بعد مرور عام على اتفاقية اللجوء المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ما زال آلاف المهاجرين في اليونان وفي دول طريق البلقان المغلقة يأملون في الحصول على فرصة السفر إلى شمال أوروبا، لكن الأمل ضعيف في تحقيق ذلك. ما هي اتفاقية أروروبا و تركيا حول اللاجئين؟ أبرم الاتحاد الأوروبي، اتفاقًا تاريخيًا مع تركيا، يتم بموجبه إبعاد كل اللاجئين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية إلى تركيا، مقابل سلسلة من الإجراءات الاقتصادية المقدمة إلى أنقرة، أبرزها إعادة طرح إنضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الموافقة على تنقل مواطنيها بين دول القارة العجوز من دون تأشيرات، بالإضاقة إلى مضاعفة المبالغ المالية، بهدف تخليص أوروبا من أسوأ أزمة ضربت أركانها منذ الحرب العاليمة الثانية، وهددت تماسك كيان الاتحاد برمته. بنود الاتفاق ينص الاتفاق الأوروبي التركي على أن تستعيد أنقرة جميع اللاجئين والمهاجرين الذين عبروا إلى اليونان بطريقة غير شرعية بينهم لاجئون سوريون، في مقابل استقبال أوروبا لبعض اللاجئين السوريين من تركيا مقابل كل لاجئ يُعاد إليها من دول الاتحاد، فضلًا عن إعادة توطين اللاجئين السوريين، بالتعاون مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك في إطار منع الاتجار بالبشر وإنهاء المآسي الإنسانية في بحر إيجة. كما ينص الاتفاق على منح تركيا مزايا مالية، حيث وافق الاتحاد الأوروبي في هذا السياق على تسريع صرف مبلغ ثلاثة مليارات يورو تعهد سابقًا بدفعها إلى تركيا، إلى جانب توفير ثلاثة مليارات أخرى بحلول عام 2018. وشدد الاتفاق على إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول التكتل وتسريع محادثات عضويتها في الاتحاد الأوروبي. ووفق مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، فقد وصل منذ مطلع العام الجاري أكثر من 143 ألف شخص لليونان قادمين من تركيا. مهاجمة أردوغان للغرب حول الاتفاقية كان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، رفض أي مساومة حول مسألة اللاجئين، وقال أوغلو: "بالنسبة إلى تركيا، مسألة اللاجئين شأن يتعلق بالقيم الإنسانية والأوروبية ولا مجال للمساومة فيه". وقبيل التوقيع على الاتفاق، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أوروبا ، وقال: إنها "بحاجة إلى النظر في سجلها الخاص باللاجئين قبل أن تملي على أنقرة ما تفعله". و أضاف "أنه في الوقت الذي تستضيف فيه بلاده ثلاثة ملايين لاجئ، على أولئك الذين لا يستطيعون توفير مكان لعدد قليل من اللاجئين، والذين يتركون هؤلاء الأبرياء وسط أوروبا في أوضاع مخزية، النظر إلى أنفسهم أولاً". و تابع "إذا لم تنفذ مطالبنا فإن إعادة المهاجرين لن تكون ممكنة". لاجيء سوري عرضت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، أحد حالات اللاجئين، و هو محمد البالغ من العمر 24 عامًا جاء من سوريا، وهو ينتظر نقله إلى أوروبا الشمالية بشكل رسمي، وصل بصحبة أخيه إلى اليونان قبل فترة وجيزة من إغلاق الحدود. وعندما وصلا إلى هناك انتظرا إلى أن يأتي دورهم لتجاوز الحدود، و تمكن شقيق محمد من الانتقال إلى الجانب الآخر، ولكن في اليوم التالي تم إغلاق الحدود وبقي محمد في اليونان. وبعد الانتظار قرر عبور الحدود بصفة غير نظامية للبحث عن شقيقه، إذ قال: "نجحت في ذلك بمساعدة بعض الأصدقاء وجهاز الملاحة في هاتفي الذكي". وبالفعل وجد شقيقه في معسكر اللاجئين، إلا أنه بعد انتظار طويل على مدى شهور عاد الإثنان إلى اليونان، وقدما طلب تغيير التوطين، فتم ذلك بنجاح، لأنهما ينحدران من سوريا، حيث كان وضع لاجئين آخرين في ذلك أقل حظًا. حال اللاجئين مئات أو آلاف اللاجئين من معسكرات اللاجئين اليونانية لم يعد يُعرف عنهم شيئا، في حين وصل جزء منهم إلى بلدان شمال أوروبا، كما عاد بعضهم إلى تركيا، وآخرون في اتجاه سوريا، وخلف معسكر اللاجئين في تسالونيكي تمر بانتظام قطارات سلع باتجاه الشمال، نحو ألمانيا. اللاجئون يعيشون هنا في عربات قطارات قديمة، ويحصلون على وجبات طعام من المعسكرات القريبة، فليس لهم مال لمتابعة سفرهم وليس لهم فرصة الحصول على اللجوء في اليونان، لأن غالبيتهم من الجزائر وتونس والمغرب، جميعهم يترقبون فرصة القفز إلى داخل أحد قطارات السلع المتوجهة إلى الشمال. مهربي البشر باستطاعة بعضهم تمويل تهريبهم إلى بلد أحلامهم، ورغم اتفاقية الاتحاد الأوروبي وتركيا ومراقبة الحدود في كامل أوروبا، فقد عمل إغلاق طريق البلقان على ازدهار حركة التهريب، و تحول أحد المباني المهجورة القريب من وسط مدينة تسالونيكي إلى موقع لتجمع لاجئين مشردين. عبد الله البالغ من العمر 23 عامًا - هو لاجئ أفغاني ترعرع في باكستان، هربت عائلته قبل ولادته من حركة طالبان، وعندما شددت الحكومة الباكستانية تعاملها مع الأفغان عاد إلى أفغانستان. وبعد شهرين قرر مغادرة البلاد، ووصل إلى اليونان بعد سفر طويل ومتعب، حيث أنه حاول في البداية العبور على متن زورق من باتراس اليونانية إلى إيطاليا، لكن ألقي القبض عليه ومكث بضعة أيام في السجن. وعند إطلاق سراحه، منحته الشرطة ترخيصًا يسمح له بالإقامة شهرًا واحدًا في اليونان، ومنع عليه دخول المناطق الحدودية والعاصمة أثينا. وكانت فرصته الوحيدة تتمثل في طلب حق اللجوء في اليونان رغم أنه كان يود متابعة السفر إلى الشمال، ويقول: "ذهبت إلى أثينا ودفعت 3.400 يورو لأحد المهربين للحصول على جواز، لكن مازلت أنتظر موعد الانطلاق، إنها فرصتي الوحيدة، أريد الذهاب إلى فرنسا ومقابلة ابن عمي الذي تربى معي".