أدرجت منظمة العمل الدولية مصر بالقائمة السوداء للمنظمة الخاصة بالدول التي تنتهك حقوق العمال وتخالف ما تعهدت به من التزامات أمام المنظمة الدولية. وأصدرت دار الخدمات النقابية والعمالية تقريرًا يستعرض سلبيات قانون العمل، قالت فيه إنه يحتوي العديد من النقائص والسلبيات.
ويقول كمال عباس المنسق العام للدار إن هذه المشاريع التي تزعم الحكومة أنها وُضِعت بعد حوارات مجتمعية، لم يُدع إليها ممثلو العمال الأكثر مصداقية، ولم تؤخذ آرائهم في الاعتبار، وهو ما أدى إلى أن يشوبها هذا الخلل.
كما أشار في تصريحات للتحرير أن التوازن في علاقات العمل لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة العمال وتوفير الحماية الاجتماعية لهم باعتبارهم الطرف الأضعف في علاقة العمل، وكذلك تحديد المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال التي لن تتجسد دون احترام معايير العمل، وقبولهم بآليات المفاوضة المجتمعية، ونزولهم على ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية.
- مشروع قانون العمل يقنن الفصل التعسفي
يوضح التقرير أن إنشاء محاكم عمالية متخصصة للتصدي لمشكلات بطء التقاضى أمر يُحسب لمشروع القانون، لكن في ذات الوقت نراه لا يعالج التناقض والالتباس الحاصل في القانون الحالي بين أحكام الباب الخامس والباب السابع التي ظهرت نتيجته بوضوح في المحاكم العمالية، حيث تحكم المحكمة بأن قرار فصل صاحب العمل للعامل أمرٌ مخالفٌ للقانون، وذلك استنادًا إلى المادتين ٦٨ و٦٩، وفي نفس الوقت تحكم لصاحب العمل بأحقيته فى إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة وليس للعامل في هذه الحالة أكثر من تعويض قدره (ما يعادل أجر شهرين أو ثلاثة أشهر فى أفضل الأحوال).
- لا يحمي العاملين بعقود مؤقتة
وأشار التقرير إلى أن القانون يمكن لصاحب العمل ويُحِق له وفق مشروع القانون تشغيل العامل بعقود مؤقتة تتجدد سنويًا لمدة 6 سنوات دون أن يعد ذلك عملاً دائمًا.
حيث تنص المادة ٦٩ على أن "يبرم عقد العمل الفردي لمدة غير محددة ويجوز إبرامه لمدة محددة لا تقل عن سنة، كما يجوز باتفاق الطرفين تجديد العقد لمدد أخرى مماثلة"، وبذلك لا يعتبر المشروع تجديد العقد أكثر من مرة قرينة على أنه عقد غير محدد المدة إلا إذا زادت مدد تجديده على 6 سنوات وهو ما يؤدي إلى افتقاد العامل للأمان الوظيفي.
- تجاهل حماية العامل دستوريًا
ومن المفارقات أن الضمانة التى يكفلها القانون الحالي بحظره للفصل التعسفي قد أُلغيت من القانون الجديد الذي يُفترض أنه يُعد ليتواءم مع الدستور الذى ينص على حماية الدولة للعامل، حيث تنص المادة ١٣من الدستور على أن العمال "يحظر فصلهم تعسفيًا.
- يفتقد توضيح عدد من المصطلحات
يحتاج مشروع القانون لضبط بعض الصيّغ وعلى الأخص التعريفات، فنجد أن تعريف الإضراب يحتاج إلى ضبط، وتحديد مفهوم للمنشآت الإستراتيجية والحيوية المنصوص عليها فى المادة ٢٠٣ من المشروع أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، وكذلك إلغاء ما تتضمنه المادة ٢٠١ من إلزام العمال باخطار صاحب العمل بتاريخ انتهاء الإضراب، حيث أن هذا يتنافى مع المنطق السليم.
- الحوار المجتمعي غائب
كما نجد أن آليات الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات العمل الجماعية غائبة عن مشروع القانون، وتغيب كفالة الحريات النقابية التي تمكن المنظمات الفاعلة الممثلة حقاً للأطراف الاجتماعية من أن تكون طرفًا في المفاوضة والحوار المجتمعي، كما يغيب التناسق والاتساق مع القوانين ذات الصلة مثل قانون النقابات والتأمينات الاجتماعية.
كما تحصر المادة ٧٨من مشروع القانون، الخاصة بتشكيل المجلس القومي للأجور، تمثيل الطرف العمالي على"أربعة عمال يمثلون العمال يختارهم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر المعني”، حيث يحدد مشروع القانون هنا الاتحاد العام لنقابات عمال مصر دون غيره من المنظمات النقابية العمالية، ويعطيه صفة المعني، رغم أنه على المستوى القومى يفترض أنه جميع المنظمات النقابية العمالية معنيّة، سواء كانت داخل الاتحاد أو مستقلة عنه.
- مجلس الدولة : القانون أسرف في إنشاء المجالس العليا
و أبدى قسم التشريع بمجلس الدولة ملاحظته بشأن إسراف مشروع القانون في إنشاء المجالس العليا والمجالس التنفيذية، وهي الملاحظة التى عقبت عليها وزارة القوى العاملة بأن ذلك يمثل "التزامًا بحكم الاتفاقية الدولية رقم ١٥٠ لسنة ١٩٧٨ التي صدقت عليها مصر في ١٧ نوفمبر ١٩٩١، حيث يساعد هذا النظام على إيجاد الحلول التي تستعصى على الحكومة منفردة، وبإشراك الحكومة لمنظمات العمال وأصحاب الأعمال في إعداد قراراتها يكون لديها طائفة أوسع من المعلومات والخيارات وتصبح أكثر إدراكًا لاحتياجات ومصالح العمل والعمال، وينعكس ذلك على صنع القرار”
- لم يتصد لمشكلات العمالة غير المنتظمة
كذلك لم يتصد مشروع القانون لقضايا ومشكلات العمالة غير المنتظمة والعمالة في القطاعات غير الرسمية، مكتفيًا بتكوين صندوق لرعايتها، فيما ينبغي أن يتضمن القانون الأحكام التي تكفل حماية هؤلاء العاملين وحقوقهم.
- تجاهل البطالة
كما يحتاج مشروع القانون لمعالجة موضوع تأمين البطالة أو تعويض البطالة بما يتفق مع أوضاع سوق العمل الراهنة، وإعادة نظر في باب تشغيل الأطفال لمخالفته المواثيق الدولية وقانون الطفل، ومراجعة كافة البنود لقياس مدى توافقها مع الدستور والمواثيق الدولية.