أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة إتش أر ماكماستر مستشار الأمن القومي، وتعيين السفير السابق جون بولتون بدلًا منه قلق الكثير من الخبراء، الذين اعتبروا تعيين بولتون إشارة إلى استعداد الإدارة الأمريكية للدخول في حرب مع كوريا الشماليةوإيران. واكتسب بولتون، المحافظ المتشدد الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، شهرة كبيرة بسبب دعوته إلى تبني سياسة خارجية أكثر عدائية. وتم إعلان تعيينه بعد يومين فقط من الذكرى الخامسة عشرة لحرب العراق، وهي الحرب التي لعب بولتون دورًا بارزًا في الترويج لها، وأشارت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إلى أن العديد من الخبراء العسكريين، يشعرون بالقلق من أن الدبلوماسي السابق قد ينتهج نفس النهج في الإدارة الحالية. وقال ستيفن مايلز مدير تحالف "اربح دون حرب" التابع لمعهد السياسة الدولية "أعتقد أن الرسالة واضحة تماما، أن ترامب يتخلى عن الدبلوماسية ويستعد للحرب". اقرأ المزيد: بولتون يدعو ترامب لبحث نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية وأُسس تحالف "اربح دون حرب" الذي يمثل جماعات الشئون الخارجية، ذات الميول اليسارية، في الوقت الذي كانت تستعد فيه الولاياتالمتحدة لخوض الحرب ضد العراق عام 2002، وبعد ما يقرب من عقدين، قال مايلز إنه يرى أن ترشيح بولتون يعد جزءا من "حكومة الحرب" التي يشكلها ترامب لمواجهة إيرانوكوريا الشمالية. ويعد تعيين بولتون ثاني إجراء مماثل هذا الشهر بين الرتب العليا في الدائرة الداخلية للأمن القومي لإدارة ترامب، بعد أن تمت إقالة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو بدلًا منه. وتأتي هذه التغييرات، بعد أن وافق ترامب في بداية الشهر الجاري على تلبية دعوة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، المفاجئة والتاريخية، لعقد قمة مشتركة. وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن اللقاء المرتقب، الذي أعلن عنه وفد الرئاسة الكورية الجنوبية في الثامن من مارس، بعد لقائه مع كيم في بيونج يانج، يعتبر انتصارًا للدبلوماسية. يذكر أن ترامب وكيم خاض حربًا كلامية طوال عام 2017، حيث ضغطت الولاياتالمتحدة بكل الطرق الممكنة في محاولة لإجبار كوريا الشمالية على التخلي عن الأسلحة النووية التي يزعم قادتها أنها ضرورية لردع أي غزو محتمل. إلا أن العام الجديد شهد عرضا نادرا للدبلوماسية بين الكوريتين، حيث عقدت محادثات السلام للمرة الأولى منذ فترة طويلة، قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التى عقدت فى 2018 في بيونج تشانج الشهر الماضي، حيث أكدت كوريا الجنوبية لترامب أن كيم على استعداد لنزع السلاح النووي مقابل السلام. اقرأ المزيد: يدعم قصف إيرانوكوريا الشمالية.. من هو «بولتون» مستشار ترامب للأمن القومي؟ غير أن تعيين بولتون يشير إلى اعتماد لهجة أكثر تشددًا، حيث كتب بولتون في ال28 من فبراير مقالًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" وضع فيه "الأسس القانونية لتنفيذ ضربة استباقية ضد كوريا الشمالية". موقفه من إيران لم يختلف كثيرًا، ففي الوقت الذي دخلت فيه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما المراحل الأخيرة من المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي التاريخي مع إيران، دعا بولتون إلى القيام بعمل عسكري في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في مارس 2015، بعنوان "فلنقصف إيران قبل أن تقصفنا". وردًا على سؤال حول ما إذا كان دخول بولتون البيت الأبيض، يعني أن الولايات قريبة من الدخول في حرب مع كوريا الشماليةوإيران، قال الخبير العسكري دانيال دافيس "إنه من الصعب أن نتوقع خيارا آخر". وأضاف دافيس أن "الرئيس ترامب ترشح للرئاسة بعد أن ادعى أنه لن يكون هناك المزيد من التدخل لتغيير الأنظمة، ولا المزيد من الحروب الغبية، وأكد أن حرب العراق كانت خطأ". مؤكدًا أن "اختياره بولتون مستشارًا للأمن القومي غريب، حيث يعارض بولتون كل ما ترشح ترامب على أساسه، حيث يدافع عن تغيير النظام في طهران، ويوصي بحل عسكري في كوريا الشمالية، ولا يزال يدافع عن حرب العراق على أنها كانت قرارا جيدا". وأعرب ديفيس عن أمله في أن اختيار ترامب لبولتون وبومبيو جاء لتعزيز الفرص الدبلوماسية المحتملة وليس استبدالها، قائلًا "آمل أن ترامب لم يغير رأيه، فهناك فرصة هائلة لنزع فتيل الأزمة دون أن يموت أحد أو خوض حروب".