يعد الدعم من المشكلات الكبرى التى تواجه الحكومة، خاصة أنه البند الأكبر فى المصروفات التى تتحملها الدولة، ويهدف فى الأساس إلى تخفيف الأعباء عن المواطن البسيط الذى يستحق الدعم عن طريق تخفيض أسعار بعض السلع والخدمات، وتتحمل الدولة الفرق بين السعر الرسمى والسعر الحقيقى للسلعة أو الخدمة المستهدف دعمها. وبدأت الحكومة منذ عام 2014 فى إجراءات ترشيد فاتورة الدعم ضمن خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادى، لضمان وصوله إلى مستحقيه، من خلال الانسحاب تدريجيا من الدعم السلعى غير الموجه، وخاصة دعم الطاقة والتحول إلى الدعم النقدى لاستهداف الفات الأولى بالرعاية. فاتورة الدعم فى الموازنة وتبلغ فاتورة الدعم فى الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل 2018-2019 نحو 332 مليار جنيه، وهى أعلى من العام الماضى بما يزيد على 50 مليار جنيه. ويذهب هذا الرقم إلى العديد من السلع والخدمات التى تدعمها الحكومة، وتشمل الوقود (البنزين، السولار، المازوت)، والكهرباء، والمياه، والسلع التموينية، وخدمات النقل مثل مترو الأنفاق، والأسمدة والكيماويات الزراعية، والصحة، والتعليم. رفع أسعار الخدمات المدعومة رفعت الحكومة أسعار المياه بالمنازل بنسبة تصل إلى 46% خلال الشهر الجارى، كما أعلن وزير الكهرباء رفع الأسعار بداية من يوليو المقبل بنسبة قد تصل إلى 26%، فيما رفعت الحكومة أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسبة 250% ليصل سعر التذكرة الواحدة إلى 7 جنيهات بدلا من 2 جنيه. ورفعت الحكومة يوم السبت الماضي، أسعار المواد البترولية بنسب تتراوح ما بين 17.4% و66.5%، حسب نوع المنتج البترولي. وفى ظل هذه الزيادات نتساءل أين تذهب أموال الدعم طالما تقوم الحكومة برفع أسعار الخدمات على جميع المواطنين بدون استثناء؟ المواد البترولية فعلى سبيل المثال الحكومة تدعم الوقود فى الموازنة الجديدة بمبلغ 89 مليار جنيه، فى حين أن نسبة استفادة الطبقة الفقيرة من ذلك الدعم لا تتعدى 10%، حيث إنه لا يوجد لديهم سيارات خاصة، وحتى إذا كان لديهم فإن معدل استهلاكهم قليل مقارنة بالطبقات الأخرى. وغالبية الطبقات حاليا سواء كانت فقيرة أو متوسطة تعتمد على المواصلات بنسبة كبيرة سواء كان مترو أنفاق، (والذى تم رفع أسعاره بنسبة 250%)، أو سيارات الميكروباص والتى تتعمد رفع تعريفتها مع كل زيادة فى سعر البنزين بنسبة مبالغ فيها. أيضا بالنسبة لأسطوانات الغاز فارتفع سعرها ليصل إلى 30 جنيها، فى مقابل 15 جنيها قبل تخفيض الدعم، ورغم ذلك فإنها تصل إلى جميع المواطنين سواء كانوا مستحقى الدعم أو غير مستحقين بسعر 30 جنيها. الصحة ارتفعت مخصصات دعم الصحة إلى 61 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة 2018-2019، مقارنة بنحو 54 مليارا فى موازنة العام الجارى. وتعد هذه الزيادة غير كافية على الإطلاق لإحداث أى تغيير أو تطوير فى القطاع، فعلى سبيل المثال نجد أن الفئة الدنيا، التى تمثل النسبة الكبرى من الشعب المصرى، لا تتمتع بالتأمين الصحى اللازم الذى يكفله الدستور، بل إن التأمين الصحى فى مصر يقتصر فقط على الموظفين الحكوميين، بالإضافة إلى فقر العديد من المحافظات خاصة فى الصعيد إلى العديد من المستشفيات، والأجهزة والمعدات اللازمة. السلع التموينية بحسب البيان المالى لمشروع الموازنة، ارتفع دعم السلع التموينية إلى 86.175 مليار جنيه خلال العام المقبل 2018-2019، مقابل 63.1 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري. وكشف تقرير صادر من وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أن نحو 81.6 مليون مواطن يحصلون على دعم السلع التموينية من أصل عدد سكان مصر البالغ أكثر من 91 مليون مواطن فى حينه، بما يعادل 19.9 مليون بطاقة تموينية. وكشف التقريرأن عدد المواطنين المصنفين فى عداد الأغنياء يخضع منهم 14.4 مليون مواطن بنسبة 79.16% لمنظومة دعم السلع التموينية والتى تتضمن السلع والخبز، وأن الشريحة الثانية التي تمثل طبقة الأغنياء بلغ عدد المستفيدين من البطاقات التموينية فى هذه الشريحة 16.5 مليون مواطن بنسبة 90.50%. كما مثلت الشريحة الثالثة الطبقة المتوسطة، وبلغ عدد المستفيدين من البطاقات التموينية في هذه الشريحة 16.7 مليون بنسبة 91.84%، أما الشريحة الرابعة فتمثل فئات المواطنين القريبين من الفقر منهم 16.9 مليون يمتلكون بطاقات تموينية، بنسبة 93.1%. وأشار التقرير إلى أن الشريحة الأخيرة التى تمثل طبقة أفقر الفقراء، ويبلغ عدد المواطنين فيها 18.2 مليون مواطن، بينهم 17.1 مليون يمتلكون بطاقات التموين والدعم، بما يعنى أن 93.9% من هذه الشريحة لديهم بطاقات تموين. ويحصل المواطن بموجب البطاقة التموينية على دعم سلع بقيمة 21 جنيها شهريا، بالإضافة ألى دعم خبز بقيمة 45 جنيها للفرد، على اعتبار أن تكلفة الرغيف 35 قرشا، يقوم المواطن بدفع 5 قروش، فيما تتحمل الدولة 30 قرشا لدعم رغيف الخبز الواحد. نصيب الفرد من الدعم 487 جنيها شهريا يبلغ عدد الفقراء فى مصر نحو 26.6 مليون نسمة وفقا لآخر أرقام تعداد السكان التى أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويكون نصيب المواطن من إجمالى قيمة باب الدعم في الموازنة البالغ 332.7 مليار جنيه، فى حال حصول الفقراء وحدهم عليه هو مبلغ 1042 جنيها شهريا للفرد الواحد. فيما يقدر الخبراء نسبة الفقر الفعلية حاليا بنحو 60%، يكون عدد الفقراء 57 مليون مواطن، وبالتالى يكون نصيب الفرد من الدعم 487 جنيها شهريا، وبهذا يتراوح نصيب الأسرة الفقيرة المتوسطة المكونة من 5 أفراد من الدعم، يتراوح بين 2400 جنيه، و5200 جنيه شهريا، فأين تذهب هذه الأموال فى ظل تحمل الطبقات المتوسطة والفقيرة الزيادات فى أسعار السلع والخدمات المدعومة من الدولة؟