يملك الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مهلة حتى ال12 من مايو، لتقرير ما إذا كان سيستمر فى رفع العقوبات عن إيران، وهو ما سيحدد مصير الاتفاق النووى مع إيران. القرار يحمل عواقب عديدة بداية من تأثيره على الوضع فى الشرق الأوسط، وصولًا إلى أسواق النفط، فإذا رفضت الولاياتالمتحدة الاستمرار فى رفع العقوبات المقررة بموجب الاتفاقية السداسية التى تم التوصل إليها عام 2015، فهناك خطر حقيقى بأن "إيران" سوف تنسحب من الاتفاقية. وأشارت وكالة "بلومبرج" إلى أن القوى الأوروبية تسعى لإقناع ترامب بالاستمرار فى الاتفاق، مع وصول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن، فى أعقاب زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون. إذن ما الذى سيحدث إذا انسحبت الولاياتالمتحدة من الاتفاقية؟ أسواق النفط من المؤكد أن التراجع عن رفع العقوبات الأمريكية من شأنه أن يقلل من صادرات النفط الإيرانية، مما سيؤدى إلى زيادة أسعار النفط التى تشهد ارتفاعًا بنسبة 11٪ هذا العام، الأمر غير المعلوم هو مقدار الانخفاض فى الصادرات الأمريكية. اقرأ المزيد: بين المفاوضات وتشريعات الكونجرس.. مصير غامض ل«الاتفاق النووي الإيراني» حيث توقع استطلاع أجرته "بلومبرج" مؤخرا أن يتم خفض الصادرات الإيرانية بمقدار 500 ألف برميل يوميا، وتشحن إيران حاليا ما يزيد قليلا على 2 مليون برميل فى اليوم، ويذهب أكثر من نصف هذه الكمية إلى الصين والهند، بينما تشترى دول الاتحاد الأوروبى حاليا نحو الربع. على الرغم من أن أمريكا لا تشترى النفط من إيران، فإن ذلك قد لا يهم، فإذا شكلت عقوبات الولاياتالمتحدة خطرا على البنوك وشركات النقل البحرى وشركات التكرير وشركات التأمين والموانى، وهددتها بفقدان القدرة على الوصول إلى النظام المصرفى العالمي، فلن يكون أمامها خيار سوى إنهاء تعاونها مع إيران. الأنشطة التجارية قد يؤدى استئناف العقوبات الأمريكية إلى عرقلة صفقات تجارية تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات، فى حين أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاقية قد لا يجعل الصفقات الموقعة غير قانونية، فإن فرض عقوبات جديدة سيجعل من الخطر على الشركات الدولية الاستمرار فى العمل فى إيران، بسبب تداعيات محتملة على أعمالها التجارية أو المصرفية الأمريكية. وليست الشركات العاملة فى إيران فقط تشعر بالقلق، فمن ناحية أخرى، يزداد قلق رجال الأعمال من تنامى خطر نشوب صراع فى المنطقة إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم، ردا على انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاقية، وما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة للتجارة العالمية. اقرأ المزيد: إيران تهدد أمريكا برد قوي حال تخليها عن الاتفاق النووي من بين الصفقات الكبرى التى تواجه خطر الإلغاء: - وقعت مجموعة "إيرباص" عقدا مع إيران لتقديم 100 طائرة نفاثة تبلغ قيمتها نحو 19 مليار دولار فى قائمة الأسعار. - وقعت شركة "بوينج" وشركة طيران "آسمان" الإيرانية اتفاقية بقيمة 3 مليارات دولار لشراء 30 طائرة من طراز "737 ماكس"، كما أبرمت الشركة الأمريكية صفقة بقيمة 16.6 مليار دولار مع شركة الطيران الوطنية الإيرانية "إيران أير" مقابل توريد 80 طائرة. - وقعت شركة "توتال" مع شركة الصين الوطنية للبترول اتفاقية لمدة 20 عامًا بقيمة 5 مليارات دولار، لتطوير المرحلة ال11 من حقل غاز جنوب فارس البحرى. توازن القوى العالمى على الساحة الدولية، يمكن أن يكون أكبر الفائزين من استئناف العقوبات الأمريكية موقعين آخرين على الصفقة، وهما الصينوروسيا، التى انتشر تأثيرهما تدريجيا فى الشرق الأوسط، بعد أن قلصت الولاياتالمتحدة مشاركتها. حيث تشارك روسيا إلى جانب إيران فى الصراع السورى، وحققت نجاحات واضحة، كما يمكن أن تبشر الصراعات بين المستثمرين الأوروبيين والأمريكيين بانتعاش جديد لبعض الشركات الصينية، والذين يعتبرون من المستثمرين الرئيسيين فى إيران، حيث وقعوا اتفاقيات بمليارات الدولارات فى قطاعات النفط والصناعة والمواصلات. اقرأ المزيد: مهمة «ماكرون» المستحيلة لإقناع ترامب بالبقاء في الاتفاق النووي المخاطر النووية قد يؤدى انهيار الاتفاق إلى عرقلة جهود نزع السلاح النووى، ليس فقط فى الشرق الأوسط، حيث حذر وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، هذا الأسبوع، من أنه إذا انسحبت الولاياتالمتحدة من الاتفاقية، فقد تستأنف بلاده برنامجها النووى، كما هدد المسؤولون الإيرانيون بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إذا انهارت الاتفاقية. وأشارت الوكالة إلى أن كوريا الشمالية، والتى تمتلك بالفعل ترسانة نووية، ستراقب التطورات عن كثب، حيث سيقوض الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية النووية الإيرانية، مصداقية أمريكا على مائدة المفاوضات، بينما يسعى إلى نزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية. ويقول بعض المحللين إن المحادثات المرتقبة بين الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، وترامب، قد يكون لها دور فى التأثير على الأخير، وتدفعه إلى الحفاظ على الاتفاقية الإيرانية. الوضع السياسي في إيران سيكون انهيار الاتفاق النووى ضربة للرئيس الإيرانى حسن روحانى، والإصلاحيين الذين دافعوا عن تسوية دبلوماسية للأزمة النووية، التى أدت إلى عزل إيران بشكل متزايد. ويعد الاتفاق النووى إنجازا ملموسا نادرا بالنسبة لروحانى الذى أعيد انتخابه العام الماضى، لكن حكمه تعرض لهزة عنيفة بسبب المظاهرات وأزمة العملة والمشكلات فى القطاع المصرفى. اقرأ المزيد: كيف يهدد انسحاب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران المحادثات مع كوريا الشمالية؟ وسيتسبب انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى، فى تغزيز قوة المتشددين، الذين حذروا خلال سنوات من المحادثات، بأن الولاياتالمتحدة ليست شريكا جديرا بالثقة. وهناك أيضا دلائل على أن مواقف المواطنين الإيرانيين العاديين، الذين رحب الكثير منهم بالاتفاقية، وكانوا يأملون في أن تحقق لهم الرخاء، أصبحت تتصاعد. خطر الصراع إذا انهارت الاتفاقية، وأعادت إيران برنامجها النووى، فإن خطر المواجهة قد يزداد، حيث يصمم حلفاء واشنطن الرئيسيون في الشرق الأوسط، إسرائيل والسعودية، على كبح النفوذ الإيرانى فى المنطقة. حيث هددت إسرائيل فى الماضى بقصف المواقع النووية الإيرانية، لمنعها من الحصول على أسلحة نووية، كما تتفاقم احتمالات نشوب صراع أوسع بسبب الحرب فى سوريا.