"العنف ضد الزوجة" من أخطر الظواهر التي تعكس الجانب الانحرافي للزوج في المجتمع، كما أنها تهدد البيئة الاجتماعية والأسرية، فضلًا عمّا تسببه من أضرار نفسية وجسدية للزوجة والأبناء، وما يساعد في زيادة هذه الظاهرة هو القانون الغائب الذي لم يضع عقوبة صارمة لمن يتعدى على زوجته بالضرب. أسماء مرسي صلاح (27 عامًا) زوجة وأم ل "حفصة" تبلغ من العمر عامًا ونصف، "عشت معه من أجل بنتي" كان المبرر الوحيد لاستمرارها مع زوجها كعادة الزوجة المصرية، مُتحملة أقسى أنواع العنف ضدها بدءًا من الضرب وسوء المعاملة والهجر والحرمان من زيارة أهلها وانتهاءً بالاعتداء الوحشي عليها وحبسها لمدة يومين دون طعام أو شراب، « التحرير» تواصلت معها لمعرفة قصتها. بداية القصة تزوجت "أسماء" من مصطفى رأفت محمود، الذي يعمل في استيراد وتصدير الهواتف المحمولة في عام 2014، لكن لم تدم فرحتها طويلًا، أصبح الفستان الأبيض الذي تحلم كل فتاة بارتدائه هو بوابة العبور إلى الجحيم، حيثُ أجبرها زوجها على ارتداء "الملحفة والنقاب"، ومنعها من امتلاك هاتف محمول، وعدم الذهاب لأسرتها إلا برفقة زوجها ولا تجلس معهم أكثر من ساعة، ومنعها من حضور أي حفل زفاف كل ذلك بدعوى غيرته عليها. فرض سيطرة "تحملت كل تحكماته، كان بيخليني ألبس النقاب حتى جوه بيت مامته رغم إنه مفيش غيري في البيت أنا وهي، وأنا كنت مراعية ربنا فيه، وبنفذ كل حاجة بيقولها، فرحت أوي بأول حمل وقولت هيتغير لكن القسوة والعنف بدأوا يزيدوا وكنت لازم أتحمل عشان مطلقش خصوصًا بعد ما ولدت بنتي حفصة عشان متترباش بعيد عن أبوها".. هكذا بدأت "أسماء" تروي قصتها ل «التحرير» . بداية الشك لاحظت أسماء تغير في تصرفات زوجها، بدءًا من خروجه في أي وقت دون سبب واضح وانتهاءً بإخفائه هاتفه المحمول منها، فبدأ الشك يلعب برأسها خصوصًا بعدما تفحصت هاتفه أثناء نومه ووجدت أرقام مسجلة بحروف وأسماء غريبة، فقامت بتدوينها من أجل معرفة أصحابها. التليفون والفيسبوك تابعت أسماء: «قررت أشتري تليفون من وراه وأعرف دي أرقام مين، واتأكدت إن شكي في محله وطلعت معظم الأرقام أرقام بنات، بعد كده قولت أعمل حساب على "الفيس بوك" وأكلمه كأني واحدة غريبة عشان أعرف مدى إخلاصه ليا، وبالفعل عملت صفحة باسم وهمي وضيفت بنات وولاد عشان ميكشفنيش وقعدت شهر ونص أكلمه». واصلت الزوجة حديثها قائلةً: "الكدب ملوش رجلين" و"مفيش حاجة بتستخبى" منذ 15 يومًا كنت أجلس في الصالة ودخل زوجي فجأة ووجد الهاتف بجواري، فاعترفت له بكل شئ وقلت له مبرري لكنه اتهمني ب"الخيانة"، واعتدى عليا بالضرب وربطني، وحبسني يومين دون طعام أو شراب ولم يرحمني أو يقدر أنني حامل في طفله في الشهر الثالث". الهروب من المنزل تابعت:«خوفت الجنين ينزل من كتر الضرب، والفجر سرقت منه نسخة من مفاتيح الشقة، وفي يوم خرج من البيت، وهربت واستخبيت عند جارتنا واتصلت بحد من أهلي وطلبت منهم يجيبولي هدوم ويبعتولي حد ياخدني أنا وبنتي، وفعلا جم خدوني وطلعنا على قسم شرطة سنورس وحررت المحضر رقم 8485 إداري قسم سنورس، وحولوني على المستشفى عشان أعمل تقرير طبي». الواسطة والمحسوبية "الواسطة والمحسوبية تحول دون حصولي على حقي"، واصلت أسماء قصتها قائلة "بعد ما عملت التقرير الطبي أهلي كانوا عايزين يضربوه زي ما ضربني لكن خالي قال إنه هيروح ويتكلم معاه وأخد معاه ابنه وابن عمتي لكنه اتخانق معاهم واعتدى عليهم بالضرب أيضًا وأحدث بهم إصابات ما بين كسور وجروح، بعد كده راح القسم وعمل محضر ليا ولأهلي اتهمنا فيه بسرقة 150 ألف جنيه". وقالت إنها فشلت في الوصول للنيابة بسبب "واسطة" زوجها، حيث إنّ شقيقه يعمل أمين شرطة في مديرية أمن الفيوم، وتم إخفاء التقرير الطبي من المحضر ولم يعرض على النيابة حتى الآن، حيث ماطل الجميع في ذهابها للنيابة وعرضها على الطب الشرعي حتى تشفى من جراحها ولا يوجد أثر لإصاباتها، وفق حديثها. تعنت المحامين رفض كل المحامين الدفاع عن "أسماء" وتولي قضيتها، مجاملة لعم زوجها مسؤول نقابة المحامين بسنورس، قائلين "منقدرش نقف قدام ( م. إ.ع ) ، بحسب قولها، ثم ذهبت لمديرية أمن الفيوم أملًا في لقاء مدير الأمن والاستنجاد به، ولكن الأمن منعها من الدخول من باب المديرية وفشلت في رؤية مدير الأمن. المجلس القومي للمرأة في سياق متصل، قالت ليلة طه قاسم، مقررة المجلس القومي بالفيوم، أنها سمعت عن الواقعة لكن السيدة لم تأتِ للمجلس حتى الآن، وأنّهم في انتظارها حتى يتم إتخاذ الإجراءات اللازمة، وتوكيل محامي من المجلس لها. وأوضحت أنه في مثل هذه الحالات يقوم المجلس بتوكيل محامٍ لتولي قضية الزوجة، كما أنهم يتواصلون مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة بمديرية أمن الفيوم، والنيابات المختصة من أجل ضبط الزوج وإتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وكشفت أنّ حالات العنف ضد المرأة تقلصت قليلًا عن الأيام الماضية، فقد كانت تبلغ 20% يوميًا، أما هذه الفترة أصبحت لا تتعدى حالتين أسبوعيًا.