إذا كنت قد اخترت أن تصبح مخرجًا لأن مشاهد المطاردات والمعارك وتحطيم السيارات هى أكثر ما يثيرك فلا تخجل من ذلك، وإذا كنت قد اخترت تلك المهنة لرغبتك فى الثراء والالتحاق بمجال المشاهير فلا تخجل أيضًا من ذلك، وإذا كنت ترى فى نفسك قيمة فكرية وامتلاك لوجهة نظر خاصة ترغب فى التعبير عنها من خلال أفلامك فلا تتباهى بذلك، وإذا قالوا لك إن المخرج (الجامد) هو الذى يستطيع أن يصنع أفلامًا ذات تكنيك يضاهى الأفلام الأمريكية ويحقق إيرادات كبرى فى شباك فلا تعط لهم أذنك، وإذا قالوا لك إن المخرج المهم هو المخرج الذى يصنع أفلامًا تحمل فكرًا وموقفًا فلا تلق لذلك أيضًا بالًا. تلك المقدمة كنت أبدأ بها محاضرتى الأولى فى أثناء تدريسى مادة الإخراج السينمائى فى إحدى أكاديميات الفنون الخاصة، إذا اخترت أن تكون مخرجًا يحاول كسر النمط ليقدم سينما مختلفة متجنبًا تقليد السينما الأمريكية أو السائدة أو المضمونة فاعلم أنك غالبًا سوف تعانى من أزمات مادية طوال حياتك، لأن إنتاجك من الأفلام فى الأغلب سوف يكون قليلًا، كما أن حصولك على منتج لفيلمك سيكون بمثابة معركة كبرى، خصوصًا أن أفلامك غالبًا لن تحقق إيرادات كبيرة، لكن اعلم أيضًا أن أمامك فرصة كبيرة للوجود على قائمة المخرجين العالميين، فأفلامك فى الأغلب سوف تفتح لك آفاقًا للمشاركة فى المهرجانات السينمائية الدولية مما سيتيح لك توسيع دائرة معارفك والانفتاح على سينما العالم، كما ستطوف العالم من خلال مشاركتك فى المهرجانات دون أن تتكلف جنيهًا واحدًا. وإذا لم يتحقق ذلك فيكفيك أنك تصنع أفلامًا تحبها وتنتمى إليها حتى ولو كان إنتاجك منها قليلًا. أما إذا كنت من المخرجين الحريصين فقط على أن تحقق أفلامهم إيرادات كبيرة فى شباك التذاكر فاعلم أنك فى المقابل سوف تقدم كثيرًا من التنازلات وستضع أحيانًا اسمك على أفلام تخجل منها، وتتجنب حتى ذكرها، وسوف تنزعج أحيانًا من تقييم النوع السابق ذكره من المخرجين بأنهم أكثر منك قيمة وربما تنزعج من ترشيح أفلامهم لتمثل مصر فى المهرجانات، بينما يتم تجاهل أفلامك، غير أنك فى المقابل سوف تحقق أرباحًا كبيرة، وسوف تتهافت عليك شركات الإنتاج ويتنافس عليك النجوم، وستنتهى من فيلم وأنت متعاقد على آخر. ولذا قبل أن تضع خطوتك الأولى فى مجال الأفلام عليك أولًا أن تعرف نفسك. اعرف ما من شأنه أن يحقق طموحاتك ويرضى ذاتك ويناسب شخصيتك، وأنصحك أن لا تحاول أن تكون الأذكى فتعتقد أنه بإمكانك دمج الاختيارين معًا وتحقيق المعادلة الصعبة، بل كن نفسك وتقبل عن رضا تبعات اختيارك وافرح بمكتسباتك.