فور إطلاق حكم مباراة مصر والكونغو صافرة النهاية في المباراة الأخيرة المؤهلة لكأس العالم بموسكو، وإعلان صعود مصر رسميا للنهائيات، انطلق هجوم إلكتروني عنيف من جانب المصريين، في رحلة بحث وتنقيب بمواقع الإنترنت المختلفة، عن رحلات روسيا وأسعار تذاكر الطيران والإقامة وتوقعات المدن المضيفة للمنتخب المصري. وما بين عروض واهية سارعت شركات سياحة مغمورة بإطلاقها، ومواقع حجوزات وضعت قوائم أسعار تخيلية.. بدأت الأمور تزداد تعقيدا بعد علم الجماهير باستمرار قرار حظر الطيران بين مصر وروسيا، إضافة لانتظار شركات السياحة للقرعة الرسمية للتعرف على المدن المضيفة والطيران المتاح ومن ثم وضع برامج بأسعار محددة. تجربة فردية «التحرير» عايشت تجربة مصري حجز لنفسه رحلة لتشجيع ومؤازرة منتخب بلاده، ثم شركة السياحة المصرية المسئولة عن بيع البرامج للراغبين في السفر للهدف نفسه.. وبين التجربتين تتكشف العديد من المفاجآت والحقائق. أحمد حافظ.. مواطن مصري لم يتأخر كثيرا في رحلته للبحث عن طريقة لتشجيع منتخب بلاده ودعمه في بلاد الثلج.. وسرعان ما خاض تجربة البحث منفردا عن كيفية تنظيم برنامج متكامل لحضور المباريات قدر استطاعته، وحول تجربته يقول حافظ ل"التحرير": «عقب انتهاء مباراة مصر والكونغو بأيام قليلة بدأت الاتصال بعدة شركات سياحة، وأكدوا أنهم ينتظرون إعلان القرعة التي تجريها الفيفا لوضع البرامج والأسعار، كما اصطدمت بقرار حظر الطيران الروسي الذي لم يكن قد تم بحثه بعد، وأخيرا لم أجد تذاكر المباريات قد طرحت حتى ذلك الحين». ويكمل حافظ: «علمت أن شركة ترافكو المصرية سوف تطرح برامج بسعر 110 آلاف جنيه لحضور المباريات الثلاث في دور ال32 لمنتخب مصر، بدون تذاكر الاستاد، ومن هنا قررت البحث منفردا، فعاودت تصفح موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وفي القرعة العشوائية للتذاكر قدمت بياناتي كاملة، ورقم الكارت الائتماني الذي فوجئت بسحب الفيفا المبلغ منه بعد نحو شهرين، ما يعني أنني حجزت بالفعل". وأضاف حافظ: «قدمت أنا و3 من أصدقائي وحصلنا على التذاكر، والتي بلغت 160 دولارا للدرجة الثالثة و210 دولارات للدرجة الأولى في المباراة الواحدة، وبعدها حجزنا عبر الخطوط التركية رحلة الذهاب "القاهرة - إسطنبول - موسكو" والعودة، ووقع اختيارنا على الخطوط التركية لاشتراكها مع مصر للطيران في قبول الكارت الذهبي لتخفيض الطيران والحمولة والأسواق الحرة وغيرها من المميزات، ثم حجزنا طيرانا داخليا من موسكو إلى ياكتنبرج، حيث لقاء مصر وأوروجواي ليتكلف الطيران بالكامل 21 ألف جنيه». «الأزمة الحقيقية ستكون في الماتش الثالث، الذي سيلعب على استاد فولجوجراد الذي يبعد عن مدينة سان بطرسبرج -محل ملعب مصر وروسيا- بنحو 36 ساعة بالقطار أو رحلتي طيران ثم سيارة»، يكمل حافظ حديثه، موضحا أنه فضل الاستمتاع بالمباراتين الأولى في ياكتنبرج والثانية في سان بيتر، قبيل العودة للقاهرة، وأكد أن الإقامة كلفته لمدة 4 ليال 1350 جنيها في سان بيتر، و3000 جنيه لليلتين في ياكتنبرج، بخلاف الإقامة في موسكو، لتتكلف رحلته بالكامل نحو 42 ألف جنيه بدون حضور الماتش الثالث "مصر والسعودية"، وبسفر يوم 13 يونيو وعودة في 20 من الشهر نفسه. التعويم والطيران «مصر ستلعب كل 5 أيام مباراة في مدينة مختلفة.. لدينا عملة منخفضة في هذا الوقت.. والطيران متوقف، فكيف ننفذ رحلة سهلة ورخيصة لتشجيع المنتخب؟».. هكذا بدأ معتز صدقي المسئول عن ملف برامج كأس العالم المطروحة للمواطنين بشركة ترافكو المصرية للسياحة، حديثه ل"التحرير"، موضحا أنه عقب انتهاء مباراة الكونغو الديمقراطية التي صعدت خلالها مصر لنهائيات كأس العالم، كانت الشركة أيضا قد بدأت رحلتها للبحث عن برنامج متكامل يتوفر للمصريين لمؤازرة المنتخب، ثم بدأت المفاجآت تتوالى. يقول صدقي عن تجربته: «المباراة الأولى أمام أوروجواي في مدينة ياكتنبرج وتبعد عن موسكو -محل الوصول لروسيا- نحو ساعتين و20 دقيقة بالطائرة، بينما نلعب مباراة روسيا في استاد بطرسبرج ويبعد بالقطار فائق السرعة نحو 3 ساعات ونصف الساعة، وبالقطار العادي 10 ساعات، أما مباراة السعودية فسوف تلعب في استاد مدينة فولجوجراد، التي تقع على أطرف الدولة، ما دعانا لتأجير طائرة خاصة لنقل الجمهور بسعر مخفض لمن يرغب في حضور المباراة الأخيرة، لمعالجة الأمر». أولا: التأشيرة يقول صدقي: «تذكرة حضور المباراة الصادرة من الفيفا وفقا لاتفاق مع الحكومة الروسية، هي تأشيرتك للمرور من مطار دولتك ولدخول روسيا.. وللحصول على التذكرة يجب الدخول على موقع الفيفا الذي سيطرح تذاكر بداية من 13 مارس الجاري بسعر: 110 دولارات للدرجة الثالثة، و210 دولارات للثانية، و800 دولار للمقصورة الرئيسية، والأخيرة بالطبع اشتراها الأثرياء وخاصة من دول الخليج حيث تشتمل على مقصورة زجاجية بمعلق خاص وسماعات ترجمة ووجبة عشاء ومشروبات ساخنة أو كحولية، علاوة على قربها من الملعب وتوافر دورة مياه، وجميعها 500 تذكرة فقط.. أما عن طريقة حجز التذكرة فبعدما تسجل بياناتك على موقع الفيفا الرسمي، سوف ترسل لك تذكرة حضور المباراة على هيئة كارت تعريفي "ID"، له شريط يعلق بالرقبة منذ خروجك من مصر وحتى العودة، أي يسمح لك بالمرور في المطارات ودخول الملاعب ويكون بمثابة جواز سفرك داخل البلد». ثانيا: الطيران قال صدقي: «وجدنا أن مصر للطيران وإيروفلوت الروسية لم تتمكنا بعد من إنهاء إجراءات استئناف الطيران بين مصر وروسيا، لذا تواصلت شركات السياحة على الفور مع طيران الاتحاد، والإماراتية، والعربية، ولوفتهانزا، وتم الحجز بأسعار تعتبر مناسبة للغاية في وقت وصلت فيه التذكرة لألمانيا أو بريطانيا إلى نحو 13 ألف جنيه، كانت إلى روسيا بين 8 إلى 12 ألفا بخلاف الداخلي». ثالثا: وصول وإقامة كارت المشجع الذي سترسله الفيفا لمن سدد ثمنه عبر الإنترنت، سوف يمنحك حق ركوب المواصلات العامة الداخلية "مجانا".. ولكن عليك أن تعرف أن تلك المواصلات لا تصلح أبدا لرحلة سياحية وتقل كثيرا عن مستوى المواصلات في مصر، فمثلا الرحلة إلى فولفوجراد، حيث الماتش الثالث قد تحتاج إلى نحو 30 ساعة، بالقطار العادي، ولكن إذا حجزت قطارا فائق السرعة أو استقليت طائرة خاصة مثل التي استأجرتها شركات سياحة، فلن يكلفك الأمر الكثير من الوقت، أما الإقامة فكافة المدن تتوافر بها فنادق 3 نجوم "جيدة"، عدا سان بطرسبرج التي تتوافر بها فنادق خمس نجوم "فائقة الجودة"، وتوفر شركات السياحة أتوبيسات للتنقل للمباريات، وطائرة خاصة للمباراة الثالثة، أما المسافر منفردا فعليه الحجز بالقطارات السريعة أو الأتوبيسات. أسعار البرامج صدقي أشار إلى أن أسعار السفر للخارج عموما لم ترتفع، ولكن التعويم وتحرير سعر صرف الجنيه وراء تراجع العملة المصرية أمام الدولار واليورو، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار الرحلات ليس فقط لكأس العالم ولكن حتى للعمرة ولكل الدول، وربما في الطيران الداخلي بمصر، لذا فقد طرحت الشركات برنامجا لحضور مباراة مصر وروسيا فقط وقضاء أسبوع كامل سياحي بفنادق "معقولة" بسعر 30 ألف جنيه لا تشمل بالطبع تذكرة دخول المباراة، ولولا التعويم كانت الرحلة تكلفت 15 ألف جنيه. إلى جانب ذلك فهناك رحلة لنفس المباراة بسعر 40 ألف جنيه باختلاف مكان الإقامة، وهناك رحلة أيضا لحضور المباريات الثلاث وتنقل بطائرة خاصة لمدة 15 يوما بسعر 133 ألف جنيه للفرد و73 ألف جنيه للطفل دون 6 أعوام، وبين السعرين هناك العديد من البرامج التي ستطرح وتختلف فيما بينها باختلاف نوعية الفنادق والبرنامج اليومي للزيارة ومدة الإقامة وغيرها. تعاقدت شركات السياحة مع البنوك، وتم عمل برنامج تقسيط لرحلة روسيا على 10 أشهر، بفوائد 9% تتحملها شركة السياحة وتضيف سعرها على ثمن البرنامج، بينما جرت المنافسة الحقيقية على سرعة الفنادق في ياكتنبرج محل مباراة أوروجواي الأولى نظرا لقلة الفنادق بها. أزمة مع "فيفا" وكشف صدقي عن أن شركات السياحة والبنوك المصرية تلقت نحو "12 ورقة من التهديد والوعيد"، أرسلها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عن طريق مكتب محاماة "التميمي" بدبي، مؤكدا أن "فيفا" أطلق تحذيرات شديدة اللهجة لكل الجهات خاصة شركات السياحة من استخدام شعارات حصرية يمتلكها الاتحاد الدولي ولا يمنحها لأي جهة، ومنها على سبيل المثال الشعار الرسمي المرسوم وبجواره عبارة «روسيا 2018»، الذي بات محظورا على شركات السياحة المصرية استخدامه. وتابع: "فيفا تعاقد مع شركة فيزا لإطلاق الحملة الدولية الوحيدة للسفر إلى روسيا بالتقسيط أو بالكاش وبالشعار الرسمي، في حين أن أغلب المتعاملين مع البنوك في مصر يستخدمون ماستر كارد -الشركة المنافسة لفيزا- ومن هنا أبلغت فيزا الاتحاد الدولي الذي رد بكل عنف على الشركات والبنوك، مهددا بالقضاء الدولي في حال استخدام اسم أو شعار فيفا". الأمر لم يتوقف على ذلك.. فقد أوضح صدقي أن "فيفا" حذر شركات السياحة من ادعاء امتلاك تذكرة دخول المباريات، أو التحكم في كل ما يتعلق بالملاعب والوقت المنقضي بداخلها، مشيرة إلى أن شركة السياحة مسئوليتها فقط الطيران والفندق، بينما يعد "فيفا" مسئولا عن تذكرة المباراة، والملعب والتأشيرة، أي أنه يرى كافة شركات السياحة سماسرة يجب تجنيبهم. ولفت إلى أن شركات السياحة اضطرت لتغيير محتوى الحملات الدعائية الخاصة برحلات كأس العالم، واستبدلت بالشعار الرسمي "روسيا 2018"، شعارات مثل: "سافر وشجع، وشجع مصر، ومصر في كأس العالم" وغيرها، ما يجعلها تتجنب الصدام مع "فيفا".