"انتصار كبير".. هكذا وصف حزب الله، نتائج الانتخابات النيابية، التي جرت في لبنان، أمس الأحد، فيما أقر رئيس الحكومة سعد الحريري بخسارة ثلث المقاعد التي كان يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته. ولم تصدر النتائج الرسمية النهائية للانتخابات الأولى في لبنان منذ العام 2009، حتى الآن، إلا أنه بعد ساعات من إقفال صناديق الاقتراع، بدأت الماكينات الانتخابية التابعة للوائح بإصدار نتائجها. تصويت ل"المقاومة" وقال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في خطاب متلفز مستبقاً صدور النتائج الرسمية المتوقعة في وقت لاحق اليوم، إن النتائج بمثابة "انتصار سياسي ومعنوي كبير لخيار المقاومة الذي يحمي سيادة البلد". وحسب "فرانس برس"، لم يعلن نصر الله، عدد المقاعد التي حصدها حزبه، لكن التقديرات الأولية أظهرت احتفاظ الثنائي الشيعي الذي يضم حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، بالعدد نفسه تقريباً من المقاعد في البرلمان، أي 27 من اصل 128، وربما يزيد حجم كتلته النيابية. وقال نصرالله "يوجد الآن كما كان في السابق، ولكن بشكل أفضل قوة، حضور نيابي كبير ووازن وحقيقي لقوى المقاومة وحلفائها واصدقائها"، مضيفاً أن "تركيب المجلس النيابي الجديد يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية هذا الخيار (المقاومة) الاستراتيجي ولحماية المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة". تراجع.. وسعادة وقبل ساعة من خطاب نصرالله، قال الحريري، إن تياره فاز ب21 مقعدا مقابل 33 في آخر انتخابات في العام 2009 وحاز مع حلفائه الأكثرية المطلقة. وأضاف: "كنا نراهن على نتيجة أفضل وعلى كتلة أوسع"، مشددا على أنه "سعيد بالنتيجة". وربط الحريري تراجع عدد مقاعده بطبيعة قانون الانتخاب الجديد، مقللاً من تداعيات ذلك على مستقبل تياره السياسي الذي يؤخذ عليه تقديمه العديد من التنازلات لصالح حزب الله في السنوات الأخيرة. وقال "لبنان لا يحكم إلاّ بجميع مكوناته السياسية (...) علينا أن نعمل مع بعضنا لبناء البلد فهو لم يعد يتحمّل خلافات سياسية". من يصنع القرار وتمكن الحريري في نهاية العام 2016 من تشكيل حكومته بعد تسوية سياسية أتت بميشال عون، حليف حزب الله، رئيساً للبلاد في أكتوبر 2016، بعد نحو سنتين من الفراغ الدستوري وشلل المؤسسات الرسمية. وفي لبنان البلد الصغير ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى وأبرزها حزب الله. من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية، كريم مفتي، أن حزب الله في طريقه لأن يكون مؤثراً في عملية صنع القرار، ولكن ذلك سيعتمد أيضاً على التحالفات التي سينسجها أو يجددها. وحسب صحيفة "الأخبار" القريبة من حزب الله، اليوم الإثنين، فإن حزب الله وحركة أمل أظهرا "قدرة فائقة على تنظيم الصفوف بما يمنع تعرضهما لاي انتكاسة"، فيما "تلقى الحريري (وتيار المستقبل الذي يراسه) الصفعة الأكبر في تاريخه"، معتبرة أن "خسارة الحريري" هي "العلامة الفارقة" في هذه الانتخابات. وشارك نحو نصف الناخبين اللبنانيين الأحد في عملية الاقتراع لاختيار 128 نائباً، مع معدل اقتراع (49,2 في المئة) لم يلب تطلعات معظم الأحزاب التي توقعت أن ينعكس إقرار قانون يعتمد النظام النسبي تهافتاً على صناديق الاقتراع. وحصد التيار الوطني الحر، الذي ينتمي إليه ميشال عون، 18 مقعداً من أصل 29 مع حلفائه، وفق ما أعلن رئيسه جبران باسيل. وكان التيار يطمح لنسبة اعلى لكن يبدو أن ذلك جاء لصالح تقدم حزب القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع. وكان الطرفان على طرفي نقيض منذ سنوات طويلة، لكن حصل تقارب بينهما ساهم في الاتيان بعون رئيسا. الا ان هذا التقارب لم يترجم في الانتخابات النيابية التي تنافسا فيها في كل المناطق. ودفع قانون الانتخاب الجديد غالبية القوى السياسية الى نسج تحالفات خاصة بكل دائرة انتخابية حتى بين الخصوم بهدف تحقيق مكاسب أكبر. وفي معظم الأحيان، لم تجمع بين أعضاء اللائحة الواحدة برامج مشتركة أو رؤية سياسية واحدة، إنما مصالح آنية انتخابية، وهو ما قد يكون قد انعكس على ثقة الناخبين باللوائح.