كان يبجل معلمه الديني ويساعد أرملته.. واتخذ قرار الحرب بعد اعتكافه بالمسجد رئيس إسرائيل الأسبق: السادات أبلغني أن الله كلفه بصنع السلام في تقرير مطول له بعنوان "الإيمان بالله دفع السادات للحرب ضد إسرائيل وللسلام أيضا معها" قال جاكي حوجي -الخبير الإسرائيلي في الشؤون المصرية- إن "هناك الكثير من الشهادات التي تم جمعها بعد وفاة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، تكشف أنه كان مسلما ورعا وتقيا ومتدينا جدا، اعتاد طوال كل محطات حياته على رؤية نفسه مكلف من قبل الرب بمهمة، وحين أدار شئون الدولة كان ينظر لنفسه بهذه النظرة". التقرير، الذي نشر في صحيفة "معاريف" العبرية، لفت إلى أن "أحد أكثر الشخصيات التي يبجلها السادات كانت مدرسه الذي علمه القرأن في طفولته، وهو الشيخ عبد الحميد، وفي الكتاب بأحد مساجد القرية، تعلم السادات من عبد الحميد دروسه الأولى في معرفة الشريعة، وأحب الرئيس المصري هذه الدروس وتعلق بمعلمه". وقال حوجي "منطقة ميت أبو الكوم، مسقط رأس السادات، هي قرية متواضعة بالدلتا، هناك تشعر أن الزمان توقف عن الجريان، هناك ولد الرئيس المصري وتعرف على زوجته الأولى التي طلقها من أجل الزوجة الثانية الجميلة جيهان السادات". وأضاف "حارس منزل السادات، فتحي، حكى عن واقعة حدثت له ذات يوم مع الرئيس الأسبق، ففي ليالي نهايات الأسابيع، اعتاد السادات إبعاد الحراس عنه، وفي إحدى هذه الليالي، كان فتحي يتجول في شوارع القرية وفجأة رأى شخص ما يدق على باب إحدى السيدات العجائز، وكانت هذه المرأة هي أرملة عبد الحميد مدرس الرئيس في الماضي، وكان الزائر الذي يدق الباب هو الرئيس بنفسه". ونقل عن فتحي "لقد زار الرئيس الأرملة لتقديم المساعدة، وفهمت أنه ترك في يدها مبلغا من المال كي تتمكن من العيش، بعدها قال لي الرئيس (هل رأيت الجمل؟) فأجبت (ولا رأيت من يركبه)"، مضيفا أن "هذا مثل شعبي مصري، وأن السادات أراد أن يكون ما فعله من إحسان سرا، وألا يبوح فتحي بما شاهده لأي شخص". كما نقل عن الاستخباراتي الإسرائيلي شمعون مندس -مؤلف كتاب جهاد السادات- قوله " وفقا لرؤية السادات فإن حرب 1973 التي شنها ضدنا كانت معركة مقدسة، بدون إيمانه الشديد بالرب، كان الرئيس المصري ليتعامل بطريقة أخرى مختلفة، في كثير من القضايا على مدار مسيرته الطويلة". وأضاف مندس" هناك مثل معروف في العربية (من علمني حرفا صرت له عبدا)، في كل مرة كان يزور فيها السادات القرية كي يستريح، كان يذهب لمعلمه الذي درس له الشريعة والعقيدة الإسلاميه وحفظه القرأن وكان يجلس معه، وقبل القرارات الصعبة التي كان يتخذها السادات اعتاد الأخير الاعتكاف بالمسجد، وفي يوم الجمعة الذي سبق حرب أكتوبر، انعزل الرئيس السابق في مسجد القرية لعدة ساعات". ولفت حوجي إلى أنه"من بين الإسرائيليين الذين كانت تربطهم علاقات صداقة وطيدة مع السادات هو الرئيس الإسرائيلي الراحل إسحاق نافون"، ناقلا عن نافون قوله "السادات اعترف لي أنه خلال فترة سجنه عام 1942 بتهمة مقاومة الاحتلال البريطانية تلقى رسالة إلهية و أن الله أمره بأن مهمته على الأرض هي صنع السلام". وأضاف "نافون كان لديه العديد من الذكريات تتعلق بالسادات"، ناقلا عن الرئيس الإسرائيلي الأسبق قوله في مذكراته "السادات قال لي إنه ولد في ال24 من ديسمبر، فجرا مثل السيد المسيح، وأنه كان يتجادل ويتناقش مع الإخوان المسلمين بلغتهم، وذات يوم دعا أحد زعمائهم وهو عمر التلمساني وحذره، وقام الأخير باتهام الرئيس المصري بالكفر، فرد عليه السادات (أنا كافر؟ لو كنت كافرا، هل كان الرب ليضعني على كرسي السلطة؟ أنت كافر وإن لم تتوقف عما تفعله، سأبعث بك إلى السجن وأزورك هناك".
وقال حوجي "يقين السادات أن العناية الإلهية تحميه، يفسر لماذا تجرأ وشن حرب 1973 بشكل منفرد تقريبا، السادات علم أن نظيره السوري حافظ الأسد لديه مطامح مشابهة في محو عار حرب 1967 وإعادة هضبة الجولان لدمشق، لكنه رأى في حافظ مساعدا ثانويا، ومنذ البداية لم يثق به". وأضاف "في ال16 من أكتوبر وبعد 10 أيام على اندلاع الحرب، وقبل أن تدخل مصر في مرحلة وقف النار مع إسرائيل، وقف السادات في البرلمان وألقى خطابا ذكر فيه الرب 7 مرات". وقال "رغم ان السادات كان ورعا ومتدينا، إلا أن احتفظ بإيمانه هذا داخله، وبعد أن دخل قصر الرئاسة في سبتمبر 1970، أطلق سراح معتقلي الإخوان المسلمين كبادرة حسن نية، وبعدها سيكون أبناء هذه الحركة من أكبر أعدائه، وأحد المحرضين على إسقاطه، ولاحقا مغتاليه، في خطابه الأخير قبل اغتياله، أعلن السادات (لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين) وهو ما خالفه فيه الإخوان". ونقل حوجي عن الاستخباراتي مندس قوله" اندلعت الحرب في العاشر من شهر رمضان، وقبل الحرب بيومين، أصدر السادات تعليماته لقائد جيشه بأن يتوقف عن الصيام، هذه المعلومة وصلت لمنظومة الاستخبارات في تل أبيب، لكن لم يعط أحد ما أهمية للأمر، لو كان الإسرائيليون فهموا معنى ذلك، لكانت نواقيس الخطر قد دقت، ولكنا أوقدنا المصابيح الحمراء، التوقف عن الصيام مشابه لإزالة شبكات التمويه عن الدبابات والطائرات". وأضاف مندس"السادات خرج للحرب وهو يشعر أنه قائد في معركة جهادية؛ أي أنه يخوض مهمة كلفه بها الرب وبرعايته، اختار الرئيس المصري (معركة بدر) كاسم كودي للحرب والذي يرجع لأول معارك المسلمين ضد الكفار، كما أنه اختار شهر رمضان، ليكون موعدا للمعركة". وأضاف، " في 6 أكتوبر 1981 وبعد 8 سنوات على المعركة، نظم في القاهرة عرض عسكري سنوي خاص بذكرى الانتصار، المصريون رأوا في هذه الحرب انتصارا لأنها أعادت لهم سيناء، السادات جلس كمنتصر على المنصة وبجانبه عشرات الضيوف وأفراد الحكومة، وشاهد وسائل القتال والطائرات التي تحركت أمامه، 4 أشخاص كانوا يرتدون أزياء عسكرية، ضابط و 3جنود خرجوا من بين الصفوف وانقضوا على المنصة وفتحوا النيران". واختتم تقريره "السادات وقف أمامهم، ظن أنهم جاءوا لإلقاء السلام، تلقى عددا من طلقات الرصاص، فقد الكثير من الدماء، وتوفى، نبؤته التي قالها لابنته كاميليا تحققت، قال لها إنه سيرحل عن العالم بعد أن يكمل مهمته ورسالته، دفن السادات على بعد عدة أمتار من نفس المنصة،وعلى قبره كتب (بطل الحرب والسلام)، لقد شاهد التاريخ عددا من القيادات الكبيرة التي استعانت بإيمانها الديني من أجل إشعال الحروب، أما السادات فقد رأى في هذا الأيمان وسيلة لتحقيق السلام من أجل شعبه، كما هو مفهوم".