أثار الابن الأكبر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب النار في الهشيم بعدما تسبب بفتح أبواق الإعلام لانتقاد والده من جديد في قضية العلاقة المزعومة مع روسيا خلال الانتخابات الرئاسة للولايات المتحدة. وفضحت تسريبات عقد دونالد ترامب الابن لقاء سري مع محامية روسية تدعى ناتاليا فيسلنيتسكايا في أثناء الحملة الانتخابية، وحضره بول مانافورت، زعيم استراتيجية ترامب، وصهر ترامب، جاريد كوشنر، وقيل إن المحامية على علاقة مباشرة بالكرملين. ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي والكونجرس في مزاعم تورط روسيا بتدخلات في عملية التصويت الرئاسية الأمريكية، بعد تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية أفاد بوجود اختراق إلكتروني خارجي قد يؤثر على شفافية نتيجة التصويت. وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن ترامب الابن اجتمع مع المحامية الروسية بعد تبادل رسائل عن معلومات لديها تضر بسمعة هيلاري كلينتون خلال المعركة الانتخابية، وأن هذه المعلومات جزء من مساعٍ للحكومة الروسية لمساعدة الحملة الرئاسية لوالده آنذاك. ودفع ذلك «دون ترامب» لكشف تفاصيل الاجتماع الذي عقد ببرج ترامب الكائن بمانهاتن في ال9 من يونيو 2016، وكان أول اجتماع خاص مؤكد بين أفراد الدائرة المقربة من ترامب ومواطن روسي، ونشر على أثر ذلك عددا من الرسائل الإلكترونية التي توضح عدم إدانته بمخالفة قانونية. براءة وحاول «دون» تبرئة نفسه، ونشر نصا من رسائله مع المحامية الروسية، ثم عقد لقاءً إعلاميا نفى خلاله علم والده باجتماعه المثير للجدل بسبب اكتشافه أنه عديم الجدوى. وانتقد الرئيس الأمريكي من يهاجمون ابنه البكر، ملمحا في تدوينات له على موقع «تويتر» إلى وجود مخطط لحملة هجوم على دون للنيل منه وتصيده سياسيا. وقال ترامب في لقاء مع «رويترز» إنه لا يرى أن ابنه أخطأ لاجتماعه بالمحامية الروسية، مضيفا: «أعتقد أن كثيرين كانوا سيعقدون ذلك الاجتماع لو أنهم مكانه». من ناحيتها، قالت المحامية فيزيلنيتسكايا، في مقابلة مع قناة إن بي سي إنها لم يكن لديها في أي وقت معلومات مسيئة أو حساسة بشأن هيلاري كلينتون، مؤكدة أنها لم يكن لديها نية أبدا لامتلاك مثل تلك المعلومات، ونفت المحامية الروسية تماما عملها لصالح الحكومة الروسية في أي وقت. قلة خبرة وأشارت مراسلة البيت الأبيض ل«واشنطن بوست» آبي فليب أن الفضيحة سببها قلة الخبرة السياسية لعائلة ترامب، وقالت إنه مع تصعيد أبناء ترامب في حملته الانتخابية تم تهميش الأيدي السياسية من ذوي الخبرة، وفقا لما ذكره مساعد سابق في حملة ترامب. وقال مايكل ماكفول، وهو سفير أمريكي سابق: «عملت على حملة في عامي 2007 و2008، وكنت مستشار روسيا للرئيس أوباما، وقد فحصنا هذه الأنواع من الاجتماعات عن كثب، وذلك على وجه التحديد لتجنب ظهور شيء من هذا القبيل». وأضاف في تصريح ل"واشنطن بوست": «إلى روسيا.. كانت هذه هي تجربتي، وهذا هو عملي. لست متأكدا من فعل ذلك لحملة ترامب، ولكن هذا كان عملي». ويرى مؤيدو ترامب أن لقاء ابنه والروس لا غبار عليه قانونيا أو سياسيا، إذ قال روبرت جيفريس، كبير القساوسة في الكنيسة المعمدانية الأولى في دالاس التي تضم 13 ألف عضو، وأحد مؤيدي ترامب: «ما زلت ملتزما بنسبة 100 فى المائة بهذا الرئيس وجدول أعماله، وهناك حديث عن التواطؤ مع روسيا منذ عام تقريبا ولم يثبت أي شيء. وما لا جدال فيه هو أن هناك جهودا حثيثة من جانب الذين يريدون شل خطط الرئيس». وسخر ملك الراديو بأمريكا الإذاعي راش ليمبو فى برنامجه الإذاعى الوطنى المشترك من الواقعة قائلا إن «ترامب الابن كان مفرطا في الاجتماع مع المحامية الروسية.. أراد الشاب أن يكون لاعبا». خطورة واعتبر جون بودستا، رئيس حملة كلينتون الانتخابية، الذي تسربت الرسائل من صندوق البريد الخاص به، أن عقد مثل هذا اللقاء قد يدل على وجود "تواطؤ" بين حملة ترامب والكرملين. وفي هذا السياق، قال عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي آدم شيف، إنه إذا كانت التسريبات عن مضمون اللقاء صحيحة، فيعني ذلك أن ترامب الابن كان الأول الذي عرف أن الروس قرروا عدم الاكتفاء بجمع المعلومات عن مواقف المرشحين (الديمقراطي والجمهوري في الانتخابات الأمريكية)، بل والانتقال إلى التدخل لكي يساعدوا أحد المرشحين. وألمحت الكاتبة الأمريكية سارة بوسنر إلى خطورة قضية التدخلات الروسية في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، في تقرير لها إلى خطورة لقاء ابن ترامب والروسية، قائلة: «بغض النظر عما إذا كان ترامب ينجح في تبرئة نفسه وفريقه، ليس هناك شك في أنه سوف يزرع الانقسام وعدم الثقة في مؤسساتنا، في عملية تساعد على إنجاز شيء ربما كان الهدف الأكبر للتدخل الروسي من حتى الحصول على ترامب المنتخب». وبين إدانة اللقاء المشبوه وتبييض وجهه تبقى هذه الرسائل دليلا قويا على أن مسؤولين في حملة ترامب الانتخابية رحبوا بأي مساعدة من روسيا للفوز بانتخابات 2016، وهي مسألة ألقت بظلالها على رئاسة ترامب ودفعت وزارة العدل الأمريكية والكونجرس لفتح تحقيقات في الأمر، إذ قررت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي استجواب نجل الرئيس باعتبار أن لقاءه مع المحامية الروسية يثير أسئلة كثيرة، وفقا لما نقلته قناة "سي إن إن"، وهو ما يشكل خطورة على ترامب الأب حال تبين للجنة تورطه بعلمه مجريات اللقاء سابقا.