حالة من الجدال والنقاش الحاد، شهدتها أروقة اللجنة الدينية بمجلس النواب، خلال الساعات الماضية، عقب استضافتها لممثلي المؤسسات الدينية لمناقشة مشروع قانون تنظيم وضبط الفتوى. حرب بين الأزهر والأوقاف وشهد الاجتماع، نقاشا حادا بين وزير الأوقاف محمد مختار جمعة والدكتور محيى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، بسبب رغبة الأخير فى عدم أحقية وزارة الأوقاف فى الفتوى، متهمين إياها بعدم تأهيلها للإفتاء، الأمر الذى أغضب وزير الأوقاف. ولجأ مختار جمعة، فى الدفاع عن أحقية الوزارة فى الإفتاء، إلى التأكيد أن الوزارة تمتلك إدارة للفتوى، الأمر الذى يجعل لها الحق فى أن يتضمن مشروع القانون أحقية الوزارة للإفتاء، وهو ما قوبل باستنكار شديد اللهجة من ممثلي الأزهر، فى حضور الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية، والدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، والشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، فضلا عن مشاركة وزير الأوقاف د.مختار جمعة، ممثلا عن الوزارة، وأمين عام مجمع البحوث الإسلامية، محيى الدين عفيفى، ممثل الأزهر الشريف. صراع على الإفتاء غير أن الصراع بين الإمام والوزير على حق الإفتاء، لم يكن وليد اليوم، بل ظهر جذوره عقب الإعلان عن تدشين قوائم للإفتاء على الفضائيات بالتنسيق بين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومشيخة الأزهر خلال الأسابيع الماضية. وكشفت قوائم الإفتاء على الفضائيات المقدمة من قبل الأزهر والإفتاء ووزارة الأوقاف، إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الستار عن طبيعة التعامل بين المؤسسات الدينية فى ملف الدعوة، وذلك بالبعد عن التنسيق والعمل المنفرد من كل طرف. ففى نوع من عدم التنسيق، جاءت قائمة وزارة الأوقاف للإفتاء، والتى قام بتسليمها وزير الأوقاف إلى مكرم محمد أحمد، بمقر المجلس، خلال لقاء جمع وزير الأوقاف برئيس المجلس، بمقر المجلس، وضمت 136 شخصية متناقضة مع قائمة الأزهر. غير أن قائمة الأوقاف، لم تقتصر على رجال الوزارة المؤهلين للإفتاء، بل احتوت على شخصيات أزهرية فى المقام الأول، والذين تم تجاهلهم من قبل مشيخة الأزهر رغم أزهريتهم، ويأتى فى مقدمة الشخصيات التى تجاهلها الطيب ورشحت من قبل وزارة الأوقاف، الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بالنواب، ورئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور أسامة الأزهري، مستشار الرئيس للشئون الدينية، والدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحرى، والدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، فى تأكيد واضح على الصراع بين الأزهر والأوقاف حول تصدر المشهد. الحد من الفتاوى الشاذة أكد الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن اللجنة والمؤسسات الدينية المعنية بالأمر، حريصة أشد الحرص على خروج مشروع القانون الخاص بتنظيم الفتوى، بشكل يحد من تصدر غير المختصين للإفتاء، مؤكدا أنه بموجب خروج المشروع إلى النور سيقضى على فوضى الفتاوى فى البلاد. وأوضح رئيس اللجنة الدينية ل"التحرير" أن اللجنة عقدت الكثير من اللقاءات ولا تزال بين ممثلي المؤسسات الدينية فى حضور الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، وعدد من المفتين السابقين، من أجل وضع كل الخبرات على المشروع، للحد من ظهور الفتاوى الشاذة، وأصحاب الفكر المتطرف، جنبا إلى جنب مع جهود مكافحة الإرهاب والتطرف. وتابع بأن اللجنة طلبت من وزارة الأوقاف، إحضار الأوراق الرسمية التى تفيد وجود إدارة للفتوى بها، وأن تلك الأوراق الرسمية سيتم عرضها على اللجنة الدينية بمجلس النواب من أجل اتخاذ القرار التوافقى بين المؤسسات الثلاث مع مراعاة المصلحة العليا للوطن، مؤكدا أن الجميع لا يسعى لأى مصالح شخصية بقدر العمل على تولي المهام للمشاركة فى العمل الوطنى للحد من ظهور الفتاوى الشاذة. الأوراق جاهزة وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن وزارة الأوقاف بحكم الدستور والقانون شريك أساسي فى ممارسة مهام الدعوة، وهى المنوط لها الإشراف الكامل على جميع مساجد الجمهورية، الأمر الذى يتطلب أن تتحلى الوزارة بكامل اختصاصاتها من أجل ممارسة العمل الدعوى على الوجه الأكمل. وأوضح جابر طايع ل"التحرير"، أن الوزارة ستقدم إلى اللجنة الدينية بمجلس النواب برئاسة الدكتور أسامة العبد، كل الأوراق والمستندات التى تفيد وجود إدارة كاملة للإفتاء فى رحاب الوزارة وهى بالفعل موجودة، الأمر الذى يبرهن أحقية الوزارة فى ممارسة مهام الإفتاء بمشروع القانون المنتظر، من أجل أن تتضافر الجهود بين المؤسسات تحت رعاية الأزهر الشريف، للحد من ظهور الفتاوى الشاذة. الأزهر يرفض التعليق من جهته رفض الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التعليق على الواقعة. الحبس والغرامة عقوبة المخالفين ويستهدف قانون تنظيم الفتوى العامة، معاقبة من يتصدر للإفتاء بالمخالفة للقانون، ويتكون مشروع القانون المقدم من النائب البرلمانى عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، من 4 مواد. ويحظر القانون بأية صورة التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، كما ينص القانون أن للأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة. وبموجب مشروع القانون تقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام على المصرح لهم من الجهات المذكورة فى المادة الأولى، ويعاقب القانون على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تكون العقوبة هى الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه.