أثار القرار المفاجئ للرئيس السوداني عمر حسن البشير اليوم الأحد، بإقالة المدير الحالي للمخابرات الفريق محمد عطا، وإعادة تعيين الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح قوش مديرًا عامًا لجهاز الأمن والمخابرات الوطني مجددًا العديد من التساؤلات. لم تكن هناك أية مُقدمات لإقالة مدير المخابرات، حيث تأتي الإقالة بعد أيام من الاجتماع الرباعي، الذي ضم وزيري خارجية مصر والسودان وجهازي المخابرات الخميس الماضي، والذي اختتم أعماله بالاتفاق على وقف التراشق الإعلامي بين البلدين، والإعداد لقمة رئاسية لرفع مستوى التعاون بين القاهرةوالخرطوم. الإقالة والخلافات في الوقت الذي لم توضح السلطات السودانية الأسباب التي دعت "البشير" لإقالة مدير الجهاز المُقال الفريق محمد عطا، إلا أن مصادر دبلوماسية ربطت بين الإقالة وبين خلافات تجري بين البشير، ونائبه الفريق بكري حسن صالح ووزير خارجيته إبراهيم غندور المرتبطين بعلاقات تحالف مع المسئول المقال. ولم تستبعد المصادر أن يعيد تكليف "قوش" فتح الباب أمام تكهنات بعودة معسكر نائب الرئيس السابق على عثمان محمد طه للسلطة بقوة ومن أبرز قياداته مساعد الرئيس عوض أحمد الجاز الذي بات ممسكًا بملف العلاقات الخارجية مع عدد من الدول. وتمثل عودة "قوش" لمنصبه السابق مفاجأة من العيار الثقيل خاصة وأنه اعتقل بعد إقالته بتهمة التخطيط للانقلاب على النظام الحاكم. قوش في سطور ينتمي "صلاح قوش" إلى قبيلة الشايقية التي تقطن شمال السودان، ومن خريجي جامعة الخرطوم، وأثناء وجوده بالجامعة تولى مسؤولية الأمانة السياسية في تنظيم الإسلاميين داخل الجامعة، وأشرف على تكوين أجهزة معلومات داخل الجامعة كانت مهمتها تقديم المعلومات لقيادة تنظيم الإسلاميين حتى يتاح لهذه القيادة اتخاذ القرار. تدرج "قوش" في جهاز المخابرات حتى وصل منصب نائب مدير العمليات، وعام 1996 غادر منصبه مع عدد من ضباط الجهاز على خلفية اتهامهم بالتخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. وعندما اختلف البشير مع زعيم الإسلاميين حسن الترابي عام 1999 وأسس الأخير حزب المؤتمر الشعبي المعارض انحاز قوش للبشير. وبعد سنوات عاد صلاح قوش من جديد إلى قيادة جهاز المخابرات، وعين الفريق محمد عطا نائبًا له، بعد أن أدمج جهازي الأمن والمخابرات. تعيين "قوش" في منصب المدير العام، جاء بعد ما تردد عن وجود صراعات داخلية وتدخلات سياسية في عمل الجهاز، لذلك يقول مقربون منه: إنه "اشترط أن تطلق يده في إدارة الجهاز دون أي تدخل من طرف القيادة السياسية". وفي أغسطس 2009، تم إقالة صلاح قوش من منصبه وعيّن مكانه نائبه، ولا توجد معلومات يعتد بها حول أسباب إقالته، وهناك من يعتقد أن للأمر علاقة بصراع القوى في الداخل، خاصة بين مجموعة العسكريين - أي ضباط الجيش الذين يلتفون حول البشير، ومجموعة الأمنيين بقيادة قوش. في حين يرى آخرون أنه وبسبب قرب إجراء الانتخابات ودخول البلاد مرحلة تعددية سياسية حقيقية، تحول "قوش" إلى كبش فداء للتغيير مع الغرب ومع الحركة الشعبية - الشريك الآخر في الحكم، ففي 2013 دخل "قوش" السجن لشهور بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ليُطلق سراحه بعد ذلك بعفو رئاسي. وكان ينظر إلى الأخير باعتباره الرجل القوي في النظام السوداني، لكن جماعات حقوقية غربية تتهمه بلعب دور في انتهاكات بإقليم دارفور، وخلال عهده تعزز التعاون بين المخابرات السودانية ونظيرتها الأمريكية "سي. آي. أيه"، وبعد مغادرته الأجهزة الأمنية شغل منصب مستشار رئاسي، إلا أنه أقيل من منصبه مطلع عام 2011. وفي الساعات الماضية أعاده البشير مرة آخرى للمنصب لقيادة جهاز المخابرات مرة أخرى، دون معرفة الأسباب الحقيقية التى دفعت الرييس السوداني إلى اتخاذ تلك الخطوة.