أيام قليلة ويأتي رئيس الوزراء الإثيوبي هايلى ماريام ديسالين، للقاهرة لمقابلة الرئيس السيسي، وإلقاء خطاب في مجلس النواب المصري، في محاولة لتطمين الشعب من أخطار سد النهضة الإثيوبي. ولكن عددا من النواب، أعلنوا رفضهم استقبال "ديسالين"، في مقر مجلس النواب، دون الاعتراف بحقوق مصر التاريخية في حصة مياه النيل -55.5 مليار متر-، واصفين الزيارة بالمناورة الجديدة للحكومة الإثيوبية والترويج بموافقة مصر على بناء السد. استجواب الحكومة قال المهندس هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، وأحد النواب الرافضين استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي، إن هناك مجموعة من الأسباب دفعته للتوقيع على مذكرة رفض استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي، في مجلس النواب لإلقاء خطاب للشعب المصري. أوضح الحريري ل«التحرير»، أن السبب الرئيسي هو عدم إلمامنا بأي معلومات عن الدور الذي قامت به الحكومة في حل أزمة سد النهضة، فلم تخبرنا أي جهة رسمية بأبعاد القضية، ولا لماذا توقفت المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، وكل معلوماتنا هو نتاج مجموعة من الأخبار والتقارير الصحفية والإعلامية، وقطعًا لن نستطيع الحديث مع "ديسالين" دون معرفة كل التفاصيل، فلن نقبل بدور المتفرج. تابع الحريري: "بعد صدور بيان وزير الري بتوقف المفاوضات مع الإثيوبيين، قدمنا استجوابات للحكومة، ولكن لم يرد علينا أحد". أكد عضو مجلس النواب، أن "تلك الزيارة تذكرني بزيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وتنازلت بعدها الدولة المصرية عن جزيرتي (تيران وصنافير)، فأخشى أن تصل الحكومة الإثيوبية لمآربها على حساب حصة مصر من المياه". وعن مطالب النواب الرافضين استقبال رئيس الوزراء الإثيوبي، قال النائب هيثم الحريري، إنهم "يشترطون أن يكون هناك خطوط واضحة يتم التأكيد فيها على حقوق مصر في حصتها من مياه النيل وهى 55.5 مليار متر مكعب، ثم إبداء مرونة في زيادة مدة ملء السد، ومشاركة مصر في إدارة سد النهضة". لسنا ضد التفاوض ولكن «ما السبب الحقيقي من زيارة رئيس وزراء إثيوبيا لمجلس النواب؟» هذا التساؤل أطلقته النائبة نادية هنرى، عضوة تكتل 30-25، قائلة: "هل هو مناورة جديدة للحصول على مزيد من الامتيازات، واستغلالها للترويج دوليا بموافقة الجانب المصري على بناء السد، وقطعًا هذا خلاف الحقيقة، فلا يجوز أن نسمح لهم باستكمال تلك الصورة غير الحقيقية وتصديرها للعالم. أضافت هنري، أن أحد التقارير الصادرة عن اللجنة الثلاثية، بتاريخ 31 مايو الماضي، أكدت وجود إهمال جسيم في تصميمات جسم السد، وهو ما يهدد بكارثة في حال انهياره، فتلك النقطة في نظري أهم من زيادة فترة ملء خزان سد النهضة، وإن كانت مهمة أيضًا. وعن شروط عودة الحوار والتفاوض مع الجانب الإثيوبي، قالت النائبة نادية هنري، إنهم ليسوا ضد التفاوض ولكن دون المساس بحصة مصر التاريخية من مياه النيل، كما يجب عقد جلسات مع رئيس الوزراء ووزيري الخارجية والري، وعدد من الخبراء المعنيين بالأزمة. تابعت هنري: "كما ننتظر، تبني الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة جديدة للتفاوض، بشرط وقف البناء الفوري للسد، والالتزام بالسعة التخزينية الأقل للمياه، وتقييم الأضرار الواقعة على مصر نتيجة بناء السد". وأردفت النائبة نادية هنري، أنه للدولة المصرية عدد من البدائل التفاوضية، عبر مبادرات دولية بالتنسيق مع الدول الصديقة، وهناك أيضًا بدائل قانونية، منها الشكوى لمجلس الأمن، والتركيز على أن السد يهدد الأمى القومي لمصر، وطلب تحويل الملف للتحكيم الدولي، والشكوى إلى الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، واختتمت حديثها قائلة: "إحنا مش ضد تنمية إثيوبيا، ولكن ماتبقاش تنميتهم على حساب موتنا، ونهاية حياة المصريين". رسالة طمأنة وفي السياق ذاته، أكد النائب حاتم باشات، أنه طلب من السفير الإثيوبي بالقاهرة أن تحمل الزيارة رسالة طمأنة عملية للمصريين من أعمال بناء سد النهضة. وأضاف "باشات"، أن المفاوضات المصرية - الإثيوبية بخصوص سد النهضة، لم تفشل ولكن تعثرت وقابلة للحل، مشيرًا إلى أن الأفارقة يعرفون مكانة وقوة مصر في القارة الإفريقية. لا يجوز قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن رفض بعض النواب استقبال رئيس وزراء إثيوبيا أمر لا ينبغي حدوثه، لأن العلاقات البروتوكولية شيء والخلافات السياسية شيء آخر، بدليل أن الرئيس السيسي زار أديس بابا وتم استقباله بالبرلمان الإثيوبي. أردف إبراهيم بأن رفض استقباله بالتأكيد سيكون له آثار سلبية على العلاقات الأخوية بين البلدين ولن تحل أزمة سد النهضة، بل تزيد الأمور تعقيدا وتغلق باب الحوار المتبع في حل الأزمة. ويرى الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا للقاهرة، مخطط لها منذ فترة، مشيرا إلى أن هناك قمة ثنائية وعلاقات تواصل بين البلدين، وليس من المفهوم أن يطلب بعض النواب إلغاء الزيارة.