خطاب تاريخي يلقيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي وينتظره الجميع، يدعو خلاله إلى إيجاد إطار أوسع لمفاوضات السلام مع إسرائيل من دون رعاية أمريكية، إضافة إلى محاولة التصدي لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. يأتي خطاب عباس في ظل تزايد الحديث عما يعرف بصفقة القرن التي وضعها ترامب والتي من المتوقع أن يتم تنفيذها خلال الأشهر القليلة المقبلة وسط تسويق أمريكي، والتي يتمثل أهم بنودها في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإيجاد عاصمة لفلسطين في ضواحي القدس. لن يحمل مفاجآت يرى مسؤولون فلسطينيون أن خطاب عباس رغم التأكيد على أهميته إلا أنه لن يحمل أي مفاجأة أو تصعيد، مشيرين إلى أنه سيتضمن مطلبا صريحا لمجلس الأمن بإصدار قرار بشأن رعاية متعددة لعملية السلام، وتشكيل إطار دولي من الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن على أساس الشرعية الدولية وبشكل يُنهي تماما الاحتكار الأمريكي لعملية السلام، وذلك حسبما نقلت صحيفة "العربي الجديد". يأتي ذلك في الوقت الذي يتمسك الفلسطينيون بشكل كبير بالإطار الدولي المتعدد لعملية السلام، وذلك بعد قرار الرئيس الأمريكي، الاعتراف بالقدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إلى القدس، بشكل يزيل ملف مدينة السلام من طاولة المفاوضات. كسر الاحتكار الأمريكي بالإطار الدولي المتعدد لعملية السلام، تسعى السلطة الفلسطينية لكسر احتكار الولاياتالمتحدة للوساطة لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار قال المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نبيل شعث، إن عباس سيطلب من مجلس الأمن أن يقوم بالدعوة إلى إطار متعدد الأطراف لرعاية عملية السلام، تشارك فيه دول توازي في قوتها الأممالمتحدة. وأضاف شعث: "عباس سيكون واضحا في خطابه لمجلس الأمن بأن تبني المجلس لقرار يدعو لإطار متعدد لعملية السلام يعتمد على شرعية الأممالمتحدة، وعلى شرعية قرارات مجلس الأمن، وفي حال تم ذلك، فإن الفلسطينيين مستعدون للذهاب إلى عملية السلام كما كانوا دوما". وأوضح: "هذه ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها عباس أن الولاياتالمتحدة لم تعد شريكا نزيها في عملية السلام، لكنه سيؤكد أمام مجلس الأمن هذه المرة الموقف الفلسطيني الرافض لأي عملية سلام تقودها الولاياتالمتحدة وحدها، لأنها منحازة بالكامل لما تريده إسرائيل، وسيؤكد استعداده للعودة لطاولة المفاوضات في عملية سلام دولية مرجعيتها الشرعية الدولية فقط". ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن دبلوماسي فلسطيني في روسيا قوله إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس عباس يعتزمان بحث آلية وساطة جديدة لتحل محل الرباعية الدولية عندما يلتقيان على هامش جلسة مجلس الأمن. جوهر الخطاب حول النقاط التي سيتضمنها الخطاب، أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أن القدس ومقدساتها وثوابتنا الوطنية التي لن يتم التخلي عنها ستكون جوهر الخطاب المهم، الذي سيلقيه الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن . وأضاف أبو ردينة، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية، أن مرحلة جديدة من النضال بدأت للحفاظ على الهدف الجامع للشعب الفلسطيني، وللأمة العربية وللعالم بأسره، وهو قضية القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبتراثها وتاريخها الذي يحاول البعض تزويره لتبرير مخالفته لكل القوانين والشرائع الدولية، التي أكدت على الدوام فلسطينيةالقدس وعروبتها. وأشار أبو ردينة، إلى أن هذه المرحلة الحساسة والخطيرة في تاريخنا النضالي، تتطلب مواقف واضحة فلسطينية وعربية، في مواجهة الأخطار المحدقة بقضيتنا الوطنية، مؤكدا أن المعركة الحالية حول القدس، سترسم ملامح المنطقة في المستقبل القريب والبعيد. مؤكدا أن خطاب الرئيس، سيشكل رسالة للعالم بأسره، بأن العدل والسلام والأرض هي الطريق الوحيد لشرق أوسط آمن ومستقر. خطاب عباس الذي يأتي وسط تصاعد التوتر مع الإدارة الأمريكية، على خلفية قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قد يكون المحاولة الأخيرة للتصدي لإعلان ترامب بشأن القدس وقطع الطريق أمام ما يعرف بصفقة القرن. محاولات فاشلة كان هناك عدة محاولات لعدم إتمام جلسة مجلس الأمن التي سيلقي خلالها الرئيس الفلسطيني خطابه، إلا أن وصول عباس إلى نيويورك استعدادا لإلقاء الخطاب يؤكد أن هذه المحاولات باءت بالفشل. وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأممالمتحدة رياض منصور، في حديث إذاعي نقلته وكالة "سوا" الفلسطينية: "جميع المحاولات لن لا تتم هذه الجلسة أو لا يتكلم الرئيس عباس باءت بالفشل". ووصف مندوب فلسطين في الأممالمتحدة خطاب عباس الذي يلقيه للمرة الأولى منذ عام 2009، بأنه غاية في الأهمية، مشيرا إلى أنه يمثل محاولة جديدة للتصدي لإعلان ترامب بشأن القدس. وأكد أن هناك اهتمام لافت للنظر لحضور الرئيس عباس والاستماع لخطابه والتعبير عن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني وقيادته، موضحا أن كلمة الرئيس عباس ستكون مباشرة. ولفت إلى أن الكلمة تأتي بعد نهاية المحطات العديدة التي تكلم فيها بشأن المستجدات وأبرزها الموقف الأمريكي المتعلق بالقدس، متابعا: "بعد أن تكلم مع قادة العالم في القمم وفي بروكسيل وموسكو وفي اللقاءات الأخرى مع القادة العرب وأمام المجلس المركزي، يأتي الرئيس عباس للمحطة الأهم في صون الأمن والسلم الدوليين وهي مجلس الأمن". العضوية الكاملة من جانبه، قال المستشار الدبلوماسي للرئاسة مجدي الخالدي، لإذاعة "صوت فلسطين"، إنه حان الوقت لأن تحظى فلسطين بالعضوية الكاملة في الأممالمتحدة، مبينا أن هذا الأمر أحد الأهداف التي ستعمل عليها القيادة في المرحلة المقبلة إضافة إلى حشد مزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية. وأشار إلى عدد من اللقاءات التي سيجريها الرئيس مع قيادات عدة دول في نيويورك، منوها إلى أنه سيكون هناك برنامج عمل طويل بعد خطاب الرئيس أمام مجلس الأمن وستكون هنالك مشاورات دولية لتشكيل الألية متعددة الأطراف.