سمر نور من الكاتبات اللواتى تقرأ قصصهن القصيرة فتشعر بالألفة التى تبعثها ثقافتها الأدبية الرفيعة التى تلوح بين سطورها. يجتاحك هذا الشعور وأنت تقرأ قصتها "غرفة تخص صبرى وحده" عن الصنايعى النقاش الذى يرسم عالمه بالفحم على حوائط حجرته البائسة، كأنها جدارية لبابلو بيكاسو صاحب الجورنيكا. فى تلك القصة البديعة التى تضمها مجموعتها الجميلة "فى بيت مصاص دماء" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تلضم سمر خيوط حياة الصحفية الشابة راوية القصة بخيوط حياة بطلها صبرى، فتصنع لنا نسيجًا بديعًا ملونًا غاية فى الجمال والإتقان. كاتبتنا تجيد فنون القص ولولا الملامة لوقعت فى خطأ تلخيص قصصها القصيرة، ولكن مثلى لا يرتكب تلك الجريمة الشنعاء فى حق قارئه، ولا يطعن قلب كاتب يستأمنه على كنوزه الثمينة. فى قصة "فى بيت مصاص دماء" التى تحمل المجموعة اسمها، تتحدث سمر عن مصاص الدماء الذى يسيطر على الحى السكنى الذى تقطنه، وربما على الكون بأسره، ويرسل أعوانه المدربين نهارًا لمن يختارهم من الفتيات لتحويلهن إلى مصاصات للدماء، وتحكى عن بطلة قصتها التى تمردت على رغبة دراكيولا واستعصى عليه ترويضها. الدراكيولا الأسمر الشاب المبعوث إلى بطلة سمر يستيقظ متأخرًا بعد طلوع الشمس، ويقضى نهاره فى محاولة إقناعها بالخروج معه لصيد الضحايا، ولا يبدو من السرد أنه يلقى بالاً لشروط الأسطورة التى تمنع عليه الخروج نهارًا، وتلزمه بالاختباء فى التوابيت أو بإسدال الستائر التى تحجب نور الشمس. القصة، كما أراها، تتحدث عن محاولة التمرد على الحب، ورفض الانصياع له والوقوع فى حبائله. قصص سمر نور تنتمى إلى مدرسة القصة ذات الدرابزين، وهى القصة المتماسكة التى تملك قانونها ومنطقها الخاص، ولا تستغلق على قارئها، وتسمح له بالصعود إلى ذروتها مستندًا إلى درابزين سلم بنائها المتين لكى يحتمى به من السقوط فى بئر الأفكار المائعة غير الناضجة التى تقتل جمال القص. عالم كاتبتنا القصصى تكتمل ملامحه عامًا إثر آخر، ويشى بميلاد مشروع أدبى له خصوصيته. أقول هذا عن كاتبة شابة تتألق نشاطًا وحيوية كصحفية فى القسم الأدبى بجريدة الأخبار، وكمديرة لتحرير سلسلة ثلاث حواديت الصادرة عن هيئة الكتاب التى تتبنى الكتابات الجديدة للطفل، والتى أشرف برئاسة تحريرها، ولا يمنعنى هذا من الإشادة بإبداعاتها المتميزة، ولا يجرح شهادتى عن واحدة من أكثر بنات جيلها موهبة وإخلاصًا فى إتاحة الفرصة لغيرها من الكاتبات الجديدات لنشر إبداعاتهن بحب لا تشوبه ذرة من "النفسنة".