منعتنى وعكة صحية من حضور لقاء الرئيس عدلى منصور بممثلى القوى والأحزاب السياسية ورجال الإعلام والمثقفين أول من أمس. فى متابعة ما جرى فى هذا اللقاء المهم توقفت «مثل كثيرين» عند تعقيب الرئيس منصور على ما أكده بعض الحاضرين من أن الفريق السيسى هو الأنسب لقيادة البلاد فى المرحلة القادمة، عاكسين بذلك رغبة شعبية صادقة لا شك فيها. قال الرئيس منصور: «حسب معلوماتى فإن الشخصية التى تتحدثون عنها لم تتخذ قرارا بعد، وقد تتخذ قرارا مخالفا ومفاجئا». وهو ما أثار العديد من التعليقات والتخوفات لدى الكثيرين. لكنى أقرأه -جنبا إلى جنب- مع تحذير الرئيس منصور فى نفس الاجتماع للقوى الوطنية من مخاطر استمرار انقسامها الذى يمكن أن يتيح الفرصة لفاشية الإخوان وأنصارها أن يأتوا إلى البرلمان مرة أخرى بفضل ما لديهم من قدرة على الحشد والتنظيم، وربما أيضا ما يملكونه من تمويل مشبوه وما يمارسونه من ترويع وإرهاب. من ناحيتى أثق بأن حكم الشعب فى 30 يونيو بإسقاط فاشية الإخوان كان حكما حاسما، وأنه سيتأكد بصورة أكبر حين تخرج الملايين فى منتصف يناير للاستفتاء على دستور الثورة، وعلى شرعية كل الإجراءات التى تمت على طريق بناء الدولة التى كاد حكم الإخوان أن ينتهى بها إلى الكارثة الكاملة. ومع ذلك تبقى الحقيقة الأساسية التى أشار إليها الرئيس منصور والتى ينبغى أن تكون نقطة الارتكاز لحركتنا ونحن نبنى المستقبل، وهى وحدة تحالف ثورتى 25 يناير و30 يونيو. هذا هو مفتاح الموقف وأساس النجاح فى المرحلة القادمة، وبدونه لن نستطيع إنجاز مهام الثورة وسنترك لأعدائها الثغرات لكى تتسلل إلى صفوفنا وتعرقل مسيرتنا. حين يطرح السؤال حول أى الانتخابات تجرى أولا. الرئاسية أم البرلمانية؟ فإن الإجابة لن نجدها فى الكتب، بل فى الواقع الذى نعيشه. والمقياس الأساسى للوصول إلى القرار ليس فقط الحاجة إلى حسم الكثير من الأمور، واستقرار الأوضاع.. بل أيضا وأولا: أن نحافظ على هذه الوحدة الوطنية ولا نفرط فيها مطلقا. لو كان لدينا أحزاب لها وجود حقيقى لكانت الإجابة أسهل لكننا نعرف ما تعانيه أحزابنا من آثار سنوات الحصار وموت السياسة. ونعرف أن الانتخابات البرلمانية -فى ظل هذه الظروف- ستخضع لعوامل كثيرة وستشهد منغصات «وربما صراعات» عائلية وقبلية خصوصا فى الريف. وسوف تزداد آثار هذه المنافسات السلبية فى غيبة الجبهة الوطنية الواحدة التى تخوض الانتخابات بوصفها الممثل للثورة، ومع حرص الأحزاب على أن تكون الانتخابات البرلمانية مجرد خطوة على طريق انتخابات الرئاسة التى تليها وبالتالى الحرص على مهاجمة المنافسين «حتى وإن كانوا حلفاء فى الثورة» لتحطيم فرصهم فى الترشح للرئاسة. من هنا قد يكون إجراء الانتخابات الرئاسية أولا هو الأجدى فى الحفاظ على وحدة قوى الثورة، خصوصا إذا كان هناك مرشح إجماع وطنى متفق عليه، وإذا كان هذا المرشح قادرا بعد انتخابه أن يكون عاملا فى ترسيخ التوافق الوطنى بين حلفاء الثورة وبناء الجبهة التى تخوض انتخابات البرلمان معا لضرب كل أعداء الثورة وأنصار الإرهاب والفاشية الإخوانية. ويبقى سؤال آخر قد تكون الإجابة عليه عاملا أساسيا أيضا فى تحديد خطواتنا القادمة سؤال مطروح على الجميع ليقولوا لنا: هل يعتبرون الانتخابات «البرلمانية ثم الرئاسية أو العكس» هى نهاية الطريق.. أم أنها بداية العمل الجاد لإنقاذ الدولة من الكارثة التى تهددها، ولبناء النظام الذى نستطيع من خلاله تحقيق أهداف الثورة وطموح المواطنين فى لقمة العيش الحلال فى وطن حر مستقل الإرادة قادر على التقدم؟! إذا كانت الانتخابات هى بداية المعركة لبناء المستقبل، فوحدة القوى الوطنية هى السلاح الأساسى الذى لا ينبغى أن نبدده فى صراعات صغيرة أو مطامح شخصية. الكل ينبغى أن يدرك المخاطر ويتحمل المسؤولية ويسعى للتوافق.. بدءا من حزب النور، وحتى شباب مثل أحمد دومة، قد يعارض أو يختلف ولكنه يظل فى صفوف الثورة، ويظل من غير المعقول أو المقبول أن يكون فى السجن بينما «إخوان المولوتوف» الذين يذبحون أبناءنا ويطلقون الرصاص على أطفالنا ما زالوا مطلقى السراح!!