جريمة تسلب الإنسان حريته وتقع به تحت دائرة مجموعة من عتاة الإجرام، لا تعرف الرحمة ولا الشفقة طريقا لقلوبهم، فقد يستوقفونك أثناء سيرك مع زوجتك وأطفالك، ويخطفون زوجتك بالإكراه تحت تهديد السلاح، أو يتناوبون التعدى عليها جنسيا أمامك، ثم يهربون بها، ويطلبون منك لاحقا فدية نظير إطلاق سراحها، هى جريمة «الخطف»، ما دعا مجلس النواب لمناقشة تغليط عقوبتها. وافق مجلس النواب نهائيًا، قبل يومين، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، ومنها عقوبة جريمة الخطف، حيث أكد المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية، فى تقرير اللجنة أن جريمة خطف الأشخاص، تعد من الجرائم الخطرة على الإنسان والمجتمع على حد سواء، حيث تمس آلامه الإنسانية البدنية والنفسية وتسلبه حريته. أوضح «أبو شقة» قائلاً إنه نظرًا لاتساع وانتشار هذه الجريمة فى البلاد والتزايد الملحوظ خلال السنوات الأخيرة فى معدلات جريمة خطف الأشخاص بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة، وارتباط هذه الجريمة بجرائم أخرى فى غاية الخطورة ومنها القتل والسرقات والاعتداء الجنسى ما يشجع مرتكبيها على السلوك الإجرامى بطريقة الاختطاف، لذالك أصبح لزامًا على المُشرع أن يتدخل بإجراء تعديل تشريعى فى إطار سياق الاتجاه التشريعى المتبع لتحقيق الغاية من التشريع لمواجهة هذه الجريمة وردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل تلك الجرائم. نصت التعديلات في مشروع القانون بمادته الأولى استبدال نصوص المواد 283 و289 و290 من قانون العقوبات، وذلك بالتوسع فى التجريم لمواجهة حالات الخطف دون تخصيص، نظرًا لما أدت إليه النصوص القائمة من إفلات بعض الجناة من العقاب، مع تشديد العقوبات القائمة ووضع ظرف مشدد إذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية. ونصت المادة 283 أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 7 سنوات كل من خطف وأخفى طفلا حديث العهد بالولادة أو أبدله بآخر أو عزاه زورا إلى غير أى من والديه، كما نصت المادة رقم 289 على أن كل من خطف من غير تحايل ولا إكراه طفلا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، أما إذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ومع ذلك يحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه. فيما نصت المادة 290 على أن كل من خطف غيره بالتحايل أو الإكراه شخصًا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، فإذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، أما إذا كان المخطوف طفلاً أو أنثى فتكون العقوبة السجن المؤبد، ويُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوف أو هتك عرضه. يقول عادل معوض، المحامي بالنقض والخبير القانوني، إنه مع تغليط العقوبة على جريمة الخطف، لكنه يرى أن التغليط كان يجب أن ينص على الإعدام فورا لمرتكبى تلك الواقعة الموجعة والمخيفة. وشرح «معوض» ل«التحرير» موضحا أن الخطف من جرائم الحرابة في الإسلام والإفساد في الأرض، وهذه الجرائم قابلها التشريع الإلهي بتشديد العقوبة وتغليظها، مستشهدا بالآية القرآنية الكريمة (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)، حيث نص التشريع الإلهي على عقوبة القتل والصلب والنفى من الأرض. وطلب الخبير القانوني بأن تكون العقوبة هي الإعدام مشيرا إلى «التفكير فى تغليط العقوبة على زيادة مدة السجن وتشديدها يصطدم عتاة الإجرام اتخذوا من السجون بيوتا لهم، وقد يدفع المجرم بآخر قرين له لارتكاب جريمة الخطف على أن يتكفل هو بمصاريف نفاقته ونفقات أسرته» . ولفت إلى أنه على الرغم من أن القانون قد شدد العقوبة في تجارة المخدرات إذ تصل عقوبتها للمؤبد، فإننا نجد انتشارا وتوسعا فى تجارة المخدرات معقبا «هم لا يعبأون بالسجن»، وتابع منوها بأن صحيفة الحالة الجنائية للجناة الذين يعتادون على ممارسة مثل تلك الجرائم شديد الخطورة، تجد الفارق في المدة الزمنية بين ارتكابه لجريمة ما وبين جريمة أخرى ارتكبها بشخصه أيضا لم تتجاوز الشهر الواحد "بين التهمة والتانية شهر واحد". وطالب المحامي فى حديثه أن يكون تشديد العقوبة فى جريمة الخطف قريبا من التشديد الإلهي الذى نص على التقتيل والتصليب، متسائلاً "ما معنى أن تكون سائرا مع زوجتك وأطفالك ولا تأمن على نفسك فقد تتعرض أنت أو أى من أفراد أسرتك للخطف أو القتل أو الانتهاك الجنسي، أو بيع أعضاء بشرية"، موضحا أن كل هذا متعلق بجريمة الخطف. وشدد «معوض» على أن عقوبة الإعدام ستقلل من معدل ارتكاب تلك الجريمة خاصة فيما يتعلق بتجارة الأعضاء أو القتل، وكذا يحقق الردع الكامل لمثل أولئك المجرمين، ممن يرتكبونها بأنفسهم أو عن طريق المساهمة. من جانبه يرى الدكتور عصام البطاوي، المحامي بالنقض، ضرورة تغليظ عقوبة الخطف وعدم الاكتفاء فقط بعقوبة السجن أو السجن المشدد إذ أن التعديلات التي أقرها مجلس النواب مؤخرا تنص على أن كل من خطف دون إكراه طفلا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، أما إذا كان الخطف مصحوبا بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ومع ذلك يُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه. وطالب بضرورة إدخال تعديل لما تم إقراره من تعديلات جديدة على المادة 289 من قانون العقوبات المقدمة والتى تقضى بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لمن يخطف طفلا إذا اقترنت جريمة الخطف بمواقعة المخطوف أو هتك عرضه، مطالبا بحذف الجملة الأخيرة الخاصة بركن الاقتران. واتفق «البطاوي» مع رأى «معوض»، حيث يجب أن تكون عقوبة المتهم بارتكاب جريمة الخطف هى الإعدام شنقا في حالة طلب أو لم يطلب فدية، لأن جريمة الخطف تكون سببا أيضا في عمليات الاتجار في الأعضاء البشرية.