الثالث من مايو عام 1991، كان الموعد الذي استشعر فيه المهتمون بالعمل الصحفي أهمية وجود وثيقة تضمن الأمان للصحفيين في أثناء القيام بمهام العمل، وهو الأمر الذي تحقق بنجاح في أثناء الاجتماع الذي نظمته اليونسكو في دولة ناميبيا، مسفرًا عن صدور إعلان ويندهوك التاريخي. في تلك الفترة كانت الصحافة المطبوعة في إفريقيا تواجه العديد من المشكلات، وذلك من خلال استخدام الإرهاب والسجن والرقابة في دول إفريقية، لذلك نتج عن اجتماع ناميبيا ذلك الإعلان الذي نادى بحرية واستقلال الصحافة وتمتعها بالتعددية في جميع أنحاء العالم، وإمداد الصحافة في دول إفريقيا بأحدث المعدات والتعاون داخل الشركات وتوفير التدريب الكافي. وكان ضمن ما نص عليه الإعلان: "أنّه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية. وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحفيين في أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقا سريعا ودقيقًا". وبعد أقل من عامين، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993، موافقتها على اعتبار الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة، والموافقة على توصية اليونسكو سنة 1991، وذلك بموجب قرار رقم 48/432، وكان ذلك انتصارا لحرية الصحافة، كما اتفق المجتمعون في ذلك الوقت على تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد، وتذكير الحكومات بضرورة التزامها بحرية الصحافة. وكان ذلك أول إعلان صدر على مستوى العالم، وصدر عنه تأكيد مهم على التزام المجتمع الدولي بحرية الصحافة. وقد تلا ذلك صياغة عدة إعلانات مشابهة في بعض مناطق العالم النامي الأخرى منها إعلان ألما - آتا في آسيا الوسطى، وإعلان صنعاء للشرق الأوسط، وإعلان سانتياجو لأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي. واستغلت المؤسسات الصحافية العالمية ذلك اليوم من كل عام، لتذكير العالم بأسماء صحفية ضحوا بأرواحهم من أجل تقديم معلومات، وكشف الحقائق، بالإضافة إلى تشجيع وإعداد المبادرات المواتية لحرية الصحافة ولتقييم حالة حرية التعبير في شتى أنحاء العالم، فضلًا عن إعلام الجمهور بما يتعرض له الصحفيون من مخاطر، تصل أحيانًا إلى القتل، خصوصًا أن أكثر من 2500 صحفي لقوا مصرعهم منذ عام 1990، وذلك وفقًا لإحصائيات منظمات حقوقية في مجال الإعلام. وحسب من شاركوا في اجتماع ويندهوك، فإنهم يرون أن اليوم العالمي للصحافة يُمثل إحدى اللحظات الأكثر إلهاماً في التقويم العالمي. ففي هذا اليوم يُحتفل بحرية كل امرأة ورجل في التعبير عن أنفسهما. وهو يوم يشرق فيه الضوء على حرية الحصول على المعلومات وتبادلها. كما أنه اليوم الذي يتعين فيه الوقوف بجانب الصحفيين كافة لحمايتهم. وتحل اليوم الذكرى الخامسة والعشرون لليوم العالمي لحرية الصحافة، وتعقد اليونيسكو بالتعاون مع حكومة غانا في أكرا احتفالها لهذا العام تحت شعار "توازن القوى: الإعلام والعدالة وسيادة القانون"، والذي يتناول مجموعة من قضايا الإعلام وشفافيّة العملية السياسيّة، واستقلالية النظام القضائي ودرايته الإعلامية، ومحاسبة المؤسسات الحكومية أمام الجمهور. كما سيتم مناقشة التحديات المعاصرة لضمان حرية الصحافة الإلكترونيّة. ويشهد الاحتفال تسليم جائزة اليونسكو، جيليرمو كانو العالمية لحرية الصحافة، التي تحمل اسم الصحفي الكولومبي الذي قتل في عام 1986 بسبب عمله الصحفي الشجاع في مجال الكشف عن نفوذ جماعات الاتجار بالمخدرات، وسط مطالبات بالمشاركة في الحملة الإعلامية التي استهلت على شبكة الإنترنت باستخدام هذه "الهاشتاجات": #اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة، و#حرية_الصحافة. وفي 30 إبريل الماضي، أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن انفجارين وقعا في أفغانستان، وكان من ضمن الضحايا 10 إعلاميين، ويأتي ذلك ضمن سلسلة طويلة من الأحداث التي أدت إلى مصرع المئات من الصحفيين والإعلاميين، حيث بلغ ضحايا المهنة في هذا العام 32 شخصا، في الوقت الذي لقى فيه 82 صحفيا مصرعهم العام الماضي.