه غير مسموح للمريضة بنزول العمليات إلا بإذن دكتورة «نورهان»، فدخلت إلى الدكتورة وطلبت منها إنزال المريضة العمليات فرفضت بحجة أنّ المريضة «أهانتها»، فقالت لها «لو كانت أهانتك سآخذ حقك من عينيها ولكن بعد إنقاذ حياتها وحياة طفليها»، إلا أن الطبيبة رفضت إنزالها على «التروللي» طالبة إنزالها على قدميها وهي تنزف حتى أحضرت أسرة المريضة كرسيًّا متحركًا وأنزلوها إلى غرفة العمليات، وتم إيداعها بالغرفة بينما ظلّت أسرتها خارج العمليات. لم تكتفِ الدكتورة «نورهان» بما فعلته في المريضة، لكنها دخلت غرفة العمليات، وأخذت الدكتور «عباس. ا» الذي كان يباشر حالة المريضة، فتركوها في الغرفة ما يقرب من ساعة دون السؤال عنها وهي تنزف، ثم دخل الدكتور «حنفي.م» رئيس قسم النساء الذي جاء متأخرًا عن موعده بوقت كبير، ووقّع الكشف على المريضة، وقال إنها «نزفت كثيرًا وأنها ستجهض الطفلين»، ثم خرج وترك المريضة داخل العمليات ساعتين متواصلتين دون أن يدخل إليها أحد، حتى خرجت له الدكتورة «خديجة. ا» وطلبت منه إرسال طبيب لإجراء الولادة وطبيب تخدير، لأنه لا يصح أن تتعامل معها طبيًّا وهي لسيت على قوة المستشفى، فقال لها «اتعاملي معاها إنتي وهاتيلها دكتور تخدير من برة عشان تبقى تزعل الدكتورة بتاعتنا». وعادت الدكتورة خديجة بعدما أحضرت طبيبًا يُدعى «أحمد. أ»، وبدأ في توليد المريضة دون مخدر، ولم يكن يعلم أنهما توأمين، فأنزل الطفل الأول ثم الطفل الثاني، وبدأ في إخراج المشيمة وسط صراخ المريضة بإحضار أي مهدئ أو مخدر لها بسبب الألم الشديد لكنه قال لها لا بد أن تتحمل لأنها تنزف، فيما أرسلت الدكتورة «نورهان» زميلتها وتُدعى دكتورة «شيماء» لتطلب من دكتور «أحمد» أن يترك المريضة، لأنها أهانت زميلتهم، ولكنه رفض لأنها تنزف، حتى أخبر الدكتورة خديجة أن تخرج وتحل المشكلة مع دكتورة نورهان، لتتمكن من إحضار طبيب تخدير، وبالفعل صعدت الطبيبة، واعتذرت لدكتورة «نورهان» وقبّلت رأسها، فأرسلت حينها طبيب التخدير ودكتور «عباس» للمريضة، وتم تخديرها وفصل المشيمة الثانية، ثم إخراجها من العمليات. وبالرغم من كل ذلك، ووسط تحريض الطبيبة لزملائها على عدم التعامل مع المريضة وتركها تنزف، لم يهتم أحد بإدخال الطفلين إلى الحضّانة رغم انتظام نبضهما، محاولة منهما لإنقاذ حياتهما فتم تركهما بغرفة العمليات أسفل تكييفين حتى توفيا، ولم ينتهِ الأمر بعد، فعند خروج المريضة من غرفة العمليات وإفاقتها تُركت على «التروللي» في ممر أمام غرف العمليات، ورفضوا إدخالها القسم الاقتصادي مثلما طلبوا في البداية، كما أنهم رفضوا إدخالها الغرف العادية، وحينما فقدت أسرتها الأمل طلبوا إخراجها، وفضلوا نقلها إلى عيادة خاصة، لإعطائها المحاليل اللازمة وتعويض الدماء التي نزفتها. وبعد يومين قررت المريضة أن تشتكي الطبيبة التي تعاملت معها بتعنت وعرضت حياتها للخطر كما تسببت في وفاة طفليها، فتقدّمت بشكوى ضدها وضد رئيس قسم النساء والتوليد بمستشفى الفيوم العام، واستقبلتها الدكتور آمال هاشم وكيل وزارة الصحة، ووعدتها بنقل الطبيبة إلى مستشفى أخرى لمصلحة العمل، وحتى الانتهاء من التحقيقات، وذلك بعدما اتصلت بمدير المستشفى ورئيس قسم النساء وتأكدت من صحة الواقعة، إلا أنها تراجعت في قرار نقلها ولم تنقلها، نظرًا لتدخل شقيقها الذي يعمل في جهة أمنية، مُتجاهلة ما حدث مع المريضة وتعريض حياتها للخطر، والتسبب في وفاة طفليها.