على هامش التهجير تسكن قصص مرعبة تحولت لذكريات لا تبرح عقول أصحابها، كلها بلون وطعم الدم والرعب.. حكايات الترويع والقتل التي ترك على إثرها عدد من أقباط شمال سيناء منازلهم ماتزال تفاصيلها لم تخرج للعلن .. «التحرير» حاورت عددا من العائدين من الموت والخوف وتعرفت على لحظات الفزع التي عاشوها علي يد جماعات التطرف والإرهاب. عبير سعد شقيته، فقدت اثنين من أعز الناس لديها شقيقها ووالدها الذي قتلو بدم بارد أمام عينيها ووالدتها، واضطرت للفرار من جحيم الجماعات المسلحة ليستقر بها الحال في نزل شباب بالإسماعيلية مع أسر أخرى تحمل نفس المآسي.
تقول سعد وفي صوتها حشرجة الخائف« في العاشرة مساء الثلاثاء الماضي كان كل شيء يسير عاديا قبل أن نسمع طرقا على الباب، وعندما فتح شقيقي فوجئنا بعدد من الإرهابين يحملون الأسلحة الآلية والطبنجات وكانو ملثمين يقتحمون المنزل». تسترجع الأخت التفاصيل مضيفة « لن استطيع أن اصف حجم الرعب الذي انتابنا فقد قاموا بتقييد شقيقي ثم قتلوه دون ان يهتز لهم جفن، وعندما خرج والدي على صوت الرصاص قتلوا هو الآخر دون رحمة، وقاموا بسرقة محتويات المنزل من أموال وذهب». لم تستطع الأخت استكمال حديثها بعدما دخلت في نوبة بكاء شديدة، لكن بالقرب منها جلس رفعت حسني الذي أتى من العريش وبمجرد مناقشته في الأمر دخل في نوبة من البكاء لتذكره منظر ذبح لأحد المواطنين الأقباط أمام عينه بجوار مسجد الفواخرية. رفعت قال إنه كان يعمل مديرعام في ديوان عام المحافظة ونجله مدرس وكلهم تركوا اعمالهم وفروا خوفا من الإرهاب، مطالبا بسكن مناسب ووظيفة يستطيع العيش منها. المعانأة تتجسد أكثر في عيون الأطفال الذين لن ينسوا ملامح القسوة في عيون القتلة .. الطفل كارولوس اسامه، بن 13 عاما في الصف الأول الإعدادي، ودع أصدقائه في المدرسة في مشهد لن يترك ذاكرته، وقال في براءة إنه أتى إلى محافظة الإسماعيلية برفقة والديه واشقائه بعدما سمع من أهله أن هناك أناس من الأقباط يتم قتلهم وحرق منازلهم. وأضاف الطفل أنهم سمعوا قصصا بشعة عن تلك الحوادث وهو ما أصابهم بالرعب وقرروا المجيء للإسماعيلية، لافتا أنه ترك كل زملائه في المدرسة ولا يريد الرجوع إلى العريش بعدما سمع عن حوادث بشعة متمنيا أن يقيم في محافظة الاسماعيلية برفقة والديه قائلا ( نفسي يكون في أمن وأمان ونرجع لبيتنا). وقال الطفل أبانوب صاحب ال 12 عاما، قال هو الأخر إنه جاء الى الإسماعيلية برفقة والديه مضيفا «اشاهدت ناس ملثمين مسلحون يتجولون في الشارع من العناصر الإرهابية»، متمنيا أن تعود سيناء كما كانت وأن يعود إلى زملائه في المدرسة، مؤكدا حرصه على اصطحاب كتب المدرسة معه لأنه يريد أن يكون دكتور اسنان.