آمال عريضة علقها العراق على مؤتمر المانحين لإعماره، الذي عقد في الكويت على مدى اليومين الماضيين، ولكن المحصلة التي تعهدت الدول بدفعها والبالغة 30 مليار دولار، لن تكفي حاجة الدولة التي عانت لسنوات طويلة من ويلات الحرب وضربات وتفشي الإرهاب. لا يكفي هذا الرقم لم يتجاوز نصف حاجة العراق التي قدرها مسؤولون حكوميون بأكثر من 88 مليار دولار لإعادة إعمار المدن التي دمرت من جراء الحرب مع تنظيم "داعش".. وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بعد انتهاء المؤتمر: "إن التعهدات التي قدمت في مؤتمر دولي للمانحين لإعادة بناء العراق أقل مما يتطلبه". وقال الجعفري خلال مؤتمر صحفي: "المبالغ المخصصة ستسهم في إعادة الإعمار لكنها لن تسد الحاجة"، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس". إلا أنه في نفس المؤتمر الصحفي، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس المؤتمر بأنه "نجاح هائل"، وكان المدير العام بوزارة التخطيط قصي عبد الفتاح، قد أكد أن هناك حاجة إلى نحو 22 مليارا بالأجل القصير، وأكثر من 65 مليارا أخرى على المدى المتوسط دون تحديد أي إطار زمني. الاستثمار والفساد ورهن خبراء تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العراق بتحسن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والتشريعية والقضاء على الفساد بالمؤسسات الحكومية بجانب تعزيز الوضع الأمني. ويشكل الفساد المستشري في هذا البلد المنكوب تحديا كبيرا في سعيه لجمع الأموال، إذ احتل البلد عام 2017 المرتبة 166 من بين 176 دولة على لائحة للبلدان الأكثر فسادا تصدرها منظمة الشفافية الدولية. وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي قدرة بلاده على جذب رؤوس الأموال لبدء مرحلة الإعمار عبر إصلاح اقتصادي، وتعهد العبادي في وقت سابق بمحاربة الفساد. من جانبه قال الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة: "إن جذب الاستثمارات الأجنبية للعراق يعيقه أمران رئيسيان هما: تردي الأوضاع الأمنية وارتفاع نسب الفساد بالمؤسسات الحكومية "، مشيرا إلى أن مؤتمر دعم إعمار العراق لم يحقق المطلوب في ظل انخفاض التعهدات، مقارنة بمستهدفات الحكومة العراقية، وفق ما نقلت شبكة "إرم نيوز". لا تغني ولا تسمن من جوع أما الخبير العراقي وضاح ألطه، فوصف التعهدات والمنح المالية الأخيرة بأنها "لا تغني ولا تسمن من جوع"، في ظل استمرار ما يقوض حركة الاستثمار من عدم توافر البنية التحتية المناسبة والأراضي المطورة وتدني كفاءة الاتصالات. كان العراق يعول على المؤتمر للحصول على استثمارات بقيمة 88 مليار دولار لإعادة إعمارها بعد أربع سنوات من الحرب. التحدي الأكبر كما سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الخميس، الضوء على نتائج المؤتمر، وأكدت أن الحكومة العراقية تقف حاليا أمام تحدٍّ كبير، يتمثل في كيفية تحويل المليارات التي جنتها من مؤتمر المانحين في الكويت إلى مشاريع على أرض الواقع، ومنع تسرب تلك المبالغ إلى قنوات الفساد، حيث يصنَّف العراق على أنه بين الدول العشر الأكثر فسادا في العالم. التحدي الذي يواجه العراق الآن، هو كيف سيحوِّل هذه التعهدات إلى نقد فعلي، ويكفل استخدامها على نحو جيد دون أن تتعرض للفساد. وأوضحت "الجارديان" أن العراقيين إذا لم يجدوا أثر تلك الأموال على حياتهم، خاصة في المناطق التي شهدت معارك ضد "داعش"، وإذا لم تنجح تلك الأموال في إعادة المشردين، فإن خطر عودة التطرف سيكون أمرا واردا. لجنة نزيهة كان أهالي الموصل يعقدون آمالا كبيرة على هذا المؤتمر، حيث نقلت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية عن بعض الأهالي قولهم قبل انعقاد المؤتمر: "إنهم لا يتوقعون إعادة إعمار البنى التحتية للمدينة من دون مساعدة خارجية، كما يتخوف الكثيرون من سوء إدارة الحكومة". وأشار أهالي الموصل إلى أنهم "لا يريدون من الحكومة أن تسرق الأموال المخصصة لكل مشروع، والطريقة الوحيدة لعمل ذلك هو أن تكون هناك لجنة نزيهة تباشر بإعادة الإعمار، حتى لا يكون هناك أي طرف أو مجموعة تتمكن من استغلال الوضع". كما أفاد عضو مجلس الأنبار، طه عبد الغني، بأن "الحكومة غير قادرة على إعادة إعمار أي شيء"، معبرًا عن أمله في أن "تتولى الدول المانحة هذه المهمة لسد الفراغ". الدول المانحة وجاء ترتيب أبرز الدول والمنظمات التي أسهمت بمبالغ في إعادة إعمار العراق، سواء على شكل قروض أو منح أو فرص استثمارية على النحو التالي: الولاياتالمتحدة: أعلن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون خلال مشاركته في مؤتمر الكويت توقيع اتفاقية بين مصرف التجارة الخارجية الأمريكي والعراق، لمنح بغداد قروضا بنحو ثلاثة مليارات دولار. - السعودية: تخصص 1.5 مليار دولار لمشاريع إعادة إعمار العراق. - تركيا: تخصص خمسة مليارات دولار للعراق على شكل قروض واستثمارات. - الكويت: تقدم للعراق مليار دولار على شكل قروض كما ستستثمر مليار دولار للمساهمة في إعادة إعمار البلد. - قطر: تخصيص حزمة من القروض والاستثمارات للعراق بقيمة مليار دولار. - الإمارات: تقديم 500 مليون دولار. بريطانيا: مليار دولار على شكل ائتمان صادرات على مدى 10 سنوات. ألمانيا: مساعدات بقيمة 350 مليون يورو تقدم للعراق في 2018. إيطاليا: 260 مليون يورو على شكل قروض ميسرة و11.5 مليون دولار مساعدات. فنلندا: تعهدت هيلسنكي بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار تخصص لنزع الألغام. ماليزيا: قالت كوالالمبور إنها ستقدم 100 ألف دولار للعراق. الاتحاد الأوروبي: يقدم 400 مليون دولار على شكل مساعدات إنسانية للعراق. كما تعهدت منظمات غير حكومية بتقديم 330 مليون دولار على شكل مساعدات للعراق، وأعلن البنك الإسلامي للتنمية أنه سيقدم 500 مليون دولار للمساهمة في إعمار العراق، كما أعلن الصندوق العربي للإنماء التوصل إلى تسوية مع العراق تتيح له الاستفادة من تمويل الصندوق بمقدار مليار ونصف المليار دولار.