بعد عناء يوم عمل طويل، يحمل الطفل غطاءه وبعض الكراتين يفترشها على أحد أرصفة شارع البيطاش بمنطقة العجمي، بحثا عن قسط من النوم يعينه على مواصلة العمل، متنقلا بين الشواطئ لتوفير قوت يومه. منذ عدة أشهر، ترك "محمود.م"، 17 سنة، منزله بالقرب من ميدان رمسيس بمحافظة القاهرة؛ هربا من بطش والده، "كان بيعاملني وإخواتي بطريقة سيئة، وأمي كانت لا حول ولا قوة"، يشير الطفل بكلمات يكسوها الحزن إلى أنه استقل القطار قاصدا الإسكندرية "قولت كفاية عذاب". يتوقف صاحب الجسم النحيف عن الكلام بعدما غالبته دموعه، ويكمل بعدها: "أبويا كان بيضربني جامد ويشوه جسمي، وكان بيسيبني مربوط باليومين في أوضة لوحدي من غير أكل ولا شرب"، مشيرا إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي يترك فيها المنزل "كنت بارجع بس هو كمان كان بيطردني.. بس المرة دي قررت أعتمد على نفسي". الحصول على وظيفة بعروس البحر الأبيض المتوسط لم يكن بالأمر السهل ل"محمود": "اشتغلت في مطعم وبعدين كافيتريا وأشيل كراسي وشماسي على البحر.. الموضوع صعب"، لافتا بأن ارتفاع قيمة الإيجارات وعدم حمله أوراق إثبات شخصية اضطره للنوم في الشارع. وعن أحلامه، يؤكد "محمود" أن لديه رغبة في إكمال تعليمه "خرجت من الإعدادية بسبب أبويا"، مشيرا إلى أنه يحلم بامتلاك كافيتريا، مختتما حديثه: "باحب الغناء والموسيقى.. نفسي أبقى فنان".