يحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث يجب أن تتكاتف الجهود الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى وتكثف جهودها لتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، وللتذكير بالعديد من الصحفيين الشجعان الذين آثروا الموت أو السجن في سبيل تزويدهم بالأخبار اليومية. وحملت الكلمة التى وجهها أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بهذه المناسبة هذا المعنى حين قال: "بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2018، أدعو الحكوماتِ إلى تعزيز حرية الصحافة وتوفير الحماية للصحفيين". وقد تم اختيار موضوع "توازن القوى: الإعلام والعدالة وسيادة القانون" ليكون موضوع الاحتفال هذا العام، حيث يتم التذكير ب: "أهمية تهيئة بيئة قانونية تمكينية لحرية الصحافة، وأن تولى الحكومات اهتماما خاصا لدور القضاء المستقل لإتاحة الضمانات القانونية لحرية الصحافة ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين. وفي الوقت نفسه، يتناول هذا الموضوع الدور الذي تضطلع به وسائط الإعلام في التنمية المستدامة، ولا سيما أثناء الانتخابات- بوصفها هيئة رقابية تعزز الشفافية والمساءلة وسيادة القانون. ويهدف هذا الموضوع أيضا إلى استكشاف الثغرات التشريعية فيما يتعلق بحرية التعبير والمعلومات على شبكة الإنترنت، ومخاطر تنظيم الخطاب على الإنترنت. وفي إطار التنمية المستدامة لعام 2030، ترتبط مساهمة الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام ارتباطا وثيقا بالهدف ال16 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالسلام والعدالة والمؤسسات القوية. ولتحقيق هذا الهدف، يجب تطوير مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشفافة على جميع المستويات، كما أن حرية الصحافة ضرورية لهذا الغرض". واختير الثالث من مايو كيوم دولى لحرية الصحافة لإحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحفيين الإفريقيين نظّمته اليونسكو وعُقِد في نامبيا في مايو 1991. وينص الإعلان على أنه "لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية. وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقا سريعا ودقيقا". ويمثل الاحتفال بهذا اليوم؛ حسبما تدعو منظمة الأممالمتحدة ومنظمة التربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، فرصة ل: الاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة؛ تقييم حال حرية الصحافة في كل أنحاء العالم؛ الدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها؛ الإشادة بالصحفيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم. ومنذ إقرار اليونسكو للاحتفال باليوم الدولى لحرية الصحافة أصدر المؤتمر العام الذى تعقده المنظمة سنويا عدة قرارات، دعت فيها حكومات الدول الأعضاء إلى العمل على: تعزيز حرية الصحافة في العالم (1991)، تعزيز استقلال وتعددية وسائط الإعلام (1995)، التنديد بأعمال العنف ضد الصحفيين (1997)، كما أصدرت عدة إعلانات، متعلقة بمناطق وقضايا محددة، فدعت إلى: تشجيع إقامة وسائط إعلام مستقلة وتعددية في آسيا - آلما آتا (كازاخستان)، 1992-، تعزيز استقلال وتعددية وسائط الإعلام العربية -صنعاء (اليمن)، 1996-، تعزيز استقلال وتعددية وسائط الإعلام في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى -سنتياغو (شيلي)، 1994-، تعزيز استقلال وتعددية وسائط الإعلام (بتركيز خاص على شرق ووسط أوروبا)- صوفيا (بلغراد)، 1997-، تعزيز استقلال وتعددية الصحافة الإفريقية -وندهوك (ناميبيا)، 1991. نص إعلان ويندهوك على أنه "لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وقائمة على التعددية باعتبارها شرطا مسبقا لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقا سريعا ودقيقا. وبحسب اليونسكو فإن اليوم العالمي لحرية الصحافة يمثل احتفاء بالمبادئ الأساسية وتقييم حال حرية الصحافة في كل أنحاء العالم، إضافة إلى الدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التى تشن على حريتها، والإشادة بالصحفيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء تأدية واجبهم". أما كلمة جوتيريش هذا العام فقد حملت عنوان: "حرية الصحافة ضرورية لبناء مجتمعات تتسم بالشفافية"، قال فيها: "إن وجود صحافة حرة هو أمر أساسي لتحقيق السلام والعدالة وإعمال حقوق الإنسان للجميع مضيفا أنه لا غنى عن الصحافة الحرة إذا أريد بناء مجتمعات ديمقراطية تتسم بالشفافية وإبقاء من يتولون السلطة خاضعين للمساءلة". وأشار إلى أهمية حرية الصحافة بالنسبة للتنمية المستدامة، ونبه إلى "أن الصحفيين والمشتغلين بوسائط الإعلام يقدمون للجمهور خدمات لا تقدر بثمن"، (فهم) "يسلّطون الضوء على التحديات المحلية والعالمية ويقدمون الأخبار التي ينبغي أن يُسترعى الانتباه إليها". وشدد الأمين العام على ضرورة سن قوانين تحمي الصحافة المستقلة وحرية التعبير والحق في المعلومات وإعمال تلك القوانين وإنفاذها، داعيا إلى تقديم مرتكبي الجرائم بحق المدنيين إلى المحاكمة. كما دعا الحكومات بشكل خاص إلى تعزيز حرية الصحافة وتوفير الحماية للصحفيين. وقال إن "تشجيع الصحافة الحرة هو دفاع عن حقنا في معرفة الحقيقة". وسيشمل اليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2018 مجموعة واسعة من الاجتماعات تتضمن جلسات عامة ومناقشات ومحادثات، تتناول عددا من الموضوعات الفرعية مثل حرية الصحافة، والحصول على المعلومات والانتخابات، ونظام العدالة الذي يدعم الصحافة الحرة والآمنة إضافة إلى حرية التعبير على شبكة الإنترنت. وقررت اليونسكو أن يُستكمَل الاحتفال الرئيسي بنحو 100 حدث وطني في جميع أرجاء العالم. ويشمل الاحتفال الرئيسي أيضا فعاليتين أخريين تشملان عقد مؤتمر أكاديمي بشأن سلامة الصحفيين لتعزيز أوجه التآزر بقدر أكبر بين البحث الأكاديمي ومهمة العاملين في تنمية وسائل الإعلام، إضافة إلى تنظيم غرفة أخبار للشباب من أجل توعية المراسلين الشبان والطلبة في وسائل الإعلام بالتحديات الناشئة فيما يخص حرية التعبير. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية تم التركيز على مسألتى: سلامة الصحفيين وحرية التعبير على الإنترنت؛ فعن سلامة الصحفيين تم التأكيد على أن ضمان حق العمل لمهنيي وسائل الإعلام والحول دون تهديدهم في سلامتهم هو مسألة أساسية لتفعيل حق حرية التعبير والإعلام. وأن ضمان سلامة مهنيي الإعلام هو تحد بذاته، فقد تم تسجيل نزعة عامة نحو ارتفاع الجرائم ضد الصحفيين ومهنيي الإعلام ومحترفي الإعلام الجديد ووسائط التواصل الاجتماعي. كما أن بعض الممارسات، كالمضايقات والتهديدات والسجن الاعتباطي ومهاجمة الصحفيين عبر الإنترنت ما زالت موجودة في مناطق عدة من العالم، كما أن معدل الإفلات من العقاب فيما يخص الجرائم المرتكبة في حقهم هو جد مرتفع كذلك. وفى هذا الإطار أدانت المديرة العامة لليونسكو، خلال سنة 2012 فقط، مقتل حوالي 53 صحفيا بالمنطقة العربية. وترتكز استراتيجية اليونسكو المتعلقة بالنهوض ببيئة حرة وآمنة للصحفيين، على خطة عمل الأممالمتحدة لسلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، ومساعدة الآليات الدولية للوقاية من العنف تجاه الصحفيين، وتحسين أعمال التدريب والتوعية حول الوقاية من العنف ضد الصحفيين. أما فيما يتعلق بحرية التعبير على الإنترنت؛ فتشدد اليونسكو على المساهمة الكبيرة التي يمكن للإنترنت أن تقوم بها في مجال التنمية، حيث تتيح شبكة الإنترنت الاطلاع على كم هائل من المواد بشكل غير مسبوق بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في الوصول إلى المعلومات والمعرفة، كما تقدم فرصا جديدة للتعبير والمشاركة. وترى اليونسكو أن تطبيق مبدأ حرية التعبير لا يقتصر فقط على وسائل الإعلام التقليدية بل يشمل كذلك الإنترنت وكل الأشكال الإعلامية الجديدة التي ستسهم بدورها في التنمية والديمقراطية والحوار.