يترقب الجميع نتائج زيارة هايلى ماريام ديسالين رئيس الوزراء الإثيوبى، إلي القاهرة والتي تستغرق 4 أيام وذلك فى إطار أعمال اللجنة المشتركة بين مصر وإثيوبيا، والتى كان من المقرر أن تنعقد فى منتصف شهر ديسمبر الماضى، لكن تم تأجيلها لتنعقد فى الوقت الراهن. ومن المقرر أن يبحث رئيس الوزراء الإثيوبى كما صرحت مصادر رسمية مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، أحدث تطورات ملف سد النهضة، وطرح الرد الإثيوبى على مقترح مصر بشأن مشاركة البنك الدولى كطرف فنى، له رأى محايد وفاصل فى أعمال اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة. وتهدف مصر من الزيارة ترويض إثيوبيا و إجبارها على الالتزام بالاتفاقيات بشأن سد النهضة والبعد عن الاغراءات القطرية والتركية للإضرار بالقاهرة فى ظل إصرار مصر على التفاوض السلمى والدبلوماسى للوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف. وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، استقبل مؤخرا رئيس أركان القوات القطرية، الفريق الركن طيار غانم بن شاهين الغانم، في أديس أبابا، واتفق الجانبان على تعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما. هذا اللقاء اعتبره البعض ليس الهدف منه تعزيز التعاون العسكرى والأمنى فقط بل له أبعاد أخرى فيما يتعلق بتمويل سد النهضة بهدف التأثير على مصر اتساقا مع المساعى التى تقوم بها قطر منذ ثورة 30 يونيو لعرقلة دور مصر الدولى والتأثير على الأوضاع المحلية فى مصر انتقاما من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى قضى على حلم جماعة الإخوان المسلمين بالاستمرار فى حكم مصر وهو ما لا يروق لدويلة قطر أحد أكبر الداعمين لجماعة الإخوان المسلمين. ولم تكن زيارة رئيس الأركان القطري هي الوحيدة التي خلقت العديد من الشكوك حول فشل المفاوضات الفنية لسد النهضة، لكن هناك أيضا تزامن في التحركات والتقارب بين بعض الدول المعادية لمصر على رأسها تركيا والسودان وبعض الدول الإفريقية. وكان رئيس وزراء الأثيوبى قد أعلن في وقت سابق تمسك بلاده بتعزيز العلاقات الأخوية مع مصر وأهمية الاستمرار في ترجمة الإرادة السياسية والنوايا الحسنة بين البلدين إلى نتائج وثمار ملموسة تلمسها الشعوب وهو ما سيأتي عبر استكمال إجراءات بناء الثقة. من جانبها تدخلت مصر بعد هذه الزيارات الخبيثة وأصرت على إتمام زيارة "دياسالين" إلى القاهرة رغم مطالبة البعض بإلغائها ردا على هذه التحركات , والتقى السفير المصرى لدى إثيوبيا برئيس الوزراء الإثيوبى فى أديس أبابا , وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان صادرعنها، نقله السفير المصري لدى إثيوبيا أبو بكر حفني محمود عقب لقاءه "ديسالين" في مقر مكتبه بالعاصمة أديس أبابا، حيث استعرض اللقاء آخر استعدادات عقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين والمقرر عقدها في القاهرة على مستوى كل من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي تحت عنوان "تنمية الاستثمار والعلاقات التجارية بين مصر وإثيوبيا". وأشار البيان إلى تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون في كل من مجالات التجارة والاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والصحة والصناعات الدوائية وإرسال القوافل الطبية, فضلا عن تناول آفاق التعاون في إقامة المناطق الصناعية والاستثمار الزراعي, وكذا مسار تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين المصري والإثيوبي. وكان سامح شكرى، وزير الخارجية، قال فى تصريحات سابقة إن مصر لم تتلق بعد أى رد فعل من إثيوبيا أو السودان فيما يتعلق بالمبادرة التى تقدمت بها لإدخال البنك الدولى كطرف فاصل فيما يطرح بخصوص المسار الفنى للمفاوضات والمقررات التى تقدم من الشركة الدولية الموكل إليها الانتهاء من الدراسات الخاصة حول التأثيرات المترتبة على مشروع سد النهضة. وأضاف "شكري" أن القرار الأخير الذى اتخذته الحكومة السودانية باستدعاء سفيرها للتشاور يتم تقييمه ويتم التعامل مع كل التأثيرات التى تترتب عليه اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال هذا التطور، وأوضح أن مصر تسعى دائما لأن تكون هذه العلاقة معبرة عن رغبة الشعبين فى توثيق العلاقة، ولكن أيضا وفى المرحلة الحالية وبعد ما تم تداوله من تصريحات تثير القلق من أن المنحى لهذه العلاقات يحتاج إلى تصويب حتى يظل محافظا على مجالات التعاون والرغبة فى ألا يكون هناك أى تأثيرات سلبية فيما يتعلق بمصلحة الشعبين. وحول تأثير سد النهضة على العلاقات «المصرية - السودانية»، قال وزير الخارجية: «سد النهضة مسار فنى، ونرى أنه يجب التعامل معه من هذا المنطلق، ولكن أيضاً لابد أن يكون هناك قدر من المراعاة المشتركة لمصالح الأطراف الثلاثة، ولا نستطيع أن نقول إننا قد حققنا من خلال التطبيق الكامل للاتفاق الإطارى والمسار الفنى فى اللجنة الفنية المشتركة ما يؤشر إلى التنفيذ الكامل لما تم التوافق عليه ومراعاة مصالح الدول الثلاث والاعتبارات التى تم على أساسها صياغة الاتفاق من اعتراف متبادل للمصالح المشتركة للدول الثلاث، وليس هناك رغبة من قبل مصر لخلق أى مجالات للتوتر، ولكن نجد دائما أن هناك أرضية للتوافق حول ما إذا كانت هناك إرادة سياسية، وهذا ما نقدره ونقيّمه، فمصر لديها الإرادة، ولكن تتعامل مع أى قدر من التصعيد بالشكل الذى يتناسب مع القدرات والاهتمام بمصالح الشعبين». وأكد الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، أن مصر لديها أدوات سياسية مختلفة للتعامل فى ملف سد النهضة، مضيفًا: "لم نيأس ولن نيأس من المفاوضات فى ملف سد النهضة". وأوضح أنه فى إطار مبادرة حوض النيل، أرسلت مصر خطابًا إلى البنك الدولى فى 2008، تطلب تمويل أول دراسات جدوى ومستندات طرح لأول سد متعدد الأغراض على النيل الأزرق، موضحاً أن إثيوبيا فى عام 2011 أعلنت عن سد غير محل الدراسة، ووقتها سافر المهندس عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، إلى إثيوبيا وجرى الاتفاق مع رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل ملس الزيناوى، على عقد لجنة دولية لأن الدراسات غير مكتملة. وأشار وزير الرى، إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبى وقتها أكد أن بلاده قامت بعمل الدراسات الكافية عن سد النهضة، موضحاً أن الزيناوى قال إن حصة مصر لن تقل مقدار كوب واحد، ولكن عام 2013 توصلت اللجنة الدولية إلى أن هناك دراسات ناقصة وتعديلات فى تصميم السد، بالإضافة إلى دراستين عن تأثير السد على دول المصب، والتأثير على النظام الاجتماعى والاقتصادى والبيئى لدول المصب. وتابع "عبد العاطى": مصر طالبت بالاتفاق على ملاحظات مجمعة لعدم الخروج عن الشروط المرجعية، ولكن السودان وإثيوبيا اعترضا على ذلك، كما طالبت إثيوبيا مناقشة الاستشارى الخاص بسد النهضة بشكل منفرد، وهو ما يؤثر على حياديته، ويعد خروجًا واضحًا عن عقد اتفاق المبادئ. وأضاف، أن كل الدراسات الدولية أكدت أن سد النهضة له تأثيرات كبيرة على مصر، مؤكداً أن مصلحة مصر وإثيوبيا تقتضى العودة للمفاوضات، وأن شعوب حوض النيل لن يفرقها شىء حتى قيام الساعة. يأتى هذا فى الوقت الذى أكد فيه خبراء أن زيارة رئيس وزراء أثيوبيا لمصر، قد تضع اللمسات الأخيرة في سير المفاوضات، موضحين أن رفض أثيوبيا لمقترح مصر إشراك البنك الدولي كوسيط في المفاوضات، دليل دامغ علي سوء نواياها ويضعها في موقف حرج أمام الرأي العام العالمي. من جانبه قال "نادر نور الدين" أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، إن زيارة رئيس وزراء أثيوبيا الحالية لمصر، كانت مقرر لها الشهر الماضي، وإلقاء كلمة أمام البرلمان المصري، لكن تم التأجيل الزيارة بعد أن علمت السفارة الإثيوبية نية أعضاء البرلمان في الهجوم علي رئيس الوزراء. وأوضح نور الدين, المفاوضات الفنية فشلت بعد تأكيد الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري لذلك، ثم انتقلت المفاوضات للجانب الدبلوماسي، وقد قام وزير الخارجية سامح شكري بزيارة أثيوبيا منذ شهر وتقدم بمقترح أن يتم اللجوء إلى البنك الدولي كوسيط مشترك في المفاوضات، بما يحمله من خبرات في هذا الشأن، ومدعم فيه الكثير من الاتفاقيات، بين دول حوض النيل، ولديه استراتيجيات في بناء السدود حول العالم، ويرفض تمويل بناء أي سد إذا كان لا يخدم أكثر من دولة أو كان يضر بمصالح الدول. وأشار إلى أن المباحثات على مستوى الرؤساء ستكون الخطوة الأهم في سير المفاوضات، لافتًا إلي أن رفض اثيوبيا لمقترح مصر بوساطة البنك الدولي سيكون داعمًا لمصر أمام الرأي العام العالمي، وأن إثيوبيا هي من تريد أن تعقد الأمور وهي من تعرقل المفاوضات. وقال الدكتور ضياء القوصي مستشار وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن الرئيس السيسي ، قادر علي وضع اللمسات الأخيرة علي مفاوضات سد النهضة، مع رئيس الوزراء الإثيوبي، بعد فشل المفاوضات الفنية، ومن ثم انتقلت المفاضات علي المستوي الدبلوماسي، ما يؤكد أن مصر تسير وفق مبادرة وثيقة المبادئ التي اقرها المسئولين فى مصر والسودان وإثيوبيا منذ عامين. وطالب "القوصى" من القيادة السياسية، وضع حدا نهائيا للمماطلة الإثيوبية ومعرفة مدي جديتهم في المفاوضات