9 سبتمبر 2014 اعترف قيادى من أنصار بيت المقدس فى مقابلة مع وكالة "رويترز" بأن تنظيم داعش، يقوم بتدريب عدد من عناصر التنظيم فى سيناء لإنجاز عمليات فى الفترة المقبلة، وأن هذا التدريب يتم عبر الإنترنت، مشيرا إلى قيام التنظيم بإعادة تقسيم العناصر التابعة لأنصار بيت المقدس فى إطار خلايا عنقودية من 6 أشخاص، كما يقوم بتدريب عناصر أخرى من التنظيم على آلية زرع المتفجرات لاستهداف القوات الأمنية والمركبات التابعة لها. تلك العلاقة التنظيمية بين بيت المقدس وداعش أعطت تفوقا نوعيا لتنظيم بيت المقدس خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن يأتي التساؤل الأهم حول مسارات تنظيم بيت المقدس بعد انهيار داعش والذي تلقى هزيمة كبرى في الموصل بالعراق وبعض المواقع على الحدود السورية اللبنانية وبدء معركة تلعفر. ومن ثم هل سيدفع انهيار داعش بالعراق وسوريا تنظيم بيت المقدس لإحداث ترابط تنظيمي مع بعض التنظيمات غير التقليدية في العمق المصري؟ وخصوصا في ظل ترتيبات الأمن الجديدة بين مصر وحركة حماس والتي تحد من قدرات التنظيم الإرهابي من حيث تنقل الأفراد والدعم اللوجيستي. «1» ثلاثة مسارات محتملة للتنظيمات التابعة لتنظيم داعش والتي أعلنت البيعة لأبي بكر البغدادي وتنظيم داعش ومن هذه التنظيمات الإقليمية يأتي تنظيم بيت المقدس الإرهابي بسيناء كنموذج عن مسار ومستقبل التنظيمات الإرهابية وأفراد تلك التنظيمات التي أعلنت البيعة لتنظيم داعش٬ المسار الأول: فك الارتباط والتبعية بتنظيم داعش وتشكيل تنظيم مستقل على غرار تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) عندما أعلنت الأخيرة فك الارتباط التنظيمي مع تنظيم القاعدة وإنهاء البيعة لزعيم التنظيم أيمن الظواهري٬ وقد سعت لضم بعض التنظيمات والعناصر المتطرفة التي خرجت من عباءة تنظيم القاعدة وبعض التنظيمات والميليشيات المسلحة الأخرى وتشكيل بنية تنظيمية جديدة مستقلة٬ وبالقياس على ذلك يمكن أن يأخذ تنظيم بيت المقدس في سيناء نفس المسار ويعلن عن تغيير اسمه إلى اسم جديد، ويضم بعض العناصر المتطرفة الجديدة وبعض التنظيمات الإرهابية بمصر مثل (تنظيم لواء الثورة وحركة حسم) بجانب توسيع مساحة التنظيم لتضم بعض التنظيمات الإرهابية بدول الجوار مثل (تنظيم جيش الفتح) بقطاع غزة وعناصر السلفية الجهادية بغزة. المسار الثاني: أن تلجأ التنظيمات التابعة لداعش لفك الارتباط التنظيمي وإلغاء البيعة لأبي بكر البغدادي وإعلان عودة تلك التنظيمات مرة أخرى لتنظيم القاعدة وإعلان البيعة لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة٬ وبالقياس على تنظيم بيت المقدس الإرهابي بسيناء سنجد إعادة ضم التنظيم للعناصر المنشقة مع فك الارتباط مع تنظيم القاعدة في عام ٢٠١٤، وهو ما يساعد على إعادة العناصر المنشقة مثل الإرهابي هشام عشماوي وباقي العناصر والتي شكلت ما يسمى بتنظيم "المرابطون" والمتمركز بالقرب من الحدود الغربية لمصر داخل الأراضي الليبية. المسار الثالث: أن تلجأ التنظيمات التابعة لداعش بدول الإقليم إلى حل نفسها على غرار ما حدث بالنسبة لتنظيم أنصار الشريعة في درنة بدولة ليبيا خلال شهر مايو من العام الجاري (٢٠١٧)٬ وهو نفس المسار الذي اتخذته بعض التنظيمات الإرهابية والمسلحة ببعض دول الصراع خلال المرحلة الماضية وكان آخرها تنظيم (سرايا الدفاع عن بنغازي) والذي أعلن حل نفسه خلال شهر يونيو ٢٠١٧. «2» يضم تنظيم داعش في سوريا والعراق ما يقرب من ٥٠ ألف إرهابي، وفي الحد الأدنى لبعض التقديرات تتراوح الأرقام ما بين ٢٠ إلى ٣٠ ألف مقاتل٬ وهنا يأتي التساؤل المكمل لمستقبل التنظيمات الإرهابية التابعة لتنظيم داعش٬ ما مستقبل عناصر تنظيم داعش بعد انهيار مشروع الخلافة؟ هناك ثلاثة سيناريوهات أو مسارات لعناصر تنظيم داعش٬ المسار الأول: انضمام بعض عناصر تنظيم داعش لتنظيمات إرهابية قائمة داخل سوريا والعراق٬ المسار الثاني: انتقال تلك العناصر لدول أخرى من دول الصراع بالمنطقة، مما يعني انتقال أزمة التنظيم من سوريا والعراق إلى اليمن أو ليبيا٬ وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا على بعض الدول المتماسكة بالمنطقة. المسار الثالث: عودة أغلب تلك العناصر لدولهم وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لأمن تلك الدول، وخصوصا إن كانت العودة مرتبطة بسعي تلك العناصر لإنشاء جماعات إرهابية بدولهم أو في أدنى تقدير القيام بعمليات إرهابية على غرار (الذئاب المنفردة) والتي ستكون أكثر قوة وخطورة من العمليات العشوئية التي وقعت من بعض العناصر المؤمنة بأفكار داعش، لأن هذه العناصر العائدة من سوريا والعراق تمتلك العديد والكثير من الخبرات القتالية مما يجعلها أكثر خطورة من العناصر الإرهابية العشوئية المعروفة باسم (الذئاب المنفردة)٬ وهو ما يجعل من أزمة "العائدون من تنظيم داعش" واحدة من أهم القضايا التي ستكون بؤرة الاهتمام من أغلب مراكز الفكر وصناع القرار بدول العالم والمنطقة. في المجمل يمثل "العائدون من تنظيم داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى التابعة له تحديا كبيرا أمام دول المنطقة، بل والعديد من الدول الأوروبية التي انضم مواطنوها إلى تنظيم داعش خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يجعل من آليات المواجهة ضرورة على أجندة مكافحة الإرهاب بالنسبة للدول الوطنية٬ والتي تحتاج لأدوات وأفكار مختلفة وحديثة تختلف عن آليات مواجهة "العائدون من القاعدة بأفغانستان" خلال بداية الألفية الجديدة.