في الوقت الذى تواصل فيه تركيا المضي قدمًا تجاه مدينة عفرين السورية، يزداد ملف الانتهاكات التي يرتكبها الجيش العثماني بحق المدنيين، فجرائم أردوغان في الشمال السوري لا تختلف كثيرًا عما اقترفه تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة. وتوالت الهجمات التركية على المنطقة الحدودية، من أجل السماح للجيش السوري الحر المشارك ضمن العملية العسكرية بتمشيط المنطقة. الغارات الجوية والقصف المدفعي الذي قامت به قيادة الجيش العثماني، مكنت الجيش السوري الحر من إحكام قبضته على قرى عديدة وتهجير آلاف المدنيين، إضافة إلى مقتل المئات من المدنيين وتحييد الآلاف من العناصر الكردية وتصفية العشرات. لكن يبدو أن الخطوات التي ينتهجها جيش أتاتورك لن تؤتي ثمارها خاصة أن أكراد سوريا المدعومين من الولاياتالمتحدة قرروا التوجه إلى المنطقة الحدودية من أجل التصدي لعملية "غصن الزيتون" التركية. أمس توجهت مجموعة قتالية من الأكراد إلى منطقة عفرين لمؤازرة رفاقهم فى التصدى لميليشيات أردوغان والمتمثلة في "الجيش السوري الحر". تحركات المقاتلين الأكراد تجاه عفرين، قد تكون سببًا في وقف العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، وهذا يدل على أن تركيا مستمرة في استقطاب جميع الأكراد من الأراضي السورية وإتاحة الفرصة لتنظيم داعش بالتمدد وفرض سيطرته على الأراضي المحررة. وهذا ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" الكولونيل روب مانينج، موضحًا أن مغادرة المقاتلين الأكراد مواقعهم قد تكون سببا فى تأخر العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية. إقرار البنتاجون بمغادرة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية جبهات القتال في وادي الفرات الأوسط، دفع قائد المنطقة العسكرية الوسطى الجنرال جو فوتيل بالإشارة إلى أن عملية "غصن الزيتون" تنتقص من الجهود المبذولة في دحر تنظيم داعش الإرهابي. المثير في الأمر أن واشنطن كانت قد رفضت في وقت سابق تدخل المقاتلين الأكراد الذين يحظون بدعم عسكري من الولاياتالمتحدة في عفرين، لكن يبدو أن الأزمة بين واشنطن وأنقرة بلغت ذروتها، وقد تؤدي في نهاية الأمر إلى تدخل أمريكا في المنطقة الحدودية من أجل توفير أوجه الدعم إلى حلفائها. تصريحات البنتاجون لم تلق اهتماما لدى السلطان العثماني، حيث طالب القيادة العسكرية التركية بمواصلة التقدم في عفرين والقضاء على كل ما هو يابس. بالفعل تحرك الجيش التركي والجيش السوري الحر إلى عمق عفرين، واستطاع فرض سيطرته على قريتي "كُوبلك" و"قريرة" في منطقة عفرين بمحافظة حلب شمالي سوريا، وتطهير قريتي كوبلك في ناحية شرانوقرية قريرة من ناحية جنديريس، بحسب الأناضول. انتهاكات تركيا في الأراضي السورية، لم تمر دون إحداث خسائر في الأرواح حيث سقط نحو 649 قتيلًا من الأكراد، و46 قتيلًا من القوات الرديفة للجيش السوري، و149 قتيلا مدنيا، بينهم 27 طفلا و20 امرأة بعفرين، إضافة إلى تدمير 924 هدفًا لحزب العمال الكردستاني والوحدات الكردية، وتحييد 2434 كرديا منذ انطلاق العملية العسكرية. على جانب آخر، واصل الأكراد صد الهجمات التركية عبر إطلاق وابل من الصواريخ الباليستية باتجاه المشاركين في عملية غصن الزيتون، الأمر الذي تسبب في مقتل 41 قتيلًا من القوات التركية فى عفرين، وسقوط 7 قتلى و100 مصاب من المدنيين الأتراك. وتفسيرًا للهجمات الكردية على المنطة الحدودية "كليس"، أكدت الإدارة الذاتية الديمقراطية في عفرين أن العدوان التركي يهدف إلى اقتطاع المزيد من الأراضي السورية، وهو ما نرفضه، وسنواصل الدفاع عن المنطقة أمام الهجمات الغاشمة التي لم تراع حياة الأبرياء، وفقًا ل"روسيا" اليوم. تمسك وحدات حماية الشعب بعفرين، لم يأت من فراغ، كون المدينة لها أهمية استراتيجية في المشروع الكردي، ولأنها تشكل الجسر الجغرافي لوصل هذا المشروع بالبحر المتوسط إذا أتاحت الظروف ذلك، وفقًا لمسؤولين أكراد. وبعيدا عن مناطق الصراع، وعلى امتداد 746 كلم من عفرين، كانت هناك مظاهرات وفعاليات لعدد من المواطنين الأتراك، احتجاجًا على عملية "غصن الزيتون". حيث شهد الشارع التركى 85 مظاهرة رافضة لقرارات أردوغان فى سوريا، إلا أن قبضة السلطان العثماني حالت دون إتمام تلك المسيرات، وتمكن من إجهاضها واعتقال المئات لاعتراضهم على غضن الزيتون. ما نحن بصدده اليوم هو أن العملية العسكرية التركية "غصن الزيتون" في عفرين أنهت حياة آلاف الأبرياء، ودمرت البنى التحتية للمدينة، ولا سبيل لإعادتها مجددا إلى رونقها إلا بإنهاء العدوان التركي. كانت تركيا قد أطلقت عملية "غصن الزيتون" في 20 يناير 2018، بعد إعلان الرئيس العثماني رجب طيب أردوغان بدء المعركة بريا على أن تمتد إلى مدينة منبج السورية مرورا بالحدود العراقية، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية لخطورتهم على الأمن القومي التركي.