في الوقت الذي أعربت فيه مصر عن قلقها بشأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي عن رفض الاقتراح المصري بشأن مشاركة البنك الدولي في محادثات سد النهضة، نجد الهيئة الحكومية الدولية لشرق إفريقيا "إيجاد"، تقدم دعمًا ماليًا لبناء سد النهضة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية "إينا". كان رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين، أعلن رفض المبادرة المصرية، عقب أيام قليلة من مغادرته القاهرة، في زيارة التقى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي. أكد اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، أن ديسالين قال إنه سيجلس مع الجانب السوداني لعرض إشراك البنك الدولي في المفاوضات كطرف محايد، إلا أنه بعد وصوله لإثيوبيا أعلن رفض المبادرة المصرية. أوضح باشات أن هذا الرفض الإثيوبي، يصب في صالح مصر، نظرًا لرغبتنا في إيجاد حل عادل للأزمة، عبر إشراك طرف محايد مشهود له بالخبرة الدولية في مثل تلك الأزمات، وأنه يثبت وجود نوايا إثيوبية وسودانية غير خالصة، مردفًا أن الرفض يؤكد عدم سلامة دراسات المشروع، بشكل كامل. وطالب عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، بضرورة استغلال هذا الرفض، لتكثيف التحركات على المستوى الدولي، بالإضافة إلى اتخاذ الحكومة إجراءات لعرض الأمر على دول أخرى فاعلة، والتكثيف من اتصالاتها سواء كانت عربية أو إفريقية، مشيرًا إلى ضرورة عدم خروج المشكلة عن الإطار الإفريقي. أكدت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنها كانت تتوقع هذا الرفض، حيث كان واضحًا أن ديسالين غير موافق على المبادرة المصرية، طالبًا مشاركة أطراف أخرى غير البنك الدولي. وأشارت الدكتورة أماني الطويل، إلى أن الإثيوبيين يعلمون ضعف الدراسات التقنية للسد، لذا سيرفضون تدخل أي طرف يتمتع بالخبرة والحياد، مؤكدة أنه أصبح يتعين على الدولة اتخاذ إجراءات ومسارات أخرى، و"أعتقد أن المسئولين يدرسون خيارات جديدة، سواء بالتحرك على الصعيد الإفريقي، أو الصعيد الدولي". قال اللواء يحيي كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن هناك جهودا كبيرة يتم بذلها لاحتواء أزمة المفاوضات الدائرة مع إثيوبيا، سواء من خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، أو من خلال المقابلات التي تمت على أعلى مستوى، لتوطيد العلاقة، أو من خلال وزارة الخارجية التي لا تتوقف عن احتواء الأزمة. وطالب كدواني بترك هذا الملف برمته لوزارة الخارجية، فهي الأدرى بكيفية إدارته لحله بشكل سلمي، لأن هذا الموضوع لن يكون من السهل إنهاؤه بشكل غير سلمي، ولكن إذا لم تتمكن من الحل، فلكل مقام مقال. فيما قال الدكتور هاني رسلان، ورئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن تصريحات ديسالين تغلق الطريق في وجه أي مفاوضات، وتؤكد أنهم غير راغبين في التوصل الى حلول توافقية. وأضاف رسلان ل«التحرير» أنه بات من الواضح أن إثيوبيا ماضية في تنفيذ السد دون إجراء أية دراسات حقيقية، أو اكتراث بما الأضرار التي قد تلحق بمصر، بعد الانتهاء من السد، وبدء ملء خزانه. تابع: "للأسف ندفع الآن ثمن الإدارة الخاطئة لمفاوضات السد مع الإثيوبيين، طريقة خاطئة وغير متوازنة، فإصرار مصر على المسار التعاوني، جعل الجانب الإثيوبي يراوغ حتى وصل لما يريد". وفيما يخص الحلول وكيفية مواجهة الأزمة، أوضح رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أنه ليس هناك حل واضح في الأفق، فالتحكيم الدولي غير ملزم، والخطوط التفاوضية يبدوا أنها وصلت لطريق مسدود.