الطلاب: الوصية بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة معمول به في دول العالم.. والسعودية لديها بنك لزراعة الأعضاء الأزهر والإفتاء أيدا الفكرة من باب «من أحياها فقد أحيا الناس جميعا».. وأستاذ زراعة الأعضاء بالمنصورة: مصر تأخرت كثيرا في هذا المجال أن تحيا سعيدا هو شيء جميل، لكن أن تمنح الآخرين الحياة نفسها فذاك قمة العطاء ومكمن السعادة الحقيقية.. "عيشها مرتين" عنوان مبادرة طلاب الإعلام بالكلية الكندية في التجمع الخامس، تهدف إلى وهب الحياة لأشخاص مرضى عن طريق التوصية بالتبرع بالأعضاء للمحتاجين ولمن تقف حياتهم على شفا الهلاك.. أطروحة التبرع بالأعضاء عن طريق الوصية بعد الوفاة معمول به في كثير من دول العالم، بل حتى في دول عربية مثل السعودية التي أصبح لديها بنك من الأعضاء عن طريق الوصية كافية لإنقاذ آلاف المرضى. يرى طلاب الكلية الكندية وأصحاب المبادرة أن التبرع بالأعضاء عن طريق الوصية هو الحل السحري لإنقاذ حياة آلاف المرضى في مصر، بل هو من أجلّ الأعمال، حيث إنه يختص بالنفس البشرية ويسعى إلى إنقاذها، كما يجب على أفراد المجتمع التعاون في نشر هذا الفكر الإنساني النبيل. الذي من شأنه إنقاذ حياة إنسان قضى عمره يعاني هذا المرض «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه». ولكن لا تزال قضية زراعة ونقل الأعضاء البشرية تشهد جدلا واسعا من الناحية الشرعية والطبية، ففي الوقت الذي شرعت فيه بعض الدول العربية والإسلامية في إجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء، ووضع القوانين اللازمة، ويرى الطلاب ال12 أصحاب المبادرة التي اختاروها لتكون مشروع تخرجهم في نفس الوقت أن النجاح يدعم الثقة بالنفس، وهو شرط أساسي أمامهم في طريق حلمهم، وبذلوا جهدا مضنيا استمر لشهور، وانتهى، «بعيشها مرتين»، هي حملة لتوعية الشباب المصري بقضية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، ومساعدتهم لمعرفة معلومات أكثر من الناحية الطبية والقانونية والدينية، وكانت البداية بمؤتمر نظمه الطلاب بالمستشفى السعودي الألماني في القاهرة، بحضور العشرات من أساتذة الجامعة والأهالي والطلاب. «دعاء سامي»، طالبة جامعية وإحدى مؤسسات مبادرة «عيشها مرتين»، تقول إن الحملة هدفها توعية الشباب حول التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، موضحة أنها كانت تفكر هي وزملاؤها في فكرة لمشروع التخرج الخاص بهم وأن تكون فكرة جديدة لصالح الشباب والمجتمع وتغير ثقافتهم، ونظراً لكثرة المرضى في المستشفيات وكثرة المحتاجين والمنتظرين وجود أعضاء تحت منظار التبرع لهم، دون مقابل لذلك، تم اختيار فكرة «عيشها مرتين»، لتكون مشروع التخرج بل لتكون حملة يدعمونها بجهدهم وبثقافتهم. وأضافت «سامي» أن المبادرة أخذت وقتا لشرحها لجمهور المواطنين والطبقات المتوسطة، متوقعة أن تأخذ الفكرة طريقها للتطبيق مع مرور الوقت، لأن الفكرة قائمة على عمل الخير وإنقاذ حياة المرضى، لافتة إلى أن فكرة الوصية للتبرع بالأعضاء بعد الموت قد تكون صعبة في البداية نظرا للموروثات والعقائد «صعب تقول لواحد والده أو والدته اتوفت هو كان أوصى بالتبرع بكليته مثلا» وتتوقع أن يسلم جثمان الميت للأطباء. وذكرت عضوة المبادرة أن آلية التطبيق والتنفيذ ل"عيشها مرتين" متاحة للنقاش والدراسة. مضيفة: ما نفعله الآن هو «إلقاء حجر في المياه الراكدة» عن طريق طرح الفكرة وفتح النقاش حولها. وأضاف «أحمدعلي»، من مؤسسي المبادرة ل«التحرير» أن المشروع يتكون من 12 طالباً هدفهم مساعدة الشباب لمعرفة معلومات أكثر في جميع النواحي الطبية والقانونية والدينية، مشيرا: «قدمنا وشاركنا في تنظيم مؤتمر بمستشفى السعودي الألماني بالقاهرة حضره أستاذ الجراحة بجامعة عين شمس ورئيس قسم زراعة الكبد في مستشفي الطيران، وحضر المستشار وإخصائي قانوني وخطيب بوزارة الأوقاف وخطيب من الأزهر الشريف». وأكدت «ميار عباس» أحد أعضاء مؤسسي «عيشها مرتين» أنهم يستهدفون استكمال الحملة بعد التخرج فى كلية الإعلام، حيث إن هدفهم هو الوصول إلى وجود «بنوك خاصة» للأعضاء يتبرع المواطنون بها، منوهة بأن الحملة حازت على كثير من الاهتمام وأصبح هناك الكثير من الشباب يهتم لمعرفة كيفية التبرع، ويكون عن طريق وصية له، موضحة أنه من الناحية الدينية لا يمكن التبرع بأكثر من عضوين فقط. وأشارت عباس إلى أنها عرضت الفكرة في نطاق أسرتها وأقاربها وكان ردة فعلهم متباينة بين الموافقة والتأييد والرفض والتنديد، لافتة إلى أن رد فعل أسرتها هو جزء من ردة الفعل في المجتمع الذي بالطبع ستختلف رؤاه حول المبادرة وتأييدها من عدمه. وانتقدت عضوة المبادرة تأخر مصر في عمل بنوك لنقل الأعضاء عن طريق «التبرع بالوصية»، كما هو معمول به في كثير من الدول التي لا تضاهي مصر في تاريخها وثقافتها وحضارتها. يقول «سيف» أحد الطلاب المؤسسين للحملة، إن السعي في تحقيق التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع يعزز من الترابط والتلاحم فيما بينهم ومن أبرز ملامحه: تفقد أحوال من حولك من المسلمين ومعرفة أوضاعهم المادية والمعيشية والصحيّة وغيرها من مقومات الحياة، ومن أبرز المساعدات الصحية التبرع بالأعضاء، فلا يخفى على أحد أهميته واحتياجات المستشفيات لمتبرعين، وهو كالصدقة الجارية أو الوقف للمتبرع، حيث إنه يسهم في إنقاذ العديد من المرضى من الموت أو المعاناة من الأمراض قال تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً). ولفت قائلا: «كم من مريض أُنقذ من الوفاة، وكم من مريض أهلكه الغسيل الكلوي وأتاه الفرج وتخلص من الآلام، وغيرهم الكثير الذين ينتظرون الفرج من الله ثم المتبرعين بالأعضاء». وأشار إلى أن طلاب المبادرة عقدو مؤتمرا بالمستشفى السعودي الألماني، افتتحه الدكتور «عمرو عبد العال»، أستاذ الجراحة بجامعة عين شمس ورئيس برنامج زراعة الكبد بمستشفى الطيران التخصصي ومعهد ناصر، ودار النقاش حول موضوع وفكرة قضية التبرع بالأعضاء وقدم تعريفا مُبسطا لزراعة الأعضاء، والذي قال إنها "عملية استبدال عضو لا يعمل بعضو يعمل"، والفرق بين عملية الاستبدال والهندسة الوراثية، والأخيرة تعني "تخليق عضو". وأضاف «عبد العال» خلال المؤتمر أن هناك نوعين لعمليات زراعة الأعضاء عضو ينتقل من إنسان حديث الوفاة إلى آخر مريض، أو عضو ينتقل من شخص على قيد الحياة إلى آخر مريض، وأكد أن النوع الثاني هو الأصعب في نظره. كما أضاف المستشار الإخصائي القانوني يوسف فايز، في حديثه عن الندوة، أن مصر دولة متأخرة فيما يختص بالتشريعات والقوانين التي تنظم عمليات زراعة الأعضاء البشرية، كما تأتي في الترتيب الخامس بين الدول التي تُعاني من تجارة الأعضاء، لذلك كان الدافع وراء إصدار القانون الذي يُنظم عمليات زراعة الأعضاء في عام 2010، هو الحد من عمليات الاتجار. وزارة الأوقاف حسمت أمر نقل الأعضاء بتأكيدها أن «عملية تبرع المتوفى بعضوه إلى شخص مريض، لا بد من التأكيد لى أن الأمر بالتبرع وليس للبيع. الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما نزل به تحريم»، يقوم الأطباء بإنقاذ الأرواح ويفعلون دائماً ما بوسعهم من أجل المرضى. كما يضيف الدكتور "محمد عبد الوهاب"، أستاذ جراحة الكبد بطب المنصورة، المشرف على وحدة زراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمى، أحد أبرز رواد زراعة الكبد فى مصر، وأشرف على زراعة 420 حالة حتى الآن، ولديه عشرات الأبحاث العالمية فى مجال جراحة وزراعة الأعضاء، إن عمليات الزراعة حققت نجاحاً باهراً في مجال الطب الحديث، بأن فكرة التبرع بالأعضاء عقب الوفاة تظل فكرة مذهلة و«يا ريت تتنفذ». وأوضح أستاذ جراحة الكبد أنه قد لا يدرك الشخص الذي عافاه الله من فشل عضوي أو فقدان بصر بالنعمة التي هو فيها إلا إذا عاشر أولئك المرضى وتألم لآلامهم، خاصة إذا ضاقت بهم السبل، فلا يهنأ المريض بنوم، بل يترقب مجيء منادي الموت في أي لحظة، مؤكدا أن لا علاج لهؤلاء -بعد رحمة الله- إلا بالتبرع من أعضاء غيرهم. وأضح الدكتور «عبد الوهاب» أن تردد المتبرعين أحياناً في التبرع بأعضائهم يعود إلى عدة أسباب؛ أولها قلة الوعي الشرعي بحكم التبرع بالأعضاء، وثانياً ضعف التوعية الثقافية والحضارية لأثر التبرع على المجتمع، مطالبا بتفعيل حملات توعية عن طريق خطباء الجمعة في دعم التبرع بالأعضاء من الناحية الشرعية. من جهته أكد الشيخ ياسر محمد السيد الفقى، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أن التبرع بالأعضاء جائز بل مستحب، إذا كان التبرع بالمال صدقة بالمال لإنقاذ فقير أو مريض أو بائس من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى، فما بالك بمن يتبرع ببعض بدنه، هذا أمر محبب في الإسلام، لافتا إلى أن الله يعتبر هذا من ضمن إحياء النفس.