وعود ترامب ستظل عناوين براقة تنتظر المنطقة العربية نتائج تنفيذها على أرض الواقع وأمريكا يجب أن تدرك أهمية مصر كحليف استراتيجى فى المنطقة وأنها دولة اتزان فى حل مشكلات الشرق الأوسط.. هكذا قال مختار غباشى أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأضاف أن أمريكا لن تستطيع حظر جماعة الإخوان المسلمين نظرا لكونها جماعة دولية وسوف يؤثر ذلك على مصالح أمريكا الاقتصادية. وغيرها من القضايا طرحها غباشى فى حواره مع روزاليوسف بخصوص زيارة الرئيس السيسى للولايات المتحدةالأمريكية. كيف قرأت زيارة الرئيس السيسى إلى أمريكا.. واستقبال ترامب له؟ - لا شك أننا أمام تغيير واضح فى اللقاء مع ترامب لو تم مقارنته بلقاء أوباما سابقا للسيسى، ولكن العلاقات وسياسات الدول لا تبنى على حميمية اللقاء، ولكن ما يهمنا فى الزيارة أنها تأتى فى توقيت مهم وحرج، وتظهر الزيارة أن ترامب يريد فتح صفحة جديدة مع مصر بعد فترة توتر دامت 8 سنوات من حكم أوباما، بالإضافة إلى 4 سنوات من حكم بوش، وهى أول زيارة رسمية لرئيس مصرى منذ 13 عامًا، لأن كل الزيارات التى كانت خلال هذه الفترة كانت زيارات عمل أو بدعوة الأممالمتحدة بعيدا عن الإدارة الأمريكية. أما عن لقاء ميركل فهو تضخيم اعتاده الإعلام المصرى، ويتذكر الجميع عندما جاء أوباما إلى جامعة القاهرة وألقى خطبة بديعة وبدأ حديثه بالسلام عليكم، وكانت أسوأ إدارة للعالم العربى. ولكن يجب التركيز على أن الهدف من الزيارة هو مشاركة حقيقية بين الجانب المصرى والأمريكى فى حل مشكلات المنطقة، وأن تدرك أمريكا أن مصر دولة الاتزان وأنها لن تخضع للابتزاز كما عودتنا السياسات الأمريكية دائما فى مسألة المساعدات الاقتصادية والعسكرية، ونحن لسنا فى وضع مقارنة بين ميركل والسيسى. ما تقييمك للرسائل السياسية التى أعلنها ترامب فى لقائه مع السيسى ودعمه لمصر وشعبها؟ - أهم عنوان خرجت به هذه المباحثات هو مكافحة الإرهاب، وتسوية الصراعات السياسية فى منطقة الشرق الأوسط، لأننا لا نستطيع إنهاءه بدون القضاء على التوترات السياسية بالمنطقة، ولكن كل هذه الوعود تتوقف على مدى جدية أمريكا فى المساعدة لحل القضية السورية، وهل هى جادة فى تقديرها لمشاعر العرب ولا تقدم على نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس، وهل تساعد أمريكا فى حل أزمات اليمن والعراق؟! ما دلالة حديث ترامب أن الدعم العسكرى لمصر سوف يكون غير مسبوق سواء بحاملات الطائرات والسفن وغيرها؟ - لا شك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وهى فى مرحلة صراع شديد مع روسيا التى تغلغلت فى ملفات كثيرة بالمنطقة سواء بالوضع فى سوريا وليبيا وعلاقتها بخليفة حفتر قائد الجيش الليبى، واليمن أيضا، ودعت الفرقاء الفلسطينيين من فتح وحماس للأراضى الروسية، وهذا التمدد الروسى بالشرق الأوسط يقلق المصالح الأمريكية، وهى محطة لو أدركتها روسيا باحتواء مصر وأن تكون فى المحور الروسى، سوف يكون ذلك كارثة لمصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن ثم أدرك ترامب هذا السيناريو وبدأ بهذه المبادرة الخاصة بالدعم العسكرى لمصر وجذبها إلى الجانب الأمريكى، مستغلا التوتر الذى تشهده العلاقات المصرية الروسية الآن من منع عودة السياحة حتى الآن، ودخول روسيا فى مرحلة ابتزاز لمصر بمطالب على المستوى السياسى والأمنى، ومن ثم لا نستبعد هذا المشهد عن عروض ترامب التى أعلنها فى لقائه مع السيسى. ماذا تريد أمريكا من مصر بعد هذا اللقاء وماذا تريد مصر من أمريكا مستقبلا؟ - إذا صدقت تصريحات ترامب بأنه يريد مصر كحليف وشريك ووكيل لها فى قضايا كثيرة بالمنطقة مثل القضية الفلسطينية، وأدلة ذلك لن نراها إلا بوقائع مستقبلية منها هل تنجح أمريكا فى حل القضية الفلسطينية وهل «كوشنر» صهر ترامب سوف يتوقف عن بناء المستوطنات بعد صدور قرار أممى من مجلس الأمن بعدم شرعية المستوطنات؟! أما مصر فهى بمرحلة ضيق اقتصادى وتريد المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية التى شهدت ابتزازا فى الفترة الأخيرة بخفضها، ومصر تريد تعزيز أمريكا فى برنامجها للإصلاح الاقتصادى، بالإضافة إلى أهمية ضخ استثمارات أمريكية على المستوى الصناعى والتجارى، والأهم أن مصر تريد عدم ابتزاز الولاياتالمتحدة لها مستقبلا والتأثير على سيادة قرارها ورؤياها فى قضايا المنطقة. لأنه من الأهمية أن تلعب مصر دورًا جوهريًا فى حل قضايا المنطقة. فى رأيك ما الذى كان يقصده ترامب عندما أثنى على السيسى بأنه نجح فى حل مشكلات صعبة بطريقة رائعة بوقت قصير.. هل كان يتحدث عن مواجهة الإخوان أم مكافحة الإرهاب؟ - ربما كان يقصد مكافحة الإرهاب، ولكن الإرهاب لن يقضى عليه بالأمن فقط وإنما يحتاج إلى إزالة الصراعات السياسية، وخلق معيار عدالة اجتماعية، ولكن كنت أتمنى أن يتحدث ترامب عن عناوين أخرى بجانب مكافحة الإرهاب وخاصة ما يدور بالمنطقة، ولا شك أن ثناءه على مصر مسألة تشجينا ولكن الثناء يرتبط أيضا بما هو مطلوب أن تؤديه الولاياتالمتحدةالأمريكية لمصر، وليس بما هو مطلوب من مصر فقط. ويجب أن تدرك أمريكا أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يذهب إلى مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وأن تهدئة توترات الشرق الأوسط يجب أن تشارك وتحلها مصر وألا تبتز أمريكا العالم العربى برمته. فى رأيك لماذا لم يتحدث ترامب عن ملف حقوق الإنسان بمصر كعادة المسئولين الأمريكان؟ - ذكاء سياسى من جانب الرئيس الأمريكى فهو يتحدث عن دعم وتأييد لمصر فى هذه الفترة، وأيضا يعود لشخص «ترامب» فهو غير معنى بملف حقوق الإنسان أو الحريات أو الأقليات لأنه رجل أعمال، يقيس العلاقات على طريقة الخدمة مقابل الخدمة، ولكن سيظل ملف الحريات وحقوق الإنسان أحد أهم ملفات أمريكا التى تستخدمها فى تدخلها بشئون الدول ولا يعنى عدم طرح ترامب له غيابه تماما ولكن تأجيله لمرحلة لاحقة فى العلاقات. اللقاء بين السيسى وترامب يأتى بعد قمة عربية، ومقابلة بين ترامب وولى ولى عهد السعودية ثم مقابلة عاهل الأردن.. هل أمريكا تريد تكوين حلف «أردنى مصرى سعودى» بالمنطقة، وأهمية ذلك؟ - بكل تأكيد تدرك أمريكا خطورة التغلغل الروسى بالمنطقة، بالإضافة إلى الوجود الإيرانى والتمدد التركى رغم أنها دولة فى حلف الناتو والولاياتالمتحدةالأمريكية زعيمه، إلا أن تركيا ذهبت لشراء أسلحة من روسيا، كل هذه الملفات مطروحة على أجندة الولاياتالمتحدة، واقترابها من دولة ما يكون من أجل خدمة مصالحها، فهى لن تقدم بوارجها للدول العربية أو لمصر دون مقابل. هل التقارب الأمريكى المصرى يمكن أن يؤدى إلى حظر أمريكا لجماعة الإخوان المسلمين وإدراجها كمنظمة إرهابية؟ - بالفعل هذا السؤال كان مطروحا فى الأروقة السياسية الأمريكية، وأجرى مركز بحثى أمريكى قبل زيارة السيسى دراسة حول إمكانية تنفيذ ذلك، إلا أنه وجد صعوبة بقيام الولاياتالمتحدة بحظر الجماعة الآن، لأنها تدرك أنها جماعة دولية وتنظيم موجود فى عدة دول، وإدراجها كجماعة إرهابية مسألة تؤثر على مصالح أمريكا فى هذه الدول. وترامب رجل يفكر فى العائد الاقتصادى، ولكن يجب أن نعلم أن حظر أمريكا للجماعة لن يكون هو العلامة التى تعكس رضاءها عن مصر، بل مصر يجب ألا تختزل كل الملفات فى هذه القضية نحن نريد مساعدات أعمق على المستوى الاقتصادى والعسكرى والسياسى. وألا تكون هذه المساعدات مقابل ابتزاز يؤثر على شئون مصر الداخلية. كيف ترى موقف قطر من التقارب الأمريكى - المصرى؟ - ليست قضيتى قطر أيضا، حيث يوجد بقطر أكبر قاعدة جوية أمريكية فى العالم، فلا يجب أن نقيس مستقبل علاقات مصر الدولية بهذه الطريقة التى تحمل مكايدة سياسية. المواطن المصرى.. عندما يسأل ما الذى يفيده من هذه الزيارة؟ - المواطن عطوف، ويتأثر باللقاء والحميمية ولكن ينتظر الكثير من النتائج المترتبة على هذا اللقاء، والمواطن المصرى عليه أن يدرك أن أمريكا دولة مؤسسية وكلما كنت قويا ومعتمدا على نفسك كلما قل احتياجك للعالم الخارجى وأن تصبح على مستوى الندية، ويجب أن نتعلم كيف تتعامل روسيا وإيران وكوريا الشمالية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، العالم لا يحترم سوى الأقوياء.