بعد أن نجحت تركيا في تدمير مدينة عفرين السورية، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، وتهجير أكثر من 10 آلاف أسرة، بدأت الأعين تتجه نحو تشكيل مجلس حكم محلي في المدينة المدمرة من أجل إحكام السيطرة على الأكراد. لم تأبه تركيا بالخسائر الفادحة التي تسببت فيها في المدينة السورية، بداية من قتل المدنيين مرورا بتدمير البنى التحتية، مدعية أن تلك الخطوة من أجل حماية أمنها القومي. لكن الحقائق على أرض الواقع كشفت زيف ادعاءات الرئيس رجب طيب أردوغان حول الأكراد كونهم يمثلون خطرًا على أهل المدينة من ناحية وأمن تركيا من ناحية أخرى، في حين أن الخطر الحقيقي يكمن في الميليشيات التي يدعمها السلطان العثماني من أجل التمدد داخل الأراضي السورية. اقرأ أيضًا: تركيا تعيد التحالفات العسكرية بسوريا.. وتمنح الأسد نفوذا على الأكراد المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية نوري محمود، أكد أن أردوغان كون جيشا من المرتزقة للقتال إلى جانب قواته في عملية "غصن الدم" على عفرين من مختلف الجنسيات، موضحًا أن كل عناصر تنظيم "داعش" التي فرت من سوريا بعد هزيمتها إلى تركيا هي الآن تقاتل بجوار القوات التركية، بحسب موقع "أوردو الكردي". تصريحات المسؤول الكردي أزاحت الستار عن الوجه الآخر للسلطان العثماني وأهدافه في الشمال السوري، حيث يسعى الأخير لطمس الهوية الكردية خشية إقامتهم منطقة فيدرالية من جانب، والسيطرة على المنطقة المتاخمة للشطر الجنوبي التركي من أجل تحقيق مخطط الدولة العثمانية من جانب آخر. وتأكيدًا على ذلك، قامت القوات التركية وحلفاؤها من مقاتلي المعارضة السورية بتدمير تمثال من معالم الثقافة الكردية وأسقطوه وسط المدينة السورية، في انتهاك للتاريخ والثقافية الكردية منذ الاستيلاء على عفرين. اقرأ أيضًا: عدوان تركيا على عفرين.. فخ للأكراد وكسب لود واشنطن التقديرات الأولية تشير إلى أن "أردوغان" يسعى للسيطرة على البحر المتوسط، وذلك ظهر من خلال تهجير أبناء عفرين من شرق الفرات إلى غربها ورفع العلم التركي وسط المدينة لتأكيد طمس الهوية الكردية والبقاء في الأراضي السورية على غرار الوجود الروسي الإيراني. المثير في الأمر أن تركيا تواصل ترديد أن بلاده لا تطمع باقتطاع أجزاء من أراضي أي دولة، في إشارة إلى سيطرة قوات "غصن الزيتون" على مركز مدينة عفرين، وأنها تهدف إلى نشر السلام والأمن داخل حدودها وفي العالم بأسره، بحسب رئيس الوزراء بن علي يلدريم. شعارات أنقرة التي تصدرها للمجتمع الدولي جاءت مغايرة لما تم الإعلان عنه مؤخرًا بشأن عقد مؤتمر في ولاية غازي عنتاب التركية، بهدف تكوين مجلس حكم محلي في مدينة عفرين، عقب تحريرها من وحدات حماية الشعب الكردية". لم تتوقف أكاذيب تركيا عند ذلك الحد، بل وصل الأمر إلى التنويه بأن المجلس الذي يتم تشكيله يضم ما بين 800 إلى 100 شخصية معروفة من أهالي منطقة عفرين السورية، ويهدف إلى مناقشة مستقبل المنطقة المدمرة وكيفية إعادة إعمارها، وعودة أهلها إليها. اقرأ أيضًا: تركيا تستعد لغزو العراق.. مؤامرة جديدة لقتل الهوية الكردية أما الأمر الأكثر غموضًا فهو تصريحات المعارض الكردي العفريني حسن شيندي، الذي أكد أن نحو 90% من أهالي عفرين يعارضون تنظيم "YPG"، الذراع السورية ل"حزب العمال الكردستاني"، قبل أن تبدأ عملية "غصن الزيتون"، وأن أهالي المدينة لا يقبلون بالظلم الذي يقوم به أعضاء التنظيم، بحسب "الأناضول". وأضاف أن عناصر "PKK" يضللون أهالي قرى عفرين، ويكذبون عليهم ويقولون لهم إن المشاركين في عملية "غصن الزيتون" ليسوا من الجيش الحر وإنما من "داعش" و"النصرة"، وسيقومون بقتلهم، وهو ما دفع لعقد هذا المؤتمر. لا يمكن التأكيد على أن المجلس المنعقد في تركيا بشأن عفرين، سيحقق أهدافه كليا، خاصة أن أنقرة قامت برفع أعلامها وسط المدينة في مؤشر واضح على الاستعمار العثماني الذي يسعى الرئيس التركي -منذ توليه سدة الحكم- إلى تحقيقه بداية من شرق الفرات وحتى غربها. ما نود التنويه عنه هو أن تركيا ستعمل جاهدة على تقسيم سوريا من أجل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وتفكيك مؤسسات الدولة من جانب، وهدم مشروع الأكراد السياسي لإقامة كردستان في سورياوالعراق وإيران وجزء من تركيا الذي يثير مخاوف أردوغان. جدير بالذكر أن أنقرة تقصف منذ 20 يناير الماضي مدينة عفرين الواقعة شمال سوريا بزعم استهداف مجموعات إرهابية كردية، تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي التركي.