حالة من الترقب شهدها الوسط الفني خلال الأسبوع الماضي، فمن الذي سيجلس على مقعد أهم مهرجان تنظمه مصر، والوحيد الحاصل على صفة دولية.. مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعد أحد أهم عشرة مهرجانات على مستوى العالم، حيث انطلقت أولى دوراته عام 1976، فلم يكن الاختيار سهلًا على وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم ووفد لجنة السينما الذي اجتمع منتصف الشهر الماضي، من أجل مناقشة الأسماء المقترحة والمفاضلة بينهم؛ وترشيح الأقدر على إدارة القوة الناعمة وإخراج المهرجان بصور تعكس مدى تحضر مصر أمام العالم. شهدت القائمة المطروحة عدة أسماء لهم باع ووزن كبيران في السينما، من بينهم الفنانان حسين فهمي وليلى علوي، واللذان توليا رئاسة «القاهرة السينمائي» عدة سنوات من قبل، وكان المخرج شريف مندور والمنتجة ماريان خوري مرشحين بقوة أثناء فترة رئاسة الكاتب الصحفي حلمي النمنم لوزارة الثقافة، وفي النهاية تم الاستقرار على أول اسمين، لكن المفاجأة كانت باختيار السيناريست والمنتج محمد حفظى رئيسًا للمهرجان؛ ليكون بذلك أول منتج يتولى هذا المنصب خلال ال39 عامًا، أي عُمر المهرجان. قلة الدعم وضعف الإمكانيات «بعبع» يواجه المهرجانات الدولية وكشفت الساعات الأخيرة عن ذهاب هذا المنصب إلى المنتج محمد حفظى، بعد اعتذار ليلى علوى عن تولي رئاسة المهرجان، لارتباطها بأعمال أخرى، كونها مطالبة بتقديم الدورة القادمة على مستوى عالمي، لأنها الدورة ال40 للمهرجان، بينما لم يتم الإعلان عن كواليس عرض المنصب على الفنان حسين فهمي، الذي كشف في حوار سابق له مع «التحرير» عن وجود رغبة لديه فى تولى «القاهرة السينمائي». كان الرابح الوحيد في كل هذه المداولات هو «حفظي»، لتأتي له فرصة ذهبية ليتولى رئاسة أعرق مهرجان مصري عمره 39 عامًا، ويبدو أن خبرته في المهرجانات العربية والدولية؛ كانت سببًا فى هذا الترشيح، فعلى مدار الفترة الماضية نجح على مستوى الإنتاج السينمائي، إذ حظيت أعماله باهتمام كبير من جانب المهرجانات الدولية، أبرزها فيلم «شيخ جاكسون» الذي رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، بجانب فيلم «البحث عن أم كلثوم»، الذي عُرض فى أكثر من مهرجان عالمي، أبرزها فينيسيا. واختلفت الآراء ما بين مؤيد ومعارض لقرار تعيين محمد حفظي رئيسًا للمهرجان، كونه أول منتج يشغل هذا المنصب، الذي توالى عليه كتاب وفنانون أصحاب قيمة وقامة بداية من الأديب كمال الملاخ، الأديب سعد الدين وهبة، الفنان حسين فهمي، الكاتب الصحفى شريف الشوباشي، الفنان عزت أبو عوف، الكاتب الصحفى سمير فريد وأخيرًا الدكتورة ماجدة واصف التي قدمت استقالتها فور انتهاء الدورة ال39. حفظي: لا أفكر إلا في تطوير المهرجان وقال حفظي، فى أول تعليق له على تولى رئاسة المهرجان: «عاصرت مهرجان القاهرة كواحد من الجمهور، وسينمائي ثم كأحد أعضاء فريق المهرجان خلال السنوات الأخيرة واختياري في هذه الدورة رئيسا لأحد أهم وأقدم مهرجانات العالم العربي يجعل سعادتي مختلطة مع إحساسي بالمسؤولية الكبيرة، كل ما أفكر به الآن هو كيفية تطوير المهرجان وعلاج مشكلات الدورات السابقة، والبناء على جهود وإنجازات بُذلت وتحققت من قبل، وأكثر ما يجعلني متحمسا هو التعاون مع السينمائي الكبير الرائع يوسف شريف رزق الله الذي يستمر مديرا فنيا للمهرجان، كما أتوجه بالشكر إلى وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم على ثقتها بي». رجل فني وذو علاقات عالمية وصف السيناريست سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، القرار بالصائب والموفق، مدللًا على ذلك بأن حفظي يتمتع بعلاقات دولية قوية فى مجال صناعة السينما فى العالم، كما أن أهم ما يميزه أيضا أنه سيناريست، وهذا سيساعده في اختيار الأفلام الجيدة التى ستشارك فى المهرجان، وهذا جزء مهم من اختصاصات رئيس «القاهرة السينمائي». وأضاف رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، أن المنتج محمد حفظى يمتلك سمعة طيبة ولديه تجربة إدارية من قبل فى مهرجان الإسماعيلية، وكانت مقبولة وليست سيئة، مشيرًا إلى أن أهم عامل لديه هو السن، كونه شابا وهذا يفيد في تجديد دماء المهرجان، «كما يتمتع بإتقانه أكثر من لغة وهذا أمر جيد». وتابع، في تصريحات ل«التحرير»: «أتمنى للمنتج محمد حفظي التوفيق في الجانب الإداري كونه الجزء الأعقد في الحلقة، إذ يرتبط بجهات حكومية ليس لديها خبرة فى إدارة المهرجانات، لذلك أتمنى أن يُحسن الاختيار في تعيين فريق عمل من أعمار مختلفة، ولديهم تفكير وإمكانات عقلية وتقنية مختلفة، كما يكلف أشخاصا بإدارة الشق الإداري ويتفرغ هو للشق الفني»، مشددًا على أنه يجب عليه العمل على استقلالية المهرجان. الأزمات تلاحق المهرجانات المصرية.. «استقالة» و«لفظ خارج» و«هرجلة» تزكية الشباب وبالمثل كان رأي المخرج عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، الذي أكد أن وزارة الثقافة أحسنت الاختيار، حيث أوضح فى تصريحات خاصة، أنه كان من الضروري إعطاء الفرصة للشباب في إدارة مهرجانات دولية، كونهم يحملون فكرًا وطريقة مختلفة، مبينا أن تعيين يوسف شريف رزق الله، مديرًا فنيا للمهرجان قرار صائب أيضًا، لكي يجتمع أهل الخبرة مع الشباب، حتى تسير الأمور بشكل جيد (قد يهمك أيضًا..المهرجانات الدولية تجدد دماء لجان التحكيم بالشباب العرب). الناقدة الفنية، ماجدة خير الله، نوهت بأن وجود مكتب فني دائم للمهرجان يرأسه يوسف شريف رزق الله، أمر مطمئن لامتلاكه خبرة كبيرة، مؤكدة أن اختيار حفظي رئيسًا للمهرجان ليس أمرًا غريبًا لأنه موجود بالفعل، ويعلم كيف تُدار المهرجانات، له مشاركات كثيرة فى المحافل المحلية والعربية. تابعت ل«التحرير»: «أهل الخبرة ليسوا بالسن»؛ مستنكرة تعجب البعض من اختيار «حفظى»، وشددت على أنه رجل لديه خبرة وينتج أفلامًا سينمائية وشارك في مهرجانات عربية وعالمية. تعرف على الرئيس الجديد ل«القاهرة السينمائي».. منتج وسيناريست استثنائي لا تعليق فى الوقت نفسه رفض المنتج جابي خوري، أن يعقب على هذا الاختيار، حينما توجهنا إليه بالسؤال، قائلًا: «لا تعليق»، وهو نفس حال أمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، الذي وجد صعوبة في التعليق على القرار؛ لأنه صدر بالفعل، وكان من الممكن أن يدلى برأيه فى ذلك قبل صدوره؛ في من يصلح أو لا يصلح. يذكر أن المنتج محمد حفظى، قبل رئاسته للمهرجان كان عضوا للمجلس الاستشاري بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومستشارا لملتقى القاهرة السينمائي التابع للمهرجان، كما كان عضو لجنة تحكيم دورة 2010 من المهرجان، كما قد شغل منصب مدير مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام الوثائقية والقصيرة لمدة دورتين، وأيضا هو عضو بغرفة صناعة السينما المصرية منذ عام 2013، وعبر كل هذه الأنشطة يستمر حفظي في دعم السينما المستقلة بمصر والعالم العربي. اقرأ أيضًا.. في دورته الأولى.. هل يتفوق «الجونة» على عراقة «القاهرة السينمائي»؟ 4 أسباب تدفع القنوات لشراء حقوق البث الحصري للمهرجانات الفنية