" المبادئ لا ينبغي أن تدوسها الأقدام، والأخلاقيات لا يجب أن تسقط من أجل لاعب أو نتيجة مباراة.. اللاعب الجيد بدون أخلاق جيدة لن يستمر في الملاعب.. والأهلي له تقاليد راسخة لن يغيرها من أجل نتيجة مباراة أو مباراتين .. أتنازل عن حقوقي ولا أفرط في حق الأهلي .. الأهلي فوق الجميع " « صالح سليم » يوافق اليوم السبت، الذكرى الخامسة عشر لرحيل صالح سليم أحد أساطير النادي الأهلي على مر التاريخ، الذي ولد في 11 سبتمبر عام 1930. صالح سليم الذي أحب كرة القدم منذ صغر سنه، والده هو الجراح المعروف "محمد سليم"، ووالدته هي السيدة "زين الشرف" التي كان والدها من أشراف مكةالمكرمة قبل انتقاله للعيش في تركيا ومنها إلى مصر. تعرف والد صالح سليم على والدته، عندما كان يجري لها عملية جراحية خلال إقامتها مع عائلتها في مصر، وتزوج والد صالح بوالدته وأنجبت له ثلاثة ذكور، صالح، عبد الوهاب وطارق. وتعرف صالح سليم على زوجته السيدة "زينب لطفي" على متن باخرة متجهة إلى "الحوامدية" فأعجب بها وقررا الزواج، وقوبل هذا القرار بالاعتراض من قبل والد صالح ووالد "زينب لطفي" بسبب عدم إكمال صالح لدراسته الجامعية، فقُرر تأجيل إقامة حفل الزفاف إلى إنهاء صالح دراسته. وأنهى صالح دراسته الجامعية وحصل على شهادة "بكالوريوس تجارة"، وتزوج "زينب لطفي"، استمر الزواج حتى وفاة صالح سليم، وأنجبت "زينب لطفي" لصالح سليم ابنيه هشام سليم و خالد سليم، وكانت هذه الزيجة الوحيدة في حياة صالح. صالح سليم اللاعب التحق صالح سليم بصفوف الناشئين بالنادي الأهلي عام 1944 وانتقل في نفس العام لصفوف الفريق الأول، حيث لعب بالفريق الأول حتى عام 1963، قبل أن يترك النادي للاحتراف في فريق جراتس بالنمسا، ثم عودته مرة أخرى للنادي الأهلي وإكمال مسيرة نجاحه حتى عام 1967 حيث قرر اعتزال لعب كرة القدم. لعب صالح سليم أول مباراة له ضد نادي المصرى عام 1948 وانتهى اللقاء بفوز النادي الأهلي بثلاثة أهداف نظيفة. ولعب في الجناح الأيسر وأحرز في المباراة هدفاً قبل نهاية اللقاء، كما أنه لعب أول مباراة رسمية له مع النادي الأهلي في أول بطولة دوري رسمية عام 1948 أمام نادي الجالية اليونانية بالإسكندرية. كان صالح سليم دائماً من ضمن القائمة الأساسية للنادي الأهلي والمنتخب المصري حتى اعتزاله عام 1967، واستطاع صالح سليم أن يحقق مع النادي الأهلي 11 بطولة دوري من أصل 15 بطولة شارك فيها صالح منذ بداية الدوري المصري لكرة القدم عام 1948، كذلك حقق مع النادي الأهلي بطولة كأس مصر 8 مرات. كما أحرز مع فريقه كأس الجمهورية العربية المتحدة عام 1961، وعلى المستوى الدولي انضم صالح سليم إلى منتخب مصر لكرة القدم عام 1950، وكان قائد الفريق الذي فاز بكأس بطولة الأمم الأفريقية عام 1959 بالقاهرة، كما شارك مع المنتخب الوطني في دورة الألعاب الأولمبية بروما عام 1960. وسجل صالح سليم 101 هدف في حياته الكروية، منهم 9 أهداف سجلها خلال فترة احترافه في النمسا مع فريق جراتس، و92 هدفاً أحرزهم مع النادي الأهلي في بطولتي الدوري والكأس. وحقق صالح سليم إنجازاً شخصياً كونه اللاعب الوحيد الذي أحرز سبعة أهداف في لقاء واحد، وكان ذلك أمام النادي الإسماعيلي، في مباراة أحرز فيها الأهلي ثمانية أهداف. صالح سليم الإداري لم تتوقف مسيرة صالح سليم بالاعتزال، حيث عمل بالنادي كمدير للكرة عام 1971 حتى عام 1972 حين قرر خوض انتخابات مجلس إدارة النادي الأهلي بعد انتخابه لعضوية مجلس الإدارة، وحصل على نسبة 45% من الأصوات بفارق ضئيل عن رئيس النادي الفريق أول عبدالمحسن كامل مرتجي. لم ييأس صالح سليم، بل خاض الانتخابات للمرة الثانية في عام 1980 واستطاع الفوز برئاسة مجلس إدارة النادي الأهلي، وقد سانده نجوم النادي الأهلي في ذلك الوقت مثل محمود الخطيب، مصطفى يونس، ثابت البطل، مجدي عبد الغني والكثير من أعضاء النادي الذين زاد عددهم بصورة كبيرة. استمر صالح سليم في رئاسة النادي الأهلي حتى عام 1988 حين قرر الابتعاد عن الساحة وترك الفرصة للآخرين لخوض التجربة، إلا أنه لسوء نتائج النادي الأهلي كان من اللازم عودة صالح سليم لإعادة الاستقرار مرة أخرى للنادي الأهلي وكان ذلك في العام 1990، لاسيما وأنه شهد له الفضل في تحقيق أغلب بطولات النادي خلال فترة تواجده به. قاد صالح سليم الأهلي حتى عام 1992، وجرت الانتخابات أعوام 1996 و2000 واستطاع صالح سليم باسمه وإنجازاته إحلال الاستقرار داخل النادي الأهلي، بشعاره المعروف (الأهلي فوق الجميع) ومقولته الشهيرة: (الأهلي ملك لمن صنعوه، ومن صنعوه هم مشجعوه)، وحاز صالح سليم احترام ومحبة مشجعي ومتابعي الكرة في مصر، وليس مشجعي النادي الأهلي فقط، بإخلاصه وحبه للنادي الأهلي وعطائه الذي استمر حتى وفاته عام 2002. ورغم تفوق الأهلي، وحصده 38 لقبا لمسابقة الدوري الممتاز، مقابل 12 لأقرب منافسيه، الزمالك، إلا أن النادي لم يستطع تكرار الرقم القياسي الذي حققه العصر الذهبي للفريق بقيادة صالح سليم، عندما توج باللقب 9 مرات متتالية، في الفترة بين 1948-1949 إلى 1958-1959. وحقق الأهلي اللقب عدة مرات متتالية خلال فترات كبيرة من المسابقة، كان آخرها عندما توج ب8 ألقاب متتالية في الفترة بين 2004-2005 إلى 2013-2014، و7 مرات متتالية في الفترة بين 1993-1994 إلى 1999-2000. وخلال تولى صالح سليم رئاسة الأهلي على مدار 18 عاما (خلال فترتين الأولى من ديسمبر 80 إلى ديسمبر 88، والثانية من فبراير 92 حتى وفاته في مايو 2002)، تمكن الأهلي من حصد عدد كبير من البطولات، جعلت "المايسترو" أكثر رؤساء النادي حصدا للبطولات، ومن بين تلك الألقاب، بطولة الدوري (13 مرة)، وبطولة الكأس (9 مرات) ودوري الأبطال الإفريقي (3 مرات)، والسوبر الإفريقي (مرة واحدة)، وبطولة أفريقيا أبطال الكأس (4 مرات)، ومرة واحدة لبطولات، الآفروآسيوية، وكأس الكؤوس العربية، وكأس أبطال العرب، وكأس النخبة العربية (مرتين). صالح سليم وصراع المرض بدأت رحلة صالح سليم مع مرض سرطان الكبد عام 1998 عندما كان صالح يقوم بفحوصاته الدورية التي يجريها كل 6 أشهر لدى طبيبه، وأعلم الطبيب صالحاً بأنه مصاب بمرض السرطان، وعند مناقشة صالح لأطبائه لبدء العلاج أُعلم أن الورم السرطاني الذي ظهر في نصف كبده لا يمكن استئصاله لأن النصف الآخر من كبده مصاب بتليف بسبب إصابته في وقت سابق من حياته بفيروس سي، كما أُعلم بأن سنه لا تسمح بإجراء زراعة الكبد. لم ييأس صالح، بل رضخ لنصائح الأطباء بإتباع أسلوب جديد للعالج، ألا وهو العلاج الكيماوي الموضعي، وهو يتكون من حقن المادة الكيماوية داخل الكبد نفسه، في المنطقة المصابة، كما نصحه الأطباء باتباع "علاج حراري" إلى جانب العلاج الكيماوي، وذلك لقتل الخلايا السرطانية. التزم صالح سليم بالعلاج الذي اقترحه أطباؤه، وكان يداوم على زيارة لندن لمتابعة حالته الصحية والوقوف على تطوراتها، إلا أنه لم يفصح لالرأي العام عن سبب زياراته المتكررة للندن وعن خروجه المتكرر إلى خارج البلاد، هذه التساؤلات التي دائماً ما كان يجيب عنها صالح بأنه "يسأم من تواجده لفترة طويلة في القاهرة" أدت إلى إتهام صالح بالإهمال في إدارة النادي الأهلي المصري. مجدداً لم يفقد صالح ثباته وعزيمته في مواجهة المرض، لكن ازدادت حالته الصحية سوءاً، فانتشرت الخلايا السرطانية إلى خارج الكبد وانتقلت إلى الأمعاء فاضطر الأطباء إلى إجراء عملية استئصال لأجزاء من الأمعاء، لكن ساءت حالة صالح الصحية ودخل في "غيبوبة متقطعة" إلى أن وافته المنية صباح يوم السادس من مايو عام 2002 عن عمر يناهز 72 عاماً.