لأكثر من خمس سنوات مضت، لم يصل التصنيف الائتماني لمصر في تقييمات وكالة ستاندرد آند بورز «S & P» الأمريكية للخدمات المالية، إلى التصنيف الجديد «B»، بدلاً من «-B»، مع التأكيد على النظرة المستقبلية المستقرة. فماذا يعني تحسّن تصنيف مصر الائتماني؟، وما الفوائد التي قد تعود على الاقتصاد المصري؟، وما المتغيرات التي دفعت المؤسسة لرفع التصنيف؟، وهل من المتوقع أن نرى رفعا جديدا للتصنيف خلال الفترة المقبلة؟ أم لا؟ ماذا يعني «-B» و«B»؟ تعد وكالة ستاندرد آند بورز، واحدة من ثلاث وكالات عالمية كبرى، تمارس كل منها نشاطها في تقويم قدرة الدول والشركات والمؤسسات المالية على الوفاء بالتزاماتها المالية بصورة دورية فيما يزيد على 100 دولة، حيث تنتشر فروع هذه الوكالات التي تتمتع بتأثير قوي في عالم المال واكتسبت ثقة الحكومات والمستثمرين في كثير من دول العالم. وفيما يخص درجات التصنيف المختلفة لوكالة ستاندرد آند بورز، فهناك درجتان للتصنيف، أولاهما درجة الاستثمار، وهي مؤشر لانخفاض درجة المخاطر الائتمانية، وتأخذ الرموز (A ،AA ،AAA، BBB)، وثانيتهما هي درجة المضاربة، وهي مؤشر لارتفاع درجة المخاطر الائتمانية -التي تقع فيها مصر الآن-، وتأخذ الرموز (C ،CC ،CCC ،B ،BB). كما تضيف وكالات التصنيف الائتماني أرقاما أو إشارات على يمين درجة التصنيف للدلالة على مستوى الجودة الائتمانية داخل كل درجة تصنيف، حيث تضيف وكالة ستاندرد آند بورز (+ أو –) إلى درجات التصنيف الائتماني من AA إلى B، للتعبير عن مستوى الجودة الائتمانية ضمنها. وتعني درجة التصنيف (B) أن مخاطر المضاربة عالية، حيث تعتبر الإصدارات المصنفة (B) ذات جودة ائتمانية ضعيفة، ومخاطر ائتمانية عالية جدا، وتتضمن مخاطر مضاربة عالية. أسباب تحسن التصنيف قالت الدكتورة بسنت فهمي، أستاذة التمويل والاستثمار وعضوة لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، إن رفع التصنيف الائتماني لمصر، هو نتيجة كل الإجراءات والخطوات الاقتصادية، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، التي تمت على مدار السنوات الأربع الماضية. وأضافت أستاذة التمويل والاستثمار، أن التقييم يتم بناؤه على مجموعة من الأسس، منها الوضع والاستقرار السياسي، والاجتماعي، وأسلوب إدارة الاقتصاد، وخطة الحكومة في إدارة الدولة بشكل عام، بخلاف مؤشرات الاقتصاد الكلي "التضخم، البطالة، عجز الموازنة"، ومدى ارتفاع وانخفاض كل منها، وإذا كانت تلك المؤشرات إيجابية يتم رفع التصنيف الائتماني، والعكس صحيح. وأشار الدكتور عمرو حسنين أستاذ التمويل بالجامعة الأمريكية، ورئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى «ميريس»، إلى أن وكالة ستاندرد آند بورز رفعت تصنيف مصر، وليس مجرد تغيير في النظرة الائتمانية، لذا صعدت إلى مستوى تصنيف أعلى، ولكننا نحتاج إلى مزيد من الخطوات الاقتصادية، لرفع التصنيف نحو ست درجات. ويرى حسنين أن الأسباب التي دفعت الوكالة الأمريكية «S & P»، إلى تحرك التصنيف الائتماني لمصر، هي متعلقة بأمرين، الأول خاص بالخطوات النقدية التي تم اتخاذها، على صعيد استقرار وتوحيد سعر الصرف، وبدء محاصرة التضخم، والأمر الثاني يتعلق باتباع سياسات مالية بعينها، أدت إلى تقليل عجز الميزان التجاري، رفع نسبة النمو، وتوقعات بخفض الدين العام. أهمية رفع التصنيف «أهمية كبيرة» هكذا ردّت الدكتورة بسنت فهمي، أستاذة التمويل والاستثمار، سؤال: ما العائد على الاقتصاد من رفع التصنيف؟، موضحة أن أهميته تكمن في طمأنة وتحفيز المستثمرين على اقتحام السوق المصرية، حيث توفر تلك التصنيفات كل المعلومات التي يحتاجها عن كل دولة وفرص الاستثمار بها، والتي يحدد في ضوئها قدرته على النجاح في هذه السوق. وأوضحت أن هذا التقييم ممتاز، رغم أن معناه وجود مخاطر ائتمانية عالية جدا، فلا توجد سوق نسبة المخاطر بها صفر، بالإضافة إلى التأكيد على النظرة المستقبلية المستقرة للسوق. هل نرى تحسنا جديدا في التصنيف؟ قال الدكتور عمرو حسنين أستاذ التمويل بالجامعة الأمريكية، ورئيس شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى «ميريس»، "إن تغيير التصنيف في أيدينا نحن، وليس للوكالة دور فيه، حيث إن من المنتظر أن نبذل مزيدا من الجهد في اتخاذ خطوات أكثر لرفع التصنيف، أهمها زيادة FPI -الاستثمار الأجنبي في الحوافظ المالية-، ونقليل الدين العام، وزيادة موارد الدولة". بينما استبعدت الدكتورة بسنت فهمي، إجراء تعديل جديد في تصنيف مصر الائتماني خلال الفترة القليلة المقبلة، نظرًا للمشكلات التي تواجهنا، والتي أشار التقرير لبعض منها، أولها وجود إرهاب في سيناء، والحرب الدائرة ضده، بالإضافة إلى أننا نقع في منطقة شديدة الالتهاب، ومن المتوقع اشتعال وشيك للحرب في المنطقة، فقد نجد احتلالا أمريكيا لسوريا خلال أسابيع، لذلك نسبة الخطر مرتفعة. وزير المالية: نسير على الطريق الصحيح ورحب وزير المالية عمرو الجارحى بقرار وكالة «ستاندرد آند بورز»، للتصنيف الائتماني برفع تقييمها السيادي للاقتصاد المصري، مع التأكيد على النظرة المستقبلية المستقرة باعتباره خطوة جديدة تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح وتمثل شهادة ثقة على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري. وأوضح الجارحي أن ذلك التصنيف سيسهم في زيادة درجة الثقة في قدرة وإمكانات الاقتصاد المصري، وفى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لداخل البلاد، وكذلك في خفض تكلفة التمويل المتاح للدولة ومؤسساتها وللقطاع الخاص. محاور التقييم وقد رجعت المؤسسة قرارها برفع التصنيف الائتماني لمصر وللمرة الأولى منذ عام 2013 بسبب حدوث تطورات إيجابية على أربعة محاور رئيسية وهى: عودة النشاط الاقتصادي وتحسن هيكل النمو حيث أشاد التقرير بارتفاع معدلات النمو وانخفاض معدلات البطالة إلى جانب تحسن هيكل نمو الاقتصاد المصري والذي أصبح أكثر توازنا من خلال تحقيق مساهمة إيجابية لكل مصادر النمو وعلى رأسها الاستثمارات وصافى الصادرات بعد أن كان الاستهلاك هو المحرك والمحفز الرئيسي للنمو خلال السنوات الأخيرة. كما أشادت مؤسسة ستاندرد آند بورز بحدوث تنوع كبير في مصادر النمو المحققة من كل القطاعات المختلفة.