لا تعد الشركة القومية للأسمنت مجرد رقم في مجموعات شركات تمتلكها الدولة في عدة صناعات "كالأسمنت"، بل إن الشركة لما لها من تاريخ، حتى الآن فهي مملوكة للدولة بنسبة 100%، ولا شريك لها سواء في رأس المال أو الإدارة منذ تأسيسها 1956. الشركة بما لديها من قدرات إنتاجية وحجم في السوق المصرية لتجارة الأسمنت، إلا أن هناك أسبابا غير معلومة، جرت تساؤلات كثيرة عنها بعد توقف 4 أفران بالشركة دون إبداء أسباب واضحة، غير التي تم الإعلان عنها مؤخرًا بأن الشركة تتعرض لخسائر مالية، رغم أن وزارة قطاع الأعمال العام لم تبد أسبابا واضحة عن الأزمة حتى الآن. مطالب برلمانية النائب هيثم الحريري بدأ الحديث عن الأزمة بداية نوفمبر عندما تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة بخصوص توقف الشركة، مؤكدا أنها آخر قلاع صناعة الأسمنت المملوكة للدولة، وذلك بسبب معاناة الشركة من خسائر كبيرة وإيقاف الفرنين رقمى 3 و4 بها، مما أدى إلى تراكم مديونيتها لتبلغ نحو 4 مليارات جنيه. وقال الحريري في تصريحات ل"التحرير" إن رؤساء مجالس الإدارة السابقين للشركة القابضة كانوا قد نبهوا ونوهوا بوجود ظروف بالشركة، إلا أنهم لم يجدوا المعاونة من الشركة القابضة إلى أن وصلت الخسائر إلى هذا الرقم.
وكان قرار الإيقاف قد جاء نتيجة عدم وجود بدائل لدى الشركة للتخلي عن استخدام الغاز بعد تراكم المديونيات والخسائر إلى نحو 4 مليارات جنيه، ومن المقرر أن تتحمل الشركة خلال فترات التوقف رواتب العاملين ورواتب العاملين بشركة التشغيل والتى تصل شهريا إلى نحو 20 مليون جنيه لحين اتخاذ قرار مناسب. النائب عمرو الأشقر أحد نواب حلوان، لحق بالنائب هيثم الحريري وتقدم أيضًا بطلب إحاطة لوزير قطاع الأعمال العام حول توقف الشركة القومية للأسمنت، مشيرًا في طلبه إلى أن عمال القومية للأسمنت لا دخل لهم بتوقف الأفران، وأن الأزمة تعود بسبب سوء إدارة من بدايتها -بحسب قوله-.
التوقف تمهيد للخصخصة شعبان خليفة رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص أكد في تصريحاته ل"التحرير" أن كل ما يتم بصدد القومية للأسمنت لا معنى آخر له سوى أنها خطوات تمهيدية لخصخصة الشركة، ولا توجد أية أسباب أخرى لتوقف العمل، حتى وإن كانت غير منطقية -كما ذكر- من أية جهة مسئولة، سواء من الشركة القابضة أو وزارة قطاع الأعمال العام.
وأشار خليفة إلى أن الثلاث ميزانيات الأخيرة للشركة أوضحت أنها تكبدت خسائر مالية فادحة، وأن الدولة تستطيع أن تغير من حجم الخسائر؛ بل وتحقق مكاسب بالبحث عن كيفية توفير الوقود اللازم، واستطرد: الدولة تستطيع أن تتحكم فى أسعار الأسمنت في السوق المصرية، هناك شركات أسمنت كثيرة لا تستطيع منافسة القومية للأسمنت، والدولة إن كانت تود التمسك بها، فلتتدخل فورًا وعلى وزارة قطاع الأعمال توضيح الأسباب الحقيقية لتوقف الشركة، والعمل على إنهائها. إدانة نقابية وأعرب عبد المنعم الجمل، رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والأخشاب عن استيائه لما وصلت إليه أحوال الشركة القومية للأسمنت باعتبارها آخر الشركات الوطنية في قطاع الأسمنت والتي تنهار دون أسباب واضحة، مشيرًا إلى أنه رغم تصريحات وزير قطاع الأعمال فإن رؤية الدولة تجاه هذه الشركة غير واضحة، لافتًا إلى أن السياسة المتبعة في إدارة الشركة لا تكشف الرؤية بوضوح عن نية للدولة للنهوض بها وإرادة حقيقية في استمرارها من عدمه. وبرر الجمل استياءه في بيان له مما كشفه وزير قطاع الأعمال في تصريحات صحفية تؤكد تلاعب شركة القومية للأسمنت بالبورصة وإرساله بيانات غير صحيحة عن أسباب توقف فرني ٣و٤ حيث كشف الوزير أن توقف الفرنين لوقف نزيف الخسائر، في حين أكدت القومية للأسمنت في بيانها للبورصة أن التوقف نتيجة لصيانة الأفران والعَمرة السنوية، وقال عبد المنعم الجمل إن الحكومة المصرية اعترفت بحقيقة ما يحدث بشركتها بالبورصة. والشركة القومية للأسمنت شركة تابعة لشركة الصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام المصرية، يقع مقرها الرئيسي ومصنعها في حلوان جنوب العاصمة المصرية، القاهرة، تأسست عام 1956 بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 7969 الصادر في 14 مارس 1956، وقد تم تعديل هذا النظام لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991، يبلغ رأس مالها حوالي مليون جنيه في أبريل عام 1999، يقابله 103,2 مليون سهم، كما حصلت الشركة على شهادة الأيزو 2008 وشهادة (CE – .MAEK) الخاصة بالتوافق الأوروبى. يتكون مصنع الشركة القومية للأسمنت من ستة أفران، منها أربعة أفران تعمل بالطريقة الرطبة، تبلغ طاقتها التصميمية نحو 0.8 مليون طن كلنكر سنويا، وفرنان بالطريقة الجافة طاقتها التصميمية 2,7 مليون طن كلنكر سنويا، وتبلغ الطاقة التصميمية للشركة ككل 3,5 مليون طن أسمنت سنويا.