أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس الثلاثاء، قرارًا بانسحاب بلاده من خطة العمل المشتركة الشاملة، المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني. قرار ترامب شمل إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، وهو ما يهدد أسواق النفط العالمية، وقد يؤدي إلى عرقلة العديد من الصفقات التجارية التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. شبكة "بلومبرج" قالت إن إعادة فرض العقوبات على إيران ليست فورية، حيث سيتم تطبيقها على مدار ستة أشهر، وهو الوقت الذي قد يتيح فرصة للتفاوض على اتفاق جديد لاستبدال أو استكمال الاتفاقية التي تم التوصل إليها خلال فترة رئاسة باراك أوباما. ويحظر قرار ترامب توقيع العقود الجديدة على الفور، ويحدد مهلتين تمتدان ل90 يوما و180 يومًا للشركات التي لديها التزامات تجارية قائمة مع إيران. وبحلول أغسطس ونوفمبر القادمين، سيتعين على الشركات الامتثال لمجموعة واسعة من العقوبات التي تستهدف البنك المركزي الإيراني والقطاع المالي الإيراني، وصناعة النفط، والشحن، ونقاط الضغط الاقتصادية الأخرى. اقرأ المزيد: أمريكا تنسحب من الاتفاق النووي| النفط يقفز.. وإيران: ترامب لا يصلح لمنصبه وأوضح ترامب أنه يتوقع التوصل إلى اتفاقية جديدة لرفع العقوبات، حيث صرح "الحقيقة هي أنهم سيرغبون في التوصل إلى اتفاق جديد ودائم، يستفيد منه كل الإيرانيين والشعب الإيراني"، مضيفًا "عندما يفعلون ذلك، فأنا مستعد وراغب وقادر على القيام بذلك". وإذا لم يستجب الإيرانيون للضغوطات، ولم يرضَ ترامب عن أي اتفاق جديد، فهذا ما سيحدث: عقوبات في أغسطس من المقرر أن تنتهي المهلة الأولى في السادس من أغسطس، وبحلول ذلك الوقت، يجب على الشركات أن تتخلى تدريجيًا عن الديون السيادية الإيرانية أو العملة الإيرانية، وسوف يخضع أي شخص أو شركة تساعد الحكومة الإيرانية في الحصول أو شراء الدولار الأمريكي، للعقوبات بحلول هذا الموعد. كما سيعاد فرض العقوبات مرة أخرى على تجارة إيران في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، مثل الجرافيت والفحم، والمعادن مثل الألومنيوم والصلب، وقطاع السيارات في البلاد والمنتجات الفاخرة مثل السجاد الإيراني والكافيار، في 6 أغسطس المقبل. حيث صرح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن في مؤتمر صحفي، بأن الشركات يمكن أن تطلب إعفاءات أو تراخيص خاصة لتجنب العقوبات، وسيتم تحديدها على أساس كل حالة على حدة. عقوبات نوفمبر من المقرر إعادة العمل بالعقوبات التي تستهدف الشركات التي تتعامل مع صناعة النفط الإيرانية، في 4 نوفمبر المقبل، بما في ذلك فرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية التي تجري معاملات كبيرة مع البنك المركزي الإيراني. اقرأ المزيد: كيف يؤثر انسحاب أمريكا من «الاتفاقية النووية» على إسرائيل؟ علاوة على ذلك، ستفرض الولاياتالمتحدة عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، وعلى المعاملات المرتبطة بالنفط مع شركات إيرانية من بينها شركة النفط الوطنية الإيرانية، وشركة "نفط إيران انترتريد" الشركة الوطنية الإيرانية للناقلات. وقالت حليمة كروفت رئيس قسم استراتيجيات السلع الأولية لدى بنك "آر.بي.سي كابيتال"، إن اعتمادا على معدل التنفيذ العقوبات، من المتوقع أن يتم تقليص صادرات النفط الإيرانية ما بين 200 و300 ألف برميل في اليوم. وفي المقابل، خسرت أسواق النفط العالمية مليون إلى 1.5 مليون برميل يوميًا، عندما فرضت إدارة أوباما والقوى العالمية الأخرى عقوبات على إيران، لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات قبل عام 2015. ونصحت الولاياتالمتحدة الدول التي ترغب في تجنب العقوبات على مؤسساتها المالية تخفيض حجم مشترياتها من النفط الخام من إيران خلال فترة ال180 يوما، ومن المقرر أن تحدد وزارة الخارجية، ما إذا خفضت الدول بشكل كافٍ وارداتها من النفط الإيراني، كل حالة على حدة. مزيد من المخاطر أشارت "بلومبرج" إلى أنه من المتوقع أن تلوح المزيد من العقوبات الأمريكية ضد الاقتصاد الإيراني في الأفق، حيث قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، للصحفيين في مؤتمر صحفي عقب إعلان ترامب، إنه "من المحتمل أن تتبع عقوبات إضافية مع ظهور معلومات جديدة". اقرأ المزيد: ماذا سيحدث إذا انسحب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران؟ وأضاف أن "هذا شيء يجب علينا متابعته بقوة لأننا نريد أن نضع أكبر قدر ممكن من الضغط الاقتصادي على إيران، ونحرمهم من جميع الإيرادات الممكنة"، إلا أن بولتون لم يحدد ما هي الصناعات أو الشركات الأخرى التي يمكن استهدافها. الصفقات المهددة من المرجح أن يؤدي إعلان ترامب إلى إفساد العديد من الصفقات التجارية التي تصل قيمتها لمليارات الدولارات، حتى قبل أن تصبح العقوبات سارية بالكامل. حيث أشار توني بلينكن، نائب وزير الخارجية الأسبق في عهد أوباما، إلى أن حالة عدم اليقين سيكون له "تأثير مدمر محتمل" على الاستثمارات. كما أفاد منوشن أن تصريح شركة "بوينج" لبيع الطائرات إلى إيران سيتم إلغاؤه، وكانت الشركة الأمريكية قد وقعت صفقة بقيمة 3 مليارات دولار لشراء 30 طائرة من طراز 737 ماكس، مع شركة طيران "ايران اسيمان" وصفقة بقيمة 16.6 مليار دولار مع شركة الطيران الوطنية الايرانية "ايران اير" مقابل 80 طائرة. وأكدت جين هارمان، المدير التنفيذي لمركز "وودرو ويلسون" الدولي للباحثين ، في شهادتها أمام الكونجرس، يوم الثلاثاء، قبل إعلان ترامب أن "هذه الصفقة ستكون في خطر، وستعرض آلاف الوظائف في مواقع مختلفة من الولاياتالمتحدة للخطر". من جانبه، قال جوردون جوندرو نائب رئيس شركة "بوينج" في بيان "سنجري مشاورات مع الحكومة الأمريكية بشأن الخطوات القادمة". اقرأ المزيد: كيف سيتأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات الجديدة؟ كما أشار منوشن إلى إلغاء رخصة مجموعة "إيرباص" لبيع طائرات لإيران، حيث وقعت الشركة عقدًا مع إيران لبيع 100 طائرة نفاثة تبلغ قيمتها نحو 19 مليار دولار. كما تواجه صفقات أخرى شبح الانهيار، حيث وقعت شركة "توتال" عقدا بقيمة 5 مليارات دولار على مدار عشرين عامًا، كما اتفقت شركة الصين الوطنية للبترول على تطوير جزء من حقل غاز فارس الجنوبي.