شهدت الأيام الماضية أحد المقترحات البرلمانية التي أثارت حالة من الغضب داخل الأحزاب السياسية، خاصة غير الممثلة تحت قبة البرلمان، وذلك بعدما تقدم النائب أحمد رفعت، عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، بمشروع قانون شطب الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، ودمج الأحزاب ذات التوجهات السياسية المتقاربة، معتبرين أنه مراهقة سياسية ومخالفة دستورية. يشار إلى أن عدد الأحزاب الممثلة بمجلس النواب 20 حزبًا هي: حزب المصريين الأحرار (65) نائبًا، ومستقبل وطن (53) نائبًا، والوفد (36) نائبًا، وحماة الوطن (18) نائبا، والشعب الجمهوري (13) نائبًا، والمؤتمر (12) نائبا، والنور (11) نائبا، والمحافظين (6) نواب، والسلام الديمقراطي (5) نواب، والمصري الديمقراطي (4) نواب، ومصر الحديثة (4) نواب، والحركة الوطنية (4) نواب، والحرية (3) نواب، ومصر بلدي (2) نائب، والتجمع (2) نائب، وحراس الثورة، والاتحاد، والإصلاح والتنمية، والعربي الناصري والصرح بنائب وحيد لكل منها. حماية الأمن القومى من جانبه يقول النائب أحمد رفعت، عضو مجلس النواب، وصاحب مقترح شطب الأحزاب السياسية غير الممثلة بالبرلمان، إن الهدف الرئيسي من إعداد مشروع القانون حماية للأمن القومي للبلاد وليس خلافا مع أحزاب بعينها. وأضاف رفعت، في تصريحات ل«التحرير»: «منتقدو مشروع القانون بدعوى أنه يتعارض مع الدستور الذي نص على أنه لا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي، نسوا أن الدستور كان يتحدث عن الأحزاب التي قامت على أسس سليمة وتمارس الحياة السياسية الحزبية السليمة، فالدستور نفسه نص على أنه لا يجوز قيام حزب على أساس ديني، ورغم ذلك لدينا حزب النور السلفي وحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية». وتابع: «في أي لحظة ضعف أو اختلال توازن في الدولة المصرية، قد تتقدم هذه الأحزاب للانتخابات الرئاسية، ومن الوارد جدا أن تنافس، ومن ثم ستتوحد كل التيارات الدينية المتشددة والأحزاب المتطرفة تلقائيا خلف من يترشح في الانتخابات الرئاسية، وهنا ستسير الانتخابات وفقا للدستور والقانون، لذلك أخشى على الأمن القومي المصري، وبالتالي لا بد من تطهير الحياة السياسية». ولفت عضو مجلس النواب إلى أن هناك أحزابا قامت بمجرد الإخطار بعد ثورة 25 يناير بتمويل ودعم أجنبي من الخارج للعبث داخل الدولة المصرية، مما يسجل خطرًا على الأمن القومي المصري، ضاربا المثل بجميع من سماهم بأحزاب الثورة التي قامت في ذلك الوقت، حيث انتهت علاقة هذه الأحزاب بالحياة السياسية بقيام ثورة 30 يونيو، ثم ستظهر فقط وقت الانتخابات الرئاسية للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية، على حد قوله. واستطرد: «أريد أن أخفف الحمل عن كيان الدولة، لأن اليوم إذا اجتمع رئيس الجمهورية بالأحزاب، سيكون الرئيس مطالبا بالجلوس مع 106 أحزاب، وسيتساوى أكبر حزب مع أصغر حزب يمثل رأيه فقط، وسيكون لكل منها رأي، مما سيؤدي في النهاية إلى حالة من الفوضى، ومن ثم فالحل الأمثل دمج هذه الأحزاب لتصبح 10 أحزاب على أقصى حد». غير دستورى بينما قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبى، إن مقترح قانون شطب الأحزاب غير الممثلة تحت قبة البرلمان غير دستورى، لأن النظام والدستور نصا على التعددية الحزبية، موضحا أن حل الأحزاب غير الممثلة برلمانيا والاكتفاء بما هو موجود فقط فى البرلمان يخالف كل الأعراف السياسية، لافتًا إلى أنه سيتم تحريك دعوى قضائية ضده حال الموافقة عليه. وأوضح الزاهد أن حل هذه الأحزاب له آثار كارثية على الحياة السياسية، مشيرًا إلى عدم وجود مشكلة تواجهها الحياة السياسية من تعدد الأحزاب ليتم التغلب عليها، ولا يوجد دعم للأحزاب من جانب الدولة، الأمر الذى يخلق أزمة فى التمويل. مخالف للتعددية الحزبية فى حين استنكر النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، المطالبات بحل الأحزاب التي ليس لها تمثيل في البرلمان، مشيرا إلى أن مثل هذه الدعوات تتعارض مع مبادئ الدستور ونصوصه التي نصت على حرية إنشاء الأحزاب السياسية بالإخطار. وأوضح فؤاد، أن الحقوق الأساسية في مصر قائمة على التعددية الحزبية وطبقا للنصوص، وبالتالي فعلى الدولة ومؤسساتها أن تعطي مساحة لهذه الأحزاب، على أن يكون الشارع والمواطن الحكم الأخير، خاصة أن هناك أحزابا سياسية على مستوى العالم خلقت من العدم ونافست بقوة مثل حزب الرئيس الفرنسي ماكرون. مصادرة على حق الشعب وفى نفس السياق يقول الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إن مقترح القانون الذى تقدم به أحد النواب يطالب فيه بشطب الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان، مخالف للقانون والدستور، لافتًا إلى أنه يُعد انتهاكا للمادة 74 والمادة 5 من الدستور، التى تنص على أن النظام السياسي يقوم على أساس التعددية الحزبية والفصل بين السلطات. وأضاف عبد النبي، أن مقترح القانون يعتبر تقييدا للمادة 74 من قانون 44، التي تنص على إنشاء الأحزاب يكون وفقا للإخطار، لافتًا إلى أن مقترح القانون يعد مصادرة على حق الشعب، الذي وافق على الدستور، الذي نص فى مادته 35 على المواطنة وأقر التعددية الحزبية فى المادة 74. وأشار أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إلى أن تعدد الأحزاب أمر طبيعي وموجود فى كل دول العالم، فهناك أكثر من 400 حزب فى أمريكا غير معروفة، ويظل الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى هما الأكثر تأثيرًا، ومع ذلك لم يطالب نواب أمريكا بشطب هذه الأحزاب أو دمجها.