نشر معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا، دراسة عن تأثير بناء سد النهضة الأثيوبي على دول المصب ومنها مصر، ومن المقرر أن يصبح السد بعد الانتهاء من بنائه أكبر مشروع مولد للطاقة الكهرومائية في القارة الأفريقية بطاقة 6 آلاف ميجاوات سنويًا، والتي تعادل 3 أضعاف إنتاج إثيوبيا من الطاقة الحالي. وقال المعهد "تظهر فوائد بناء سد النهضة لإثيوبيا ودول شرق أفريقيا المستوردة للطاقة جلية، إلا أن آثار بناء السد على دول المصب ليست إيجابية على الإطلاق؛ ففي 2016 كان 30% فقط من سكان إثيوبيا لديهم كهرباء، و90 % من الأسر الإثيوبية اعتمدت على مصادر الوقود التقليدية لإعداد الطعام، التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي، والتي تعد السبب الأول لحالات الوفيات في إثيوبيا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية". وأضاف "ستعمل الحكومة الإثيوبية على توفير الكهرباء لتلك الأسر، كما من المتوقع أن تبدأ إثيوبيا في بيع الكهرباء المولدة من السد، حيث تم توقيع عدة إتفاقيات بالفعل لتصدير الكهرباء لدول الجوار مثل جيبوتي وكينيا والسودان، ورغم الفوائد العائدة على إثيوبيا من بناء السد، إلا أن هناك تخوفات من تأثير السد على دولتي المصب مصر والسودان، وعلى الرغم من اعتراض السودان في البداية على بناء السد، إلا أنها قبلت بالفكرة في النهاية". وقال "يظهر هذا في موافقة السودان على شراء الكهرباء من إثيوبيا، كما اتفقت الدولتان على إنشاء منطقة تجارة حرة، في الوقت الذي لم تثمر فيه الاجتماعات المشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا عن أي نتائج مرضية؛ ففي 2015 وقعت الدول الثلاثة وثيقة الخرطوم، والتي وضعت خارطة طريق للأزمة، إلا أن وقعت العديد من المشاكل في التنفيذ، ففي مايو من العام الجاري، أشارت صحيفة "ميدل إيست مونيتور" إلى أن الدول الثلاث أنهوا حتى الآن 14 جولة من المفاوضات الغير مجدية لتحديد مستقبل نهر النيل". وأضاف "يأتي الخلاف من أن إثيوبيا ترى أن ملء خزانات السد لن يستغرق أكثر من ست سنوات، إلا أن ضياء القوصي خبير الموارد المائية المصري، يرى أنه من الأفضل ملء خزانات السد من في فترة من 12 إلى 18 عام لضمان أمن مصر المائي". وأشار تقرير للجمعية الجيولوجية الأمريكية إلى أن ملء خزانات سد النهضة في فترة تتراوح من 5 إلى 15 عامًا، ستكون معقولة، وأضاف التقرير "أن تدفق مياه نهر النيل العذبة لمصر سيقل بنسبة 25%، مع خسارة ثلث القدرة الكهربائية المولدة من السد العالي". وأوضح المعهد أن "عدد من المسؤولين المصريين حذروا من أن المساحة الهائلة للسد، قد تتسبب في زيادة نسبة التبخر، والذي بدوره يزيد من تهديدات الأمن المائي لمصر"، مضيفا "منذ إعلان إثيوبيا بناء السد في 2011، أبدت مصر اعتراضها على المشروع في العديد من المحافل الدولية، حيث طالبت إثيوبيا بوقف بناء السد، وهددت باتخاذ إجراء في مجلس الأمن، معتبرة أن هذا الأمر اختراق لاتفاقية 1959 بخصوص تقاسم مياه النيل، والتي لم توقع عليه إثيوبيا". وأشارت الدراسة إلى أنه ليس هناك توقع لرد فعل مصر فيء حال استمرار إثيوبيا في خطتها لملء السد، الذي يعد تهديدًا لشريان المياه الأساسي للمصريين، حيث صرح مسؤول في الخارجية المصرية لوكالة "رويترز" "اننا لن نسمح بتعريض أمننا القومي للخطر". وأشار عدد من المحللين في مركز ستراتفور للأبحاث بولاية تكساس الأمريكية، إلى أن رد فعل مصر ستحدده القيادة السياسية، إلا أنهم أكدوا على أنه "بغض النظر عن توجهات الحكومة في مصر، إلا أن أي نقص في حصة مصر من مياه النيل لن تكون مقبولة من أي حكومة في مصر". وأشارت الدراسة في النهاية إلى أن من حق إثيوبيا استغلال مواردها الطبيعية، لدعم مشاريع التنمية البشرية الملحة إلا إنها في الوقت ذاته بحاجة للتوصل لتفاهم مع دول المصب وخاصة مصر"؛ موضحة " لقد تمكنت الحكومة الإثيوبية من تمويل وتوفير الدعاية للسد، فهل ستتمكن من تجنب الصدام مع دول المصب؟".