فاجأت إثيوبيا الجميع، أمس، بإعلانها تحويل مجرى نهر النيل الأزرق تمهيدا للبدء في عمليات بناء سد النهضة، وسط مخاوف من الخبراء من تأثير السد على حصة مصر التاريخية من المياه، والتي يمكن أن تؤدى إلى كارثة، وهو ما أشار إليه الخبراء في مجالي الري والزراعة، مشيرين إلى أن التأثير سيتوقف على الفترة الزمنية التي ستحددها إثيوبيا لملء الخزان لديها خلف السد، وأنه كلما طالت الفترة كلما قل التأثير على كمية المياه الواردة إلينا. فمن جانبه أكد د. عبد الفتاح مطاوع نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه، أنه كانت هناك دراسات وتصميمات قديمة لسد النهضة، وكانت التأثيرات التي ستترتب على إنشائه وفقًا لهذه التصميمات طفيفة ولا تضر بحصة مصر من المياه، مشيرًا إلى أن هذه التصميمات تم تعديلها الأمر الذي سوف يؤثر على حصة دولتي المصب مصر والسودان من مياه النيل. وقال مطاوع في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة": إن مصر تنتظر تقرير اللجنة الثلاثية حتى تتحرك بناء على ما سيرد فيه، وأنه من الممكن الجلوس مع الجانب الإثيوبي لإيجاد حل لهذه المشكلة؛ لأنه إذا تعاون الجانب الإثيوبي معنا سنساعدهم على التقدم والارتقاء بكل ما يخدم الشعب الإثيوبي الشقيق، ومن الممكن أيضًا إذا تم هذا التعاون أن نستفيد من الكهرباء المولدة من هذا السد. وأكد ضرورة التفاهم حول ملء وتفريغ الخزان خلف سد النهضة، والذي بناء على هذه الإجراءات سيتحدد ما إذا كان سيؤثر على حصة مصر من المياه من عدمه، لافتًا إلى أن مصر قامت بالاتفاق مع السودان عام 1951 على طريقة تشغيل السد العالي، كما قامت أيضًا بالاتفاق مع أوغندا حول طريقة تشغيل سد أوين، خاصة وأن عدد السكان الذين سيستفيدون من توليد الكهرباء في أثيوبيا لا يتعدى ال10%. وقال: إنه إذا لم يحدث تعاون مع مصر في هذا المجال من الجانب الإثيوبي، فإن مصر لديها من وسائل القوى الناعمة لردع أي دولة قد تؤثر على مصالحها ومصالح الدول في هذا النهر. ومن جانبه، صرح مصدر مسئول بوزارة الموارد المائية والري بأن أكبر أضرار ستقع على مصر جراء إنشاء سد النهضة ستكون في فترة ملء إثيوبيا للخزان خلف سد النهضة، لافتًا إلى أنه خلال فترة ملء خزان السد يتم إغلاق مجرى المياه، الأمر الذي سيؤثر على كمية المياه الواردة إلينا من النيل. وأوضح أن تأثير ملء الخزان على حصتنا من المياه الواردة إلينا سيتوقف على الفترة الزمنية التي ستضعها إثيوبيا لملء الخزان لديها، مشيرًا إلى أن حصة مصر سنويًا 55.5 مليار متر مكعب، فإذا ملأت إثيوبيا الخزان لديها في عامين ستحجب عن مصر ما يصل إلى 35 مليار متر مكعب، وإذا مُلأ في 4 أعوام سيحجب ما يقرب من 18 مليار متر مكعب من حصتنا، الأمر الذي سيشكل خطرًا كبيرًا على حصتنا من المياه، خاصة وأن 85% من حصتنا من روافد مياه النيل تأتى عبر إثيوبيا. وقال إنه إذا طالت فترة ملء الخزان هناك سيكون أفضل بالنسبة لمصر؛ لأن ملء الخزان في فترة قصيرة يمكن أن يؤدى إلى كارثة. وفى ذات السياق، أكد د. إبراهيم حجاب الباحث بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، أن حصة مصر من مياه النيل تاريخية، وتوجد معاهده منذ القدم تنص على حصة مصر التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وحصة السودان المقدرة ب"18.5 مليار متر مكعب سنويًا. وأشار إلى أن ما يحدث حاليًا له عدة أبعاد، منها سياسية وأخرى ترتبط بزيادة حجم السكان، مع وجود مصر تحت خط الفقر المائي المحدد علميًا وعالميًا ب"1000 متر مكعب" حيث إن نصيب الفرد في مصر حاليًا أقل من 650 متر مكعب. ودعا إلى مراجعة الطرق المستخدمة في ري المحاصيل الزراعية في مصر والاتجاه لاستخدام الطرق الحديثة التي توفر في المياه؛ حتى لا نتعرض لأزمة خلال السنوات القادمة بعد بناء سد النهضة.