يزداد تضخم ملف الانتهاكات التي يرتكبها الجيش التركي في حق الأبرياء بمدينة عفرين السورية، خاصة في ظل تمسك أردوغان بمواصلة العملية العسكرية. بالأمس، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن محاصرة المدينة السورية، وأن القوات تستعد للتحرك نحو الشرق لملاحقة المتشددين الأكراد الذين يشكلون خطرًا على الأمن القومي. تصريحات أردوغان تشير إلى الخطوة التي يعتزم القيام بها بدءا من الانتهاكات بحق المدنيين مرورًا بقصف البنية التحتية للمدينة الكردية خشية إعمارها مجددا. العدوان التركي على المدينة السورية، يجب أن يقابل بموقف حازم لحماية ذلك المجتمع من خطر الإبادة، وذلك في الوقت الذي يستخدم فيه الجيش التركي شتى أنواع الأسلحة الثقيلة. الحقيقة أن أنقرة لا تخشى من الأكراد لخطورتهم على الأمن القومي، ولكنها تتخوف من إقامتهم لكيان جغرافي متصل على حدود تركيا بالقرب من المحافظات الجنوبية التي تسكنها أغلبية كردية. لذلك يمكننا القول إن التهديدات التي يطلقها السلطان العثماني بين الحين والآخر، ما هي إلا مدخل لسحق المجتمع الكردي، من ناحية، وإحداث توازن بين القوى وخاصة في الشمال السوري. وهذا ما ظهر من خلال تصريحات أردوغان بشأن محاصرة عفرين، إلا أن الأكراد نفوا صحة التقارير التي يروجها الأخير بشأن تطويق المدينة، مؤكدين أن قوات الجيش التركي تبعد عن المنطقة بنحو 10 و15 كيلومترًا. وخير دليل على ذلك أن القوات التركية لم تفرض سيطرتها الكاملة، ووصول تعزيزات عسكرية ضخمة من قوات سوريا الديمقراطية إلى منطقة النزاع في الشمال السوري قادمة من الشرق للتصدى للعمليات العسكرية التركية، حسب المتحدث باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود. المثير في الأمر، أن أردوغان يواصل الترويج للنجاحات التي يحققها في عفرين، وأنه بصدد التحرك نحو منبج، ثم سيتوجه لتطهير شرق نهر الفرات حتى الحدود مع العراق من الإرهابيين. وعلى مايبدو أن ترويج أنقرة، لم يحظ بتأييد، خاصة أن أردوغان يخشى من تسليح الأكراد المستمر على يد الولاياتالمتحدة، والتي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية حلفاءها بالأرض السورية. وفي هذا الصدد، عكف وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، على لقاء نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، في أول اجتماع بين البلدين من أجل تحسين العلاقات المتوترة، وبحث ملف وجود إرهابيي "ب ي د" في مدينة منبج بريف حلب السورية، ومكافحة الإرهاب. مساعي تركيا لتحسين العلاقات مع أمريكا يؤكد أن أردوغان لم يحقق أهدافه في عفرين، خاصة أنه يسعى إلى إيقاف تسليح واشنطن لقوات "قسد" ومنعهم من مواصلة تقدمهم نحو الشمال السوري. ما نود الإشارة إليه هو أن مساعي أنقرة في السيطرة على مفاصل المدينة السورية، سيحدث أضرارًا جسيمة بين الجانبين، خاصة أن الأكراد سيواصلون الدفاع عن أرضهم، وهذا قد يطيل أمد الأزمة في عفرين. كانت تركيا قد أطلقت عملية "غصن الزيتون" في 20 يناير 2018، بعد إعلان الرئيس العثماني رجب طيب أردوغان بدء المعركة بريا، على أن تمتد إلى مدينة منبج السورية مرورا بالحدود العراقية، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية لخطورتهم على الأمن القومي التركي.