مع احتلال السلطان العثماني التركي لعفرين السورية، بدأت أنظار العالم تتجه إلى المدينة الكردية لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث خلال الأيام القليلة المقبلة، في ظل رغبة أردوغان بتنفيذ مخطط "إنشاء الدولة العثمانية". عفرين التي كانت في وقت سابق ملاذا للأكراد ضد البطش والاضطهاد، أصبحت اليوم مقبرة للمدنيين ومأوى للإرهابيين، المدعومين من الجيش التركي، دون مراعاة للحقوق الإنسانية والمعايير الدولية التي نصت عليها الأممالمتحدة. ويبدو أن تركيا عزمت على تدمير الهوية السورية في المنطقة الشمالية من أجل تمكين الميليشيات المسلحة من السيطرة على المناطق المتاخمة للحدود التركية في مسعى لإجبار القوى الدولية المتحالفة مع النظام السوري على الاعتراف بالغزو التركي وبدء عملية تقسيم البلد العربي. اقرأ أيضًا: مخطط تقسيم سوريا.. الأسد وأردوغان في مواجهة مصيرية وسرعان ما نجح المحتل العثماني في أهدافه، خاصة بعد فرض السيطرة الكاملة على عفرين بمعاونة الجيش السوري الحر المصنف إرهابيا لدى المجتمع الدولي. وما زاد من الأمر سوءًا، عزم أردوغان تعيين "والي" ومسؤولين آخرين في عدد من المناصب بالمدينة الكردية، بهدف توفير الأمن والظروف الحياتية للمدنيين النازحين من المدينة. مخطط أردوغان لإحكام قبضته على بعض المدن السورية، جاء بعد التأكد من خلوها من سكانها، ليتسنى له استقطاب أسر الميليشيات المسلحة واللاجئين من أجل توطينهم، وتعيين ولاة عليهم. وخير دليل على ذلك، الإشارة إلى أن الإدارة المحلية التي ستُعين في عفرين ستكون مُكونة من العشائر والقبائل الموجودة في المنطقة، وسيكون الوالي من أهل المنطقة، بينما يكون ملف الأمن في يد الجيش السوري الحر في المرحلة الأولى إلى أن يتم تشكيل وحدات أمنية محلية، حسب مصادر تركية. والسؤال هنا.. كيف يمكن لميليشات أردوغان أن توفر الأمن لمدنيي عفرين في حين أنهم قاموا بنهب وسرقة المدينة؟ الديكتاتور العثماني، برر تلك الخطوة، بأن الجيش الحر يعتبر العملية العسكرية في عفرين هي من شعائر الإسلام، وأن غنائمها حلال، في مشهد لا يختلف كثيرا عن تنظيم داعش الإرهابي وأفكاره المتطرفة التي لا تمت للإسلام بصلة. الحقيقة التي نود الإشارة إليها أن المحتل العثماني لا يُبالي بتطبيق شرائع الإسلام كما يدعَي، وإنما يتخذ الدين الحنيف وسيلة لإقناع الميليشيات المتطرفة بتنفيذ غزوات داخل البلد المجاور له من أجل تحقيق مخطط التقسيم الذي ظل يُروج له منذ حملته الانتخابية. يمكننا القول إن ما قامت به تركيا حيال المدن السورية المحتلة "أعزاز وجرابلس ومارع" وتعيين ولاة ومدراء أمن وقيادات درك، هو تأكيد ضمني أن التصريحات التي يرددها الديكتاتور بشأن حماية الأراضي السورية والمدنيين من خطر الإرهاب، ما هي إلا شعارات ترويجية الهدف منها إطالة أمد الأزمة في البلد الممزق منذ 7 سنوات. اقرأ أيضًا: تركيا تعيد التحالفات العسكرية بسوريا.. وتمنح الأسد نفوذا على الأكراد مساعى أردوغان في احتلال مدن أخرى بعد عفرين، كما يروج عبر أبواقه الإعلامية، هي اختراق واضح لمواثيق مجلس الأمن، وخاصة القرار رقم 15 لعام 2014، بشأن عدم احترام سيادة الدول على أراضيها وتعزيز العنف والاقتتال الداخلي. الانتهاكات التركية دفعت النظام السوري إلى إدانة الغزوة التركية لعفرين، خاصة بعد تنفيذ عمليات تهجير قسري لأهالي المدينة، وقتل المدنيين العُزَل بذريعة تعاونهم مع وحدات حماية الشعب الكردية، حيث قام بتوجيه رسالتين للأمم المتحدة ومجلس الأمن، مؤكدًا أن احتلال قوات أردوغان للشمال السوري "أمر غير مشروع"، ويتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة. فالغزوة العثمانية بحق عفرين، كفيلة بأن تضع المحتل العثماني أمام الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، بما يتماشى مع مواثيق الأممالمتحدة. ما نود الإشارة إليه أن أردوغان سيظل يعيث في الأرض السورية فسادًا حتى يقضي على كل ما هو أخضر، ويحقق طموحاته التوسعية في إنشاء دولة الخلافة العثمانية. وتشن القوات التركية بمشاركة الجيش السوري الحر عملية عسكرية في منطقة عفرين السورية منذ 20 يناير الماضي، بهدف القضاء على الوحدات الكردية المسلحة، والتي تزعم أنقرة أنها تشكل تهديدًا على أمنها القومي.