- الدكتور محمد كمال: بعض مواقف الرئيس الأمريكى تجاه قضايا الشرق الأوسط قابلة للتغيير بالحوار.. ومطالبته نتنياهو بوقف الاستيطان دليل على ذلك - الإرهاب والقضية الفلسطينية وإيران ستكون أبرز الملفات الإقليمية المطروحة على طاولة مباحثات السيسى وترامب.. وأتوقع دعما أمريكيا لمصر فى جهود الإصلاح الاقتصادى ومكافحة الإرهاب - ننطلق من نقطة جيدة فى علاقتنا مع الإدارة الأمريكية الجديدة بخلاف دول المنطقة.. وعلينا البناء على التوافق القائم لما يخدم تطور العلاقات - هناك فرصة حقيقة لتعزيز التعاون العسكرى وزيادة المعونة العسكرية الأمريكية.. وأرجح دعم واشنطن لجهود القاهرة فى الأزمة الليبية - ملفات حقوق الإنسان لم تعد ضمن أولويات البيت الأبيض.. لكنها لم تختفِ من «رادارات» الكونجرس والصحف ومراكز الأبحاث الأمريكية - إدارة ترامب ترى مصر دولة إقليمية مهمة لا يمكن لدولة أخرى أن تلعب دورها.. وعلينا عدم الانزعاج من التقارب الأمريكى السعودى - كنا دوما نعانى من انعكاسات توتر العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة.. والتقارب بينهما يسمح لمصر بتحسين العلاقات مع أى منهما دون «حساسية» - يوجد اهتمام داخلى أمريكى كبير بمبادرة الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى.. وأرى أنها نقطة إيجابية يجب الاستفادة منها - «الحظر الإلكترونى» لم يستهدف شركة مصر للطيران فقط.. وله بعد اقتصادى متمثل فى تحسين تنافسية شركات الطيران الأمريكية فى مواجهة نظرائها فى الخليج العربى - مستقبل أوروبا أصبح «غير مشرق».. ومستقبل العالم اقتصاديا واستراتيجيا يصنع فى آسيا.. والعلاقات بين بكينوواشنطن الآن فى مرحلة المساومات قبل أيام من أول زيارة يعتزم الرئيس عبدالفتاح السيسى للقيام بها للبيت الأبيض منذ توليه منصبه فى 2014، تلبية لدعوة نظيره الأمريكى دونالد ترامب الذى تولى منصبه فى يناير الماضى، يتطلع البلدان لتطوير العلاقات على جميع الأصعدة، وذلك بعد سنوات من التوتر المكتوم فى ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وحول أبرز الملفات الثنائية والإقليمية ومستقبل العلاقات بين البلدين وانعكاساتها الإقليمية على ملفات المنطقة، رجح الدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمختص فى الشأن الأمريكى ومدير مركز دراسات المناطق الدولية أن تكون هذه الزيارة فارقة ومؤسسة لمسار علاقات البلدين على مدار السنوات الأربع المقبلة، متوقعا دعما أمريكيا أكبر لمصر على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية. وإلى نص الحوار: * فى تصورك ما هى أبرز الملفات التى ستكون مطروحة على طاولة قمة الرئيسين عبدالفتاح السيسى الأمريكى دونالد ترامب؟ بالتأكيد بجانب ملف تطوير العلاقات الثنائية، ستتصدر المحادثات ملفات إقليمية، فالولاياتالمتحدة تنظر إلى مصر باعتبارها دولة اقليمية مهمة، ومن ثم فهناك 3 ملفات إقليمية رئيسية ستتصدر المباحثات. وتأتى قضية الإرهاب وسبل مكافحته على رأس هذه الملفات، ولهذا الملف شقان أحدهما إقليمى متعلق بقضايا كسوريا وليبيا واليمن، والآخر متعلق بمصر ودورها فى مكافحة الارهاب. ثانى هذه الملفات سيكون عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، فبرغم الإشارات السلبية العديدة التى صدرت من الرئيس ترامب وإدراته فى أول أيامها وكذلك خلال حملته الانتخابية تجاه هذا الملف، إلا أننى أعتقد أن الإدارة الأمريكية توليه اهتماما كبيرا، لا سيما أن ترامب يعتقد أنه يستطيع أن يحقق إنجازا بشأنه. * لكن كيف يعتقد ترامب أنه يمكن انجاز خطوات فى ملف السلام، بينما جميع سياساته تثير الشكوك فى مواقفه، بدءا بتعيين أمريكى مؤيد للاستيطان سفيرا له لدى إسرائيل وصولا إلى عزمه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة؟ يوجد أمران جديدان نتعرف عليهما حاليا فيما يخص الرئيس ترامب، أولها أن ما أعلنه أثناء حملته الانتخابية كان بمثابة عناوين ضخمة يجرى الآن وضع تفاصيلها، وبحسب وصف أحد الصحفيين الأمريكيين الكبار، فإن ترامب كتب الفقرة الأولى من سياسته خلال الحملة الانتخابية، ويستكمل الآن الفقرة الثانية. وأن هذا الأمر يتيح لنا فرصة للمساهمة فى كتابة الفقرة الثانية أو بمعنى آخر المساهمة فى كتابة تفاصيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ملفات كثيرة. أما الأمر الثانى فيتعلق بمسألة الثوابت التى تتضمنها سياسة ترامب، فقد اتضح لنا خلال الفترة الأخيرة أنه قابل لتغيير بعض أفكاره ومواقفه نتيجة الحوار مع قادة دول العالم أو نتيجة استشارة مساعديه فى الإدارة الأمريكية، وهذه نقطة إيجابية. كما أن هناك مؤشرات كثيرة تتحدث عن أنه غير موقفه من قضية الاستيطان، وطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن وقف عملية الاستيطان، بعد حواره مع عدد من القيادات العربية سواء من زار منهم البيت الأبيض أو من تحدث معهم عبر الهاتف. ومن الواضح أيضا أن هذه الاتصالات أدت لتجميد خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فى الوقت الراهن. * وماذا عن الملف الإقليمى الثالث الذى طرحته؟ فى تصورى أن الإدارة الأمريكية ستسعى لطرح ملف إيران مع القيادة المصرية من أجل طلب مساندة مصر فى مواجهة إيران. * لكن عمليا مصر من المعسكر المضاد لإيران فى المنطقة، ما هى رؤية واشنطن فى طرح هذه القضية؟ مواقف مصر فيما يتعلق بإيران تختلف بعض الشىء عن مواقف دول خليجية حليفة لواشنطن وعلى رأسها السعودية، ومن ثم ستقوم إدارة ترامب على الأقل باستطلاع موقف القاهرة تجاه طهران، باعتبار النفوذ الإيرانى فى الشرق الاوسط يعد أحد الشواغل الرئيسية للإدارة الأمريكية. * عودا للعلاقات الثنائية.. ما هى أبرز القضايا التى تشغل اهتمام البلدين؟ بالتأكيد العلاقات الثنائية ستحتل مكانة مهمة فى زيارة الرئيس السيسى، وهناك 3 ملفات رئيسية فى هذا الشأن، أولها يتصل بدور مصر وما يمكنها تقديمه فى الحرب على الإرهاب. بينما يتعلق الملف الثانى بكيفية مساندة واشنطن لعملية الاصلاح الاقتصادى التى تتم الآن فى مصر، فهناك من يتحدث عن قدر أكبر من المعونات، والبعض يتحدث عن إمكانية طلب ضمانات قروض بضمان الولاياتالمتحدة، بلاشك الجانب الاقتصادى سيحتل أولوية وخاصة من الجانب المصرى. أما عن الملف الثالث فيتمثل فى قضايا التعاون العسكرى والتى اعتقد أنها ستشغل اهتماما كبيرا فى المحادثات، ومن بينها مسألة استعادة التعاون العسكرى وخاصة المناورات المشتركة ك«النجم الساطع». كما اعتقد أن الجانب المصرى ربما يطلب زيادة المعونات العسكرية وإلغاء القيود التى وضعتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على استخدام المعونات العسكرية، ومنها ما يعرف بالتدفق النقدى «Cash Flow» والتى كانت تتيح استخدام المعونة ك«بطاقةائتمان» يمكن من خلاله التعاقد على صفقات فى المستقبل وليس فى العام الذى يقر فيه الكونجرس المعونة. واعتقد أن الجانب المصرى وأنا أحبذ هذا الأمر ربما يطلب معونة عسكرية إضافية تخصص فقط لمكافحة الإرهاب بالإضافة لمبلغ 1.3 مليار دولار قيمة المعونة العسكرية الحالية، وقد يكون هناك تقبل أمريكى لهذا الأمر، خاصة بعد أن طلب ترامب من الكونجرس إقرار موازنة ضخمة للدفاع، يمكن أن تتحمل تلك المعونات. * ولكن أين تقف مصر تحديدا فى الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة فى ظل وجود حلفاء آخرين؟ بعكس دول أخرى فى المنطقة، اعتقد أن مصر تبدأ تعاملها مع الإدارة الأمريكية الجديدة من نقطة جيدة، فبعض الدول الخليجية تحاول أن تلحق بقطار ترامب من أجل إيصال رسالة له أن هناك اتفاقا فى وجهات النظر معه، أما نحن فتجاوزنا هذا الأمر فى علاقتنا مع ترامب، والإدراة الأمريكية على يقين تام بأن هناك توافقا كبيرا بين القاهرةوواشنطن، وبالتالى فإن هدف الزيارة يجب أن يكون هو البناء على التوافق، وأن نرتقى به إلى نقطه أعلى، وألا نرتكن إلى مسألة التوافق ذاتها. كما أعتقد أن كون القيادة المصرية والرئيس السيسى على وجه التحديد محل ثقة لدى الرئيس ترامب، فإن هذا الأمر سيسهل بالتأكيد من عملية الحوار والتفاوض. ولكن النقطة الأهم أنه يجب أن نذهب ونحن مستعدون لطرح رؤى وأفكار جديدة لفتح آفاق أوسع فى علاقات البلدين، وأن ندرك أن واشنطن تغيرت وعلينا التعامل مع هذا التغير بفكر مختلف وليس الفكر التقليدى الذى كان سائدا فى الفترات السابقة. * لكن قبل أيام فاجأتنا الإدارة الأمريكية بفرض «حظر إلكترونى» على المسافرين من دول المنطقة ومن بينها مصر.. هل هذا الأمر مقصود؟ أولا المسألة لم تكن موجهة لمطار القاهرة وشركة مصر للطيران، فهناك عدد من الدول التى لها علاقة قوية ووطيدة جدا بواشنطن كالسعودية والإمارت وتركيا، شملها هذا الحظر. لذا يجب فهم القرار من ناحيتين، الأولى تتمثل فى المخاوف الأمنية والتهديدات الإرهابية القائمة بالفعل، والثانية متعلقة بالبعد الاقتصادى فى ظل شكاوى تلقاها ترامب من رؤساء شركات الطيران الأمريكية خلال اجتماعه معهم، بشأن صعوبة المنافسة مع عدد من شركات الطيران حول العالم وخاصة الشركات الخليجية التى تلقى دعما من دولها. ومن ثم فإن هذا الحظر لم يكن موجها لمصر أو مرتبطا بالزيارة ولكنه مرتبط بالسياق الأمريكى بشكل أكبر. * وماذا عن استشرافك لنتائج الزيارة سواء على الصعيد الإقليمي أو الداخلي؟ -لا يجب أن يكون كل اهتمامنا فى مصر منحصر في مسألة الزيارة، فنحن على مشارف مرحلة جديدة فى العلاقات مع الولاياتالمتحدة تتطلب وضع رؤية وتفاصيل تمتد لأربع سنوات فترة ولاية ترامب، لذلك اهتمام مصر بالعلاقات مع واشنطن يجب أن يتسم بالاستمرارية لا أن يرتبط بزيارة وانتهاءها. لكن اعتقد أنه بالنسبة للقاهرة، سيكون هناك تعاون أكبر فى مجال مكافحة الإرهاب، وربما تحصل مصر على معونة عسكرية أكبر لهذا الغرض، وأتوقع أن تحصل القاهرة على قوة دفع لدورها فى الملف الليبي. كما سيكون هناك شكل من أشكال المساندة الأمريكية لبرنامج الاصلاح الاقتصادي المصري سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما عن الجانب الأمريكي، فهناك اهتمام كبير بما يسمي "حرب الأفكار" لمواجهة الإرهاب، باعتبار الأخير ظاهرة فكرية أكثر منه ظاهرة اقتصادية أو اجتماعية تستوجب محاربة الأفكار المتطرفة. وظهر هذا الاهتمام الأمريكي منذ حديث الرئيس السيسي بخصوص تجديد الخطاب الديني. واعتقد أن هذه نقطة إيجابية يجب أن نطورها ونستفيد منها فى العلاقات بين البلدين. * خلال زيارة ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لواشنطن، تضمن البيان المشترك فقرة تطالب بدعم مصر، كيف يمكن قراءة ذلك فى إطار التوتر فى العلاقات بين السعودية ومصر؟ بالتأكيد زيارة ولى ولى العهد السعودى لواشنطن كانت ناجحة، ومن مؤشرات ذلك مدى الاحتفاء الذى لاقاه من جانب الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض. كما اعتبرها المسئولون السعوديون بداية جديدة للعلاقات، وهذا حقيقى. أما عن علاقة مصر بالزيارة فيجب التأكيد على أمرين، الأول ضرورة عدم الانزعاج من تطور العلاقة بين واشنطن والرياض، وبأنها قد تكون على حساب مصر، لأن الأمريكيين يعلمون أن هناك أدوارا معينة تستطيع السعودية القيام بها وأدوارا أخرى لا تستطيع القيام بها أى دولة فى المنطقة غير مصر. بل على العكس الحوار الأمريكى السعودى ربما يكون فيه جوانب لصالح مصر، إذ اعتقد أن إدارة ترامب تسعى إلى تحقيق قدر من التهدئة مع حلفائها وبعضهم البعض لتكوين ائتلاف قوى فى المنطقة ضد الإرهاب. * أين ملف الحريات وحقوق الإنسان فى فكر الإدارة الجديدة، خاصة وأنه كان دوما ذريعة أمريكية للتدخل فى شئون المنطقة؟ إدارة ترامب لا تعطى أولوية لموضوع حقوق الإنسان وقضايا الإصلاح السياسى والديمقراطى، وتنظر إلى أن الولاياتالمتحدة لا يجب أن يكون دورها فى العالم هو تغيير النظم، كما أنها لا تريد أن تكون مثل هذه الملفات عائقا أمام تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، فهى تهتم أكثر بالبعد الاقتصادى وتركز سياسيا على قضايا الإرهاب والهجرة. وبالتأكيد فإن قضية حقوق الإنسان لن تثار أثناء لقاء الرئيس السيسى وترامب، لكن هذا الأمر لا يعنى أن هذه القضية قد اختفت من الرادار الأمريكى، فالديمقراطيون فى الكونجرس وبعض القيادات الجمهورية أيضا مثل جون ماكين وليندسى جرهام يعطون أولوية لملفات حقوق الإنسان والحريات ويتحدثون عن هذا الأمر فى إطار الكونجرس. كما أن الصحافة الأمريكية ومراكز الأبحاث لا تزال مهتمة بهذه القضية. * لو انتقلنا خارج منطقة الشرق الأوسط، كيف يمكن فهم سياسة ترامب الخارجية فى ظل حالة الجدل التى تثيرها ولا سيما تجاه الدول الكبري، كالصين مثلاً، حيث أثارت مواقفه توترا لعلاقات البلدين لم تزل غيومه إلا بعد زيارة وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون إلى بكين؟ - مثال الصين، يؤكد أن بعض مواقف ترامب أثناء الحملة الانتخابية قابلة للتعديل بعد توليه منصبه، إما بسبب حقائق الواقع أو حديثه مع المستشارين، حيث كانت هناك تصريحات عنيفة بين قيادات البلدين لكنها هدأت قليلا فى الفترة الأخيرة. لكن أجمالا لا يزال ترامب يعتقد أن الصين تمثل خطر على الإقتصاد الأمريكي، وليس خطرا استراتيجيا يهدد المصالح الأمريكية بشكل عام. ولهذا اعتقد أن الخلاف بين البلدين هو الآن فى مرحلة المساومات قبل الجلوس للتفاوض. * وماذا عن الملف الروسي، والجدل الواسع بشأن تدخل موسكو فى الانتخابات الرئاسية أو تواصل عدد من مساعدى ترامب مع الروس؟ - بلا شك روسيا موضوع مثير جدا في الولاياتالمتحدة حاليا، ويوجد انقسام بشأنه داخل مؤسسات الدولة الأمريكية وخاصة البيت الابيض وأجهزت المخابرات، وأيضا هناك انقسام بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وانفسام داخل الحزب الجمهوري نفسه بين قيادات مؤيدة لوجهة نظر ترامب بأن موسكو لاتمثل تهديد مباشر لمصالح واشنطن، وأخري في مقدمتها السيناتور جون ماكين الذي يرى أن روسيا تمثل خطر وتهديد ويجب مواصلة فرض عقوبات عليها. وحول تأثير تلك الانقسامات على السياسة الخارجية الامريكية ودور روسيا في الشرق الاوسط، فأعتقد أن البيت الابيض الآن هو الذي يقود السياسة الخارجية الأمريكية، ودور الوزارات البيروقراطية مثل الخارجية والدفاع "البنتاجون" هو دور تنفيذي بالأساس، وبالتالي لن تؤثر على صانع القرار أو ترامب. * إذن تتوقع أن نشهد تقارب أمريكي- روسي قريبا؟ - نعم، أعتقد أن ذلك سيحدث، لأنه توجه استراتيجي لدي الرئيس ترامب، ولكن قد تسعي بعض المؤسسات الأمريكية إلي إبطاء ذلك التقارب. * وهل تتوقع أن يكون للتقارب الأمريكى الروسى المنتظر أصداء أيجابية بخصوص ملفات المنطقة؟ أعتقد أن إحدى مميزات هذا التقارب الرئيسية أنه سيسمح لمصر بتحسين علاقتها مع روسياوالولاياتالمتحدة فى نفس الوقت بدون أدنى حساسية، حيث أن هذه معضلة كنا نواجهها دائما، نظرا لأن كل طرف يرى فى تحسن علاقتنا مع الآخر كرسالة موجهة له. * فى أوروبا هناك موجة صعود لليمين المتطرف، وخروج لبريطانيا من الاتحاد، كيف سيكون مستقبل العلاقات بين أمريكيا والاتحاد الأوروبى؟ أعتقد أن مستقبل أوروبا أصبح غير مشرق، فالمستقبل الآن يصنع فى آسيا، واعنى بذلك مستقبل العالم الاقتصادى والاستراتيجى، والولاياتالمتحدة تدرك هذا الأمر، لذا لم تكن مصادفة أن تكون أولى زيارات وزراء الخارجية والدفاع الأمريكيين الجدد لآسيا، وليس لأوروبا أو الشرق الأوسط. وأرى أن التوجه الاستراتيجى الأمريكى نحو آسيا، سيستمر فى ظل إدارة الرئيس ترامب، لاسيما وأنه غير متحمس لمشروع الاتحاد الاوروبى والدليل على ذلك تشجيعه عملية خروج بريطانيا. * وماذا عن مستقبل حلف «الناتو»؟ هناك انقسام فى المؤسسات الأمريكية بهذا الشأن، فترامب يرى أن الناتو قد انتهت صلاحيته، ويجب وضع نهاية له، لكن بعض المؤسسات الأمريكية وخاصة وزارة الدفاع تناقض هذا التوجه، فالنفوذ الأمريكى فى أوروبا مرتبط بشكل أساسى بقيادة واشنطن ل«الناتو»، فهو يؤدى إلى الاستقرار فى أوروبا، كما أنه إحدى الأدوات الأمريكية للضغط وممارسة النفوذ على أوروبا، لأنها أكبر المساهمين فى ميزانية الحلف. واعتقد الآن أنه تم التوصل لحل وسط بين البيت الأبيض ووزارة الدفاع، مفاده أن حلف الناتو يجب أن يستمر، ولكن على الدول المشاركة فيه المساهمة بشكل أكبر فى تحمل التكلفة. وهذا هو مفهوم الشراكة لدى ترامب باعتباره فى الأصل رجل أعمال.