دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في القمة العربية، التي أجريت في المملكة العربية السعودية، إلى تشكيل "ناتو عربي"، وتوجيه هذا التحالف ضد الإرهاب وتطويق إيران. وقد أثارت هذه الدعوة صدى كبيرا لدى مختلف الأوساط، حيث قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن ذلك ليس بشيء جديد، مشيرة إلى أن الحكومة الأمريكية قد ناقشت مع مصر في عام 2015 تأسيس "قوات تحرك"، قوامها 40 ألف رجل شبيهة بقوة الناتو، وتضم كلًا من: مصر والأردن والمغرب، والسعودية والسودان وبقية الدول الخليجية. ولكن هل ستنجح الجهود الأمريكية السعودية هذه المرة؟ ولماذا يعاد طرح هذه المبادرة في الوقت الحالي؟ قالت الإندبندنت، إن سنوات حكم الرئيس السابق باراك أوباما تركت آثارها على العلاقات الأمريكية السعودية، لكن صعود ترامب للحكم جلب فرصة جديدة لإنعاش العلاقات، فعلى عكس سياسات أوباما، أبدى ترامب منذ حملته الانتخابية حماسه للمشاركة في محاربة داعش والقضية الفلسطينية والمحادثات النووية الإيرانية وغيرها من النقاط الساخنة في الشرق الأوسط. كان ترامب قد وعد بتغيير السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث قد انتقد الحكومات الأمريكية السابقة بإهدار موارد هائلة في الشرق الأوسط، وتعهد بأن يعطي الأولوية إلى الشأن الداخلي، وهو ما يعكس بأن التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط في ظل حكم ترامب سيكون محدودا، في المقابل سيكون الوكلاء الأقوياء في المنطقة في صالح تنفيذ هذه السياسة. وأوضحت الصحيفة، أن تغيرات الوضع الدولي ومصالح الجانبين السياسية قد دفعت أمريكا والسعودية إلى إعادة طرح مفهوم "الناتو العربي"، فمما لا شك فيه أن السعودية ترغب في أن تكون قائدة "الناتو العربي" لكن، موضوعيات السعودية لم تكن أبدا الساحة المركزية للحروب في الشرق الأوسط، وظل أمنها يعتمد على السلاح الأمريكي والتدريبات الباكستانية. عقبات أمام تشكيل الناتو العربي من جهة أخرى، رغم أن الجيش السعودي يمتلك منشآت عسكرية أمريكية متقدمة، لكن الجيش السعودي لا يزال غير قادر على امتلاك قدرات قتالية قوية، وهذا يمكن ملاحظته من خلال نتائج التدخل السعودي في اليمن. لذلك، من غير المؤكد أن تلعب السعودية دور القائد في هذا التحالف العسكري. وتعتبر مصر دولة ذات وزن سياسي وعسكري كبير في الشرق الأوسط، لكنها شهدت توترًا مع السعودية بسبب الأزمة السورية والنزاع حول بعض الجزر، كما لم تكن مصر متحمسة لعاصفة الحزم. تخوف إسرائيل أما تركيا، فرغم أن موقفها من قضايا الشرق الأوسط يقترب من السعودية، لكن موافقة أردوغان للسعودية وأمريكا تبقى بين الشك واليقين، بينما عبرت إسرائيل عدة مرات عن تخوفها من صفقات السلاح الكبرى التي تبرمها السعودية مع أمريكا، وطالبت بالحصول على ضمانات. وهذا دون شك في أنه يطرح مزيدا من الصعوبات بالنسبة لترامب. الصراع الإيراني السعودي من جهتها حذرت إيران من أن "الناتو العربي" "سيؤثر على وحدة العالم الإسلامي". وفي صورة ولادة هذه المنظمة التي ترمز إلى الحرب الباردة، فإنها قد تزيد في تأجيج الصراع السعودي الإيراني، والصراع الطائفي الكامن في خلفيته.